حرب المثلثات في الشرق الأوسط

تشكلت ملامح الصراع القادم في الشرق الأوسط بين مثلثين الأول كما اسماه المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني أمريكي عبري عربي والثاني صيني روسي إيراني والمثلث الأول هو جزء من سياسة أمريكية جديدة في العالم تقوم على فكرة الاقواس والأسهم لمحاصرة وضرب القوى الساعية لتقويض الدور الأمريكي في قيادة العالم. والتحركات الأخيرة المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط تكشف خطوات متسارعة لجمع اضلاع كل مثلث في مواجه المثلث الاخر. والمثلث الثاني هو تلاقى مصالح بين الصين وإيران وروسيا تبلور في اتفاق استراتيجي بين الصين وإيران وزيارات متبادلة وتنسيق روسي إيراني في اغلب ملفات المنطقة الساخنة.

المثلث الأول: تبريد الملفات الساخنة.

تعمل الولايات المتحدة بإيقاع متسارع لتبريد الملفات الساخنة بغرض بناء تحالف اقوى مع ضلعي المثلث الاخرين والتي لها ميزات نسبية في التعامل معها وهما إسرائيل والعالم العربي. فعلى مستوى الصراع العربي الإسرائيلي عادت لتكرر النغمة القديمة بتفضيل حل الدولتين وسمحت بتقريب وجهات النظر بين حماس والسلطة الفلسطينية واعادت الدعم للسلطة واوعزت بتمرير مشاعات لقطاع غزة. وشجعت المصالحة الخليجية وتعمل على إيجاد مخرج للحرب اليمنية وستسحب ما تبقى من قواتها في العراق مقابل اتفاق استراتيجي يؤكد على خروج حلفاء إيران من العراق. وتفاوض النظام السوري للبقاء مقابل خروج إيران وتقليل الاعتماد على روسيا وتضغط في لبنان لتشكيل حكومة غير خاضعة لنفوذ حزب الله. وتتقارب من الموقف المصري في ازمة سد النهضة والتقارب المصري التركي وتدعم حكومة موحدة في ليبيا. وتسعى لتخفيف ضغط حركة النهضة على مفاصل الحكم في تونس. وتستمر في دعم الحل المغربي لمشكلة الصحراء وتخفيف حدة المواجهة مع الجزائر في هذا الملف. وتستثمر اتفاق التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية لتقوية اضلاع هذا المثلث من الخليج الى المحيط. وتقوم مع هذا بتوجيه سهام ضربات سياسية – التلويح بالعودة الى الاتفاق النووي مع إيران – واقتصادية – العقوبات _ وتوجيه موجات من الحرب الرقمية للجميع وعسكرية –مثل هجوم نتنز الذي قال عنه مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون العسكرية اللواء حسين دهقان، إن هجوم نتنز حدث ضمن إطار المثلث العبري العربي الأمريكي، مشيرا إلى أن بلاده ستزيد مدى صواريخها بحسب نوع التهديد الذي يحدق بها.

وأضاف دهقان في حديث لقناة "المسيرة" اليمنية أن "إيران على أهبة الاستعداد لمواجهة أي خطر أو عدوان، وترصد جميع التحركات المعادية، وقد قطعنا أشواطا كبيرة في جميع القطاعات العسكرية ولدينا خطط لمواجهة أي عدوان وأكد أن "القدرة الصاروخية الإيرانية خط أحمر ولا يمكن التفاوض بشأنها وهذا الأمر أصبح منتهيا، مشيرا إلى أن زيادة مدى الصواريخ الإيرانية مرتبط بالتهديد، وسنزيد مدى صواريخنا بحسب نوع التهديد الذي يحدق بنا".

المثلث الثاني: التعاون العملي

تتلاقى مصالح اضلاع المثلث الثاني في النفاذ الى منطقة الشرق الأوسط وتتكامل قواها في تحقيق أهدافها في معادلة النفوذ الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة. عبر القوة السياسية لروسيا والقوة الأيديولوجية لإيران وقاعدة التعاون الاقتصادي واسع المدى الذي تعززه الصين كل يوم على الأرض العربية ففي 24 مارس الماضي، انطلق عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في زيارة لست دول شرق أوسطية هي المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران والإمارات والبحرين وعمان، مما أظهر إشارة إلى تعزيز تعاون الصين مع دول الشرق الأوسط ومساهمتها بالطاقة الإيجابية في السلام والتنمية الإقليميين.

  ويعتبر الموقع الاستراتيجي للشرق الأوسط في غاية الأهمية، حيث لطالما كان مركزا يربط بين الحضارات الشرقية والغربية، كما أنه حجر الأساس لطريق الحرير القديم، وقد شهد هذا الطريق التجاري القديم تاريخ التبادلات الودية بين الصين ودول الشرق الأوسط لأكثر من 2000 عام. وفي العصر الجديد، وبتوجيه مبادرة "الحزام والطريق"، فتح فصل جديد في التبادلات الودية والتعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط . وفي عام 2014، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابا هاما في حفل افتتاح المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، ووجه لأول مرة دعوة إلى الشرق الأوسط لبناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك. وحتى الآن، وقعت الصين اتفاقيات مع معظم دول الشرق الأوسط لبناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك، وأسفر التعاون عن نتائج مثمرة.

حرب نحن وقودها فهل نطالب بثمن الوقود

وقود حرب المثلثات في الشرق الأوسط هو العالم العربي بموقعه وتاريخه وثقافته واديانه وموارده وشعوبه. وهي حرب لا نقاه لنا فيها ولا جمل فكل طرف يسعى لتحقيق أهدافه على حسابنا فالولايات المتحدة الامريكية تريدنا حائط صد ضد مناوئتها والصين تريد ان تبنى الحزام حولنا وتجعلنا جزءا من طريقها الإمبراطوري القادم. وروسيا تطمع في وجود ضاغط على الولايات المتحدة وحلفائها. وإسرائيل توظف الظرف الدولي الراهن في التمكين لمشروعها الصهيوني في المنطقة والعالم. وهو ما يجعلنا في أكثر التحليلات تفاؤلا وقودا لهذه الحرب فهل لنا نطمع في المطالبة بثمن الوقود؟