جوامعنا.. مسجد الميرغنية بأسوان «قبلة الصوفية» من مصر والسودان

كتب: عبد الله مشالي

جوامعنا.. مسجد الميرغنية بأسوان «قبلة الصوفية» من مصر والسودان

جوامعنا.. مسجد الميرغنية بأسوان «قبلة الصوفية» من مصر والسودان

«الميرغنية» أو كما يطلق عليه أهالي أسوان مسجد التكية، هو أحد أهم المساجد التي يقبل عليها أبناء الصوفية ليس في أسوان فقط، بل القادمين من دولة السودان الشقيقة.

بوجوه سمراء وقلوب بيضاء يجلس العشرات من المحبين والمريدين من أحباب الطريقة الميرغنية الختمية في أسوان يومياً داخل المسجد، حيث كانوا قبل انتشار فيروس كورونا المستجد ينشدون بعض الابتهالات الدينية من بينها «على النبي صلوا عليه صلوات الله عليه»، والأناشيد الخاصة بالطريقة الصوفية والتي تُعد من أشهر الطُرق في صعيد مصر عامة وأسوان خاصة،  وهي الطريقة «الميرغنية» والتي سمي المسجد بها، ولأنها تتعلق كثيراً بالطرق الصوفية السودانية زادت شعبيتها في محافظة أسوان لوجود العديد من الثقافات المتقاربة بين الأسوانيين والسودانيين.

الميرغنية اسم مشهور بأسوان

«الميرغنية» اسم اشتهر بالمشاركة في كافة الاحتفالات الدينية بأسوان من خلال الاحتفال بالهجرة والمولد النبوي الشريف والأعياد والمناسبات الدينية مثل النصف من شعبان، وحتى في رمضان أصبحت ساحتهم بمنطقة الشيخ هارون بمدينة أسوان وتحديدا في شارع الإذاعة هو قبلة للمحبين الذين يؤدون صلاة المغرب، ويتناولون بعدها وجبة الإفطار الذي لا ينقطع عن المسجد الملاصق لساحتهم، المحبين كثيرون وأهل الخير من المريدين لا ينقطعون عن تقديم الولائم خاصة في ظل قيادة الطريقة الميرغنية على يد الشيخ محمد عبد العزيز، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق بأسوان، وهو أحد أشهر الدعاة المتصوفين بأسوان، وعضو فعال في لجنة المصالحات بأسوان، لذا كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر 2016، وحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

مؤسس الطريقة الميرغنية السيد محمد الميرغني

في البداية، يقول الشيخ محمد عبد العزيز، شيخ الطريقة الميرغنية بأسوان، إن مؤسس الطريقة الميرغنية الختمية هو السيد محمد عثمان الميرغني وشهرته «الختم»، وهي إحدى الطرق الصوفية المنتشرة في مصر والسودان وأريتريا وإثيوبيا، وينتمي إلى واحدة من أسر الأشراف بمكة المكرمة وهي أسرة الميرغني.

ولد عام 1208 هجرياً بالطائف، وكان عالما كبيراً ولديه مجموعة من المؤلفات منها تاج التفاسير لكلام الملك الكبير، وهو كتاب في تفسير القرآن الكريم، ورحمة الأحد في اقتفاء أثر الرسول الصمد، ورحمة المنان في اقتفاء أثر ابن عدنان، والوعظ الثمين في تعمير أعصار رمضان الثلاثين وهو كتاب في الوعظ، ومصباح الأسرار في سيرة النبي المختار، وغنية الصوفية في علم العربية.

مسجد وساحة الميرغنية «تكية»

وتابع «عبدالعزيز»، قبل الكورونا وانتشارها كان لدينا في الميرغنية «تكية»، وهي عبارة عن استراحة لكل المغتربين من شتى بقاع العالم بالمنطقة المحيطة بمسجد الميرغنية، وفيها يتم تقديم كافة الدعم من أكل وشرب ومبيت وخدمة لكل المحبين والمريدين القادمين لأسوان، خاصة من أبناء أفريقيا، وهي موجودة من عشرات السنين، والتكية هي مكان لخدمة عابري السبيل التي أنشأتها وزارة الأوقاف في مكة وتخدم الحجاج والمعتمرين لبيت الله الحرام.

توزيع وجبات الإفطار يوميا قبل كورونا

 أما عن الإفطار في شهر رمضان قبل أزمة وباء كورونا، فأوضح «عبد العزيز»، كنا نقدمه بصورة يومية لكل الضيوف، و«مش كدة وبس، كمان عندنا أبنائنا وبناتنا يقدمون كل يوم خميس في رمضان 250 وجبة رمضانية، تشمل سندوتشات وعصير وبلح ويتم توزيعه على عابري السبيل في عدة مناطق بمدينة أسوان، خاصة في الميادين العامة أمام مستشفى أسوان الجامعي وأمام ميدان المحطة وغيرهما في أسوان، وبذلك في نهاية الشهر يتم توزيع ألف وجبة رمضانية على الصائمين بأسوان، هذا الدعم يكون مننا كمحبين وعاشقين للطريقة الميرغنية التي تجمعنا دائماً على الخير والحب ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم».

الشيخ خالد الدسوقي، أحد شيوخ ومنشدي الطريقة الميرغنية بأسوان، تناول أطراف الحديث قائلاً: «الكل هنا يحب بعضهم بعضا، واجتماعهم دائما في الخير على ذكر الله والأوراد الدينية عقب كل صلاة وذلك قبل كورونا، وختمة القرآن الكريم كل جمعة وكمان نحيي الليالي للمحبين ببلاش بدون أي مقابل، حيث يوفر المحب سيارة فقط ونجمع بعضنا محبين من 10 إلى 14 فردا، ونحيي له ليلته ومناسبته العطرة سواء فرح إسلامي أو حتى ذهابه أو وصوله من أداء فريضة الحج وغيرها من المناسبات السعيدة، فنجتمع على الخير والطاعة ونترك بعضنا على نفس الشيء».

رمضان نزداد خيرا

وتابع «الدسوقي»: كنا في رمضان قبل انتشار كورونا وقبل الإجراءات الاحترازية، نقدم الوجبات والإفطار طوال الشهر، وفي ليلة من الليالي نختارها في وسط شهر رمضان لإقامة ندوة دينية كبرى، والإفطار يكون مقسوم على نصفين، القسم الأول يطبخه داخل الساحة الميرغنية من ذبح ذبائح وطهي، والقسم الآخر يتولاه المحبون من أهالي منطقة الشيخ هارون، عبر إخراج موائد مليئة بخيرات الله الجميلة مما لذ وطاب في المنازل العامرة، والتي تشمل اللحوم والدواجن والبط والنواشف والعصائر الأسوانية كالكرديه والدوم والتمر الهندي والسوبيا والمانجو والجوافة والبرتقال، وتوزع على الضيوف الذين يتوافدون بالمئات لتناول الإفطار الجماعي السنوي، ومن بينهم القيادات الشعبية والتنفيذية والدينية بأسوان.

وليد: رمضان غير في «الميرغنية»

الدكتور وليد عوض الله، أحد المحبين وعشاق الطريقة الميرغنية بأسوان، يقول «في رمضان عندنا في الميرغنية له طعم تاني، الأجواء الدينية المصحوبة بالأناشيد والتراويح والدعاء والإفطار مع المحبين في مسجد الميرغنية بمنطقة  الشيخ هارون بأسوان له طعم خاص، فهو حقاً رمضان أحلى مع الميرغنية، والأهل والأحباب يتزاورون ويسلمون على بعضهم البعض ويجتمعون على الخير في رمضان».

كما أن المسجد له أنوار وروحانيات جميلة ويتذكرون من كان قبلهم ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة وأهم ليلة عندنا في رمضان هي ليلة الندوة الكبيرة التي يشارك فيها كبار العلماء وشيوخ الأزهر والأوقاف، ويلقون فيها الدروس الدينية داخل المسجد ويتم تقديم الحلويات والمشروبات الباردة والعصائر للضيوف فى يوم إيماني جميل.


مواضيع متعلقة