فشل نتنياهو فكانت الحرب

فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة في الموعد المحدد. وظل نتنياهو يحاول على مدار 28 يوما، تشكيل تحالف بعد الانتخابات العامة، في 23 مارس وهي الرابعة من نوعها خلال عامين. وانقضى الموعد النهائي للتشكيل منتصف ليل الأربعاء الخامس من مايو 2021. وكلف الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، زعيم حزب "هناك مستقبل" الوسطي، يائير لابيد، بتشكيل حكومة. وهنا استجمع نتنياهو ميراثه الشخصى الذي جعله يقوى بتعزيز الانقسام واستلهم تجربة سلفة في حمل لواء اليمين المتطرف أرييل شارون الذي اثار تحرك مماثل له في تأجيج الانتفاضة الثانية عام 2000.

النقاط الساخنة

وإذا كان شارون اختار المسجد الأقصى نقطة انطلاقه فان نتنياهو الذي يشعر بانها معركته الأخيرة قرر فتح جميع الجراح التي تدعوا للانقسام الإسرائيلي الداخلي واشعال كافة خطوط الاحتكاك مع الفلسطينيين والعرب والعالم وهي:

  الشيخ جراح

يقع حي الشيخ جراح خارج أسوار البلدة القديمة في القدس مباشرة بالقرب من باب العامود الشهير، وتضم المنطقة العديد من المنازل والمباني السكنية الفلسطينية بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والقنصليات.وكانت القدس الشرقية خاضعة للأردن قبل أن تحتلها إسرائيل عام 1967 وتضمها، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي ويضع مستوطنون يهود أيديهم على منازل في الحي استناداً إلى أحكام قضائية بدعوى أن عائلات يهودية عاشت هناك وفرت خلال حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وتقول وكالة الأنباء الفرنسية إن الأردن كان قد أقام في حي الشيخ جراح مساكن لإيواء الفلسطينيين الذين هُجِروا عام 1948 ولديه عقود إيجار تثبت ذلك، وبحسب وثائق نشرتها وزارة الخارجية الأردنية، فإن الوثائق تخص 28 عائلة في حي الشيخ جراح هُجِرت بسبب حرب عام 1948.

ونسبت وكالة أنباء الأناضول التركية لمحمد الصباغ، أحد سكان الحي، القول إن معاناة السكان بدأت في عام 1972 حينما زعمت لجنة اليهود السفارديم، ولجنة كنيست إسرائيل (لجنة اليهود الأشكناز) إنهما كانتا تمتلكان الأرض التي أقيمت عليها المنازل في العام 1885.وفي شهر يوليو من العام 1972 طلبت الجمعيتان من المحكمة إخلاء 4 عائلات من منازلها في الحي بداعي "الاعتداء على أملاك الغير دون وجه حق"، بحسب الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس. وكان قد تم في عام 1970 سن قانون الشؤون القانونية والإدارية في إسرائيل، والذي نص على أن اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم استردادها. وقالت حركة السلام الآن الإسرائيلية: "إنه من المهم الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في إسرائيل عام 1948 باستعادتها، ويسمح بنقل الأصول إلى ملكية الدولة". ويذكر أن أكثر من 200 ألف مستوطن يعيشون في القدس الشرقية حيث يزيد تعداد الفلسطينيين عن 300 ألف نسمة.

البلدة القديمة

اندلعت مع بداية شهر رمضان اشتباكات ليلا بين الشرطة وفلسطينيين احتجاجا على الحواجز الأمنية خارج باب العامود، مما منعهم من التجمع هناك خلال المساء.وهى عادة فلسطين راسخة . ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية إن القوميين اليهود يعدون لمسيرة كبرى لإحياء ذكرى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في عام 1967.يون الاثنين لقطات تلفزيونية أظهرت العشرات من القوميين اليهود يلوحون بالأعلام في أنحاء المنطقة. وهي ذكرى تُعرف باسم لدى اليهود باسم يوم القدس. وعادة ما تشهد "مسيرة أعلام يوم القدس" السنوية الشباب الصهاينة يتجولون في المناطق الإسلامية، وهو ما يعتبره الفلسطينيون استفزازًا متعمدًا.

 المسجد الأقصى

تصاعد التوتر في القدس إلى أسوأ اضطرابات تشهدها المدينة بعد عام 2017 عندما اشتبكت شرطة مكافحة الشغب الإسرائيلية مع حشود كبيرة من المصلين الفلسطينيين في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك.

 عرب 48

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن النيران أضرمت في معابد يهودية وعدة محلات تجارية، بينما قالت وكالة رويترز للأنباء إن هناك تقارير عن يهود رجموا سيارة كان يقودها مواطن فلسطيني بالحجارة.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء عن فرض حالة الطوارئ في اللد. واستقدمت شرطة الحدود الإسرائيلية من الضفة الغربية.

وقالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الحكومة سلطات الطوارئ في التعامل مع فلسطيني الداخل منذ عام 1966.

غزة

تصاعدت حدة المواجهات بين مسلحين فلسطينيين في قطاع غزة والجيش الإسرائيلي بشكل كبير، فيما قالت الأمم المتحدة إنها تخشى من تحول المواجهات إلى "حرب واسعة النطاق".

وقالت إسرائيل إن أكثر من ألف صاروخ أطلقها مسلحون فلسطينيون على مدى 38 ساعة معظمها باتجاه تل أبيب. ونفذت إسرائيل مئات الضربات الجوية وأسقطت برجين في غزة الثلاثاء. وقتل ما لا يقل عن 43 فلسطينياً وستة اسرائيليين منذ يوم الاثنين. من بينهم 13 طفلا فلسطينياً. وواصلت، في غضون ذلك، جماعات فلسطينية مسلحة إطلاق قذائف صاروخية على إسرائيل. وسُمع دوي صافرات الإنذار وصافرات وقوع غارات جوية، في جميع أنحاء المدن المستهدفة، بما في ذلك تل أبيب وعسقلان وموديعين وبئر السبع. وأطلق مسلحون فلسطينيون، على مدى أيام، مئات الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية في محاولة على ما يبدو للتغلب على الدفاعات الصاروخية.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن صاروخا أطلق من قطاع غزة أصاب سيارة الأربعاء وأسفر عن مقتل شخصين أحدهما طفل. وفي وقت سابق الثلاثاء قالت حركة حماس إنها أطلقت صواريخ على تل أبيب وضواحيها ردا على "استهداف العدو لأبراج سكنية".

الكل يريد التهدئة

تصاعدت الدعوات للتهدئة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس مع تفاقم القصف الإسرائيلي على جانبي الحدود بين غزة وإسرائيل لليوم الثالث على التوالي. ودعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الأربعاء، إسرائيل والفلسطينيين إلى "ضبط النفس"، قائلا إنه "قلق جدا" من "العنف المتزايد والخسائر في صفوف المدنيين"، وحث على "وقف التصعيد بشكل عاجل". من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي للشؤون الأوروبية، إن الولايات المتحدة يجب أن تتدخل من أجل وضع حد لأعمال العنف المتجددة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضاف كليمان بون على قناة "فرانس 2" التلفزيونية: "نحن بحاجة إلى تدخل أميركي. من الواضح أنهم (الأميركيون) هم الذين ما زالوا يملكون الروافع الدبلوماسية الرئيسية حاليا، رغم أنه ينبغي لأوروبا أن تكون أكثر حضورا

ذكرت مصادر مصرية وفلسطينية رفيعة المستوى أن وفدا أمنيا مصريا وصل قطاع غزة حيث من المقرر أن يجري مشاورات مع قادة الفصائل الفلسطينية بشأن التوصل لاتفاق تهدئة ووقف إطلاق نار متبادل مع الجانب الإسرائيلي.وأشارت المصادر إلى أن الوفد المصري سيلتقي بعد ظهر اليوم قيادات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في القطاع في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي.

ويضع هذا العنف المتصاعد  الرئيس الأمريكي جو بايدن في معادلة معقدة دبلوماسيا وسياسيا، إذ يحضه الجناح اليساري في حزبه على الابتعاد بصراحة أكثر عن نتنياهو بعد الدعم المستمر الذي أبداه الرئيس السابق دونالد ترامب.

ويتعرض التصعيد الاسرائيلى مع محاولات أمريكية بناء تحالف  شرق اوسطى واسع لموجهة مخاطر مثلث الصين ايران روسيا في الشرق الأوسط والعالم عبر تبريد بؤر الصراعات القائمة والتلويح بحل الدولتين .

فهل يبقى نتنياهو؟

 قضى التصعيد الأخير سريعا على ادعاءات التقارب العربى الاسرائيلى بعد موجات التطبيع المتلاحقة التي افرزتها اتفاقات ابرام. وخلق حالة من الوحدة في الشارع الفلسطيني والعربي والعالمي حول ثوابت الحقوق الفلسطينية وعلى راسها القدس. والتي نتمنى ان يستثمرها الفلسطنيون  ، واثار هواجس امنية كثيرة في الشارع الإسرائيلي. واثار تساؤلات حول نجاعة القبة الحديدية وسائر مظاهر القوة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق الامن  بعد وصول صواريخ الى اهداف في العمق الاسرائيلى . وأسقط كثيرا من حجج اليمين الإسرائيلي المتطرف. فهل يعزز هذا من فرص تشكيل حكومة وسط في إسرائيل؟ ام سيؤدى هذا الى عودة نتنياهو وما يمثله في السياسة الإسرائيلية؟