حياة كريمة.. واستدامة المساعدة!

إحدى السيدات الفضليات كانت تسهم فى صنع بعض الصدقات الجارية كأسقف المنازل ووصلات المياه بالقرى الفقيرة، أفصحت أنها لم تعد تجد فرصة لما كانت تفعله.. وأن مشروع حياة كريمة أصبح يفعل كل شىء تقريباً ويسلم الناس منازل كاملة التشطيب وفى زمن قياسى..!

الخبر نفسه بلغنى من مصادر أخرى لبعض المساهمين فى أعمال الخير كتوصيل المياه النظيفة أو الصرف الصحى فى بعض القرى بصعيد مصر.. مما يشى بأن الأمر أصبح حالة عامة لمسها الجميع بالفعل..!

هى مبادرة جديدة تحمل الكثير من المصداقية أمام النفس قبل الآخرين تلك التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عامين أو يزيد.. لكنها بدأت على أرض الواقع منذ بضعة شهور.. لتظهر نتائجها بشكل عاجل فى ردود فعل المواطنين فى تلك القرى التى وقع عليها الاختيار لتصبح فى المرحلة الأولى.

مبادرة أفضل ما فيها فى رأيى أن النظام أصبح يعترف بهؤلاء الذين يقعون تحت خط الفقر بهذا الوطن.. ويقر فيها بأنهم يحتاجون حتماً -ويستحقون قطعاً- أن يحيوا حياة آدمية كريمة.. وأن يتوافر لهم الحد الأدنى من المعيشة المقبولة!

المبادرة تبدو خياراً استراتيجياً لوطن يخوض معركته الأكبر لإعادة بنائه من جديد.. فى ظل تحديات أقل ما يقال عنها إنها غير مسبوقة فى تاريخه.. فالمعركة اليوم تتخطى حاجز العدو الظاهر إلى ما هو أبعد وأكثر خطورة.. إنها معركة ضد كل الأفكار الهدامة التى تروّج أن الدولة لا تنظر إلا للعاصمة وحدها.. وأن من يبحث عن الفقر سيجده فى أعماق القرى -وهو أمر صحيح إلى حد كبير- لا فى شوارع القاهرة.. تلك الأفكار التى تاجر بها الكثيرون عبر عقود ليضربوا شروخاً فى علاقة الدولة بالمواطن.. واستغلوا تلك الشروخ فى خلق بيئة سمحت لنموهم الشيطانى بين الناس!!

الفكرة أن المبادرة بعد أن ظهرت بقوة فى المجتمع وأصبحت واقعاً ملموساً ربما تحتاج فكراً من نوع جديد.. وتغييراً نوعياً فى أهدافها، لتصبح بداية جديدة للعلاقة بين المواطن والدولة.. بداية تعزّز من انتمائه لها عن طريق ما يُعرف «باستدامة المساعدة».

نعم.. الأمر قريب الشبه بأن نعلم الفقير كيف يصطاد بدلاً من أن نمنحه سمكة.. فيتمكن من الحصول وحده بعد ذلك على آلاف الأسماك..!

ربما تحتاج المبادرة لأن تقود فكراً جديداً لإعانة الفقراء عن طريق خلق فرص لهم للكسب والتربّح وليس عن طريق الإعانات المباشرة أو حتى توفير البنية الأساسية.

نحتاج لأن نوفر لهم التدريب والتأهيل للحرف اليدوية البسيطة.. الأمر الذى يمكن للجامعات الحكومية القيام به بسهولة ودون مقابل عن طريق كليات الهندسة والزراعة.. ودعم مشروعاتهم الصغيرة بعد ذلك بقروض ميسّرة.. على أن يتم توجيههم خلال العمل بمشروعاتهم من خلال جهاز تنمية ودعم المشروعات الصغيرة على سبيل المثال.. توجد تجربة حية فى ماليزيا لانتشال من هم تحت خط الفقر عن طريق مساعدتهم بقروض لفتح مشروعات متناهية الصغر فى منازلهم.. الأمر الذى نجح خلال عشر سنوات فى خفض عدد الفقراء إلى النصف تقريباً..!

أجمل ما فى تلك المبادرة أنها بدأت كفكرة شابة من خلال شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة.. بل ووجدت طريقها للتنفيذ من خلالهم فى معظم المحافظات!

إن شباب مصر باتوا يسهمون فى إعادة بنائها من جديد.. فتحية واجبة لتلك الفكرة.. وللقائمين على التنفيذ فى ربوع مصر كلها..!