حزب الوسط

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

سيظل حزب الوسط وسط تقاطع الشكوك فى مواقفه، وهى الحالة التى التصقت به حين أعلن قادته الخروج عن جماعة الإخوان وتأسيس الحزب الجديد منتصف تسعينات القرن الماضى، واستمرت معه وهو يعلن الخروج عما يسمى بتحالف دعم الشرعية (التابع للإخوان). وقتها -التسعينات- قال البعض إن خروج قادة الوسط من الجماعة وتأسيس الحزب مجرد مناورة هدفها الحصول على رخصة الشرعية للعمل السياسى تنضم الجماعة لها فى وقت لاحق، وأول أمس أعرب البعض عن خشيته من مناورة جديدة بخروج «الوسط» من «تحالف دعم الشرعية» كمناورة لإتاحة الفرصة لعناصر الإخوان من التسلل للبرلمان تحت عباءة الحزب فى الانتخابات المقبلة. الحقيقة أن حزب الوسط وقادته مطالبون بإعلان واضح عن موقفهم من العنف الذى مارسته جماعة الإخوان ضد الشعب المصرى ومصالح الدولة منذ 30 يونيو وحتى الآن، وإعلان رفضهم وإدانتهم لأى سياسات تنتهج العنف وسيلة للتغيير، باعتبار أن إدانة العنف وقبول الدولة الوطنية المدنية هى قاعدة الالتحاق بالمشاركة السياسية والمجتمعية وفقاً لنصوص الدستور، فضلاً عن أن الانسحاب من التحالف يقتضى التبرؤ من مواقفه الميدانية السابقة لتأكيد إدانة العنف الذى تم من قبل، وإزالة أية شكوك فى حقيقة موقف الانسحاب وما إذا كان يقتصر على المستقبل فقط. اعتقادى الشخصى أن موقف هكذا لا يمكن أن يتم الآن فى وجود المهندس أبوالعلا ماضى والأستاذ عصام سلطان داخل السجون رهن تحقيقات النيابة فى اتهامات محددة قامت عليها شبهات تقتضى التحقيق ولم تثبت بها اتهامات حتى الآن تستوجب الإحالة إلى القضاء، والمؤكد أن مواقف سياسية تصدر من خلف القضبان تظل خاضعة لشكوك عديدة وعميقة. ورغم كل ذلك فالشاهد أن إعلان حزب الوسط يمثل اختراقاً مهماً لجبهة مناهضى ثورة 30 يونيو، وخطوة متقدمة مهمة لخارطة الطريق تفتح الباب لتنوع سياسى مطلوب فى المرحلة الأخيرة من استكمال خطوات إعادة مؤسسات الدولة عبر الانتخابات البرلمانية المنتظرة بنهاية العام الحالى. واللافت أن خطوة حزب الوسط تعد الأولى من القوى المناهضة لثورة 30 يونيو، وهو -الحزب - وإن اعتمد مبرراً لموقفه «حماية ثورة 25 يناير»، إلا أن مجرد قراره بالخروج عن التحالف المناهض للشرعية يمثل اعترافاً ضمنياً بالشرعية التى رسخها الشعب بثورته ودستوره وانتخابه للرئيس. المؤكد أن قرار «الوسط» يعكس حالة عميقة من الشكوك تنتاب قادة ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» فى جدوى استمراره وإمكانية ذلك فضلاً عن انهيار ثقة أطرافه فى تواصل الشعب معهم أو القدرة على استقطاب الناس لصالح الإخوان ضد الثورة والنظام السياسى القائم، والمتوقع أن تتجه أطراف أخرى داخل التحالف فى تبنى ذات النهج بالخروج عن التحالف وأهدافه السياسية. تكريس مبادرة «الوسط» فى الواقع لا يجب أن تقف عند حدود مواقف قادة الحزب، وإنما يجب أن تنتقل للجهة الأخرى حيث الدولة المصرية بكل عناصرها المطالبة بالتعامل الإيجابى مع هذه الخطوة، وإتاحة المجال واسعاً لتفعيلها وإزالة أى شكوك من حولها، بما يتيح تحقيق اختراق مهم للواقع يضفى ألواناً أكثر على المشهد السياسى، ويؤكد التزام الثورة بأبنائها المؤمنين بالدولة الوطنية المدنية.