متحف النسيج المصرى.. تاريخ على قطعة قماش

متحف النسيج المصرى.. تاريخ على قطعة قماش
لو أردت أن تعرف مدى تطور مصر عبر تاريخها، فانظر ماذا كنا نرتدى، فطوال عصور طويلة مرت على مصر استطاع كل عصر منها أن يميز نفسه بطرز وألوان وأشكال مختلفة من النسيج تم جمعها جميعاً فى مكان واحد هو متحف النسيج المصرى.
«سبيل محمد على» هو اسمه القديم، بناه والى مصر محمد على باشا، تكريماً لابنه إسماعيل عندما توفى فى السودان، وأنشأ إلى جواره مدرسة لتعليم المهندسين فنون المعمار، المتحف بنى على الطريقة العثمانية، وهى طريقة بناء تهتم بالرخام الأبيض وتعشيقاته فى الأعمدة والأرضيات، بالإضافة للزخارف التى تظهر على شبابيك المتحف المطرزة بالذهب والواجهات التى كتب عليها بالخط العربى أبيات من الشعر العثمانى.
تذكرة الدخول بجنيهين، تدفعهما وأنت تتوقع أن تراه مزدحماً لقلة ثمن التذكرة، لكنك ستفاجأ بأن المكان خالٍ وتستطيع أن تتجول بين قاعاته بدون أن يزعجك صوت أحد.
غرف المتحف كبيرة كل منها تمثل حقبة تاريخية مهمة فى تاريخ مصر ابتداءً بالعصر الفرعونى وحتى كسوة الكعبة المقدمة من الملك فاروق فى عام 42 مروراً بالعصر الرومانى واليونانى والقبطى والإسلامى «أموى وعباسى وفاطمى وأيوبى» وحتى المماليك والعصر العثمانى.
المكان مكيف بدرجة كبيرة لكى تحافظ على نسبة رطوبة مخصصة للحفاظ على الأقمشة والمنسوجات، ملاءات للسرير ومفارش للسفرة وحفاضات لأطفال كلها من الكتان المصرى، فقد كان أكثر استخداماً فى ذلك الوقت.
كل قطعة قماش فى المتحف وضع عليها رقم وبيان يشرح ما هو وأين اكتشف ولمن يكون والخامات المستخدمة فيه، مع لوحة استرشادية فى كل قاعة تحكى تاريخ صناعة النسيج فى كل عصر، وحين تنتهى من القاعة الفرعونية تبدأ التجول فى القاعات الأخرى ليصيبك الاندهاش فى كل مرة وأحياناً تجد مجسمات لعمال يغزلون على آلات ومعدات الصنعة لتوضيح شكل الآلات المستخدمة فى كل عصر.
قبل أن تصل لنهاية المتحف تمر على قاعة العصر المملوكى لتنبهك بأن مصر فى العهد المملوكى كانت من أكبر مصدرى المنسوجات فى العالم وأن الصين وإيطاليا وإسبانيا غزت الأسواق المصرية، حتى إن الصين كانت تغزل الأثواب بنقوش عربية وإسلامية حتى تستطيع جذب الأسواق إليها ولكن مع ذلك ظلت الصناعة المصرية قوية فى مواجهة هذا الغزو.
فى القاعة الأخيرة من المتحف تجد كسوة الكعبة المقدمة من ملك مصر والسودان، الملك فاروق الأول، إلى ملك السعودية، الملك عبدالعزيز آل سعود، تتمنى لو أنك تستشعر ملمس تلك القطعة التى يفوح منها عطر روحانى يملأ المكان وكأن خيوطها الذهبية والفضية وحريرها وقطيفتها تتشارك معا لتشعرك برهبة القطعة ورهبة من صُنعت لأجله.