الجارالله: الغارات الجوية الأمريكية لا تكفي للقضاء على "داعش"

كتب: بهاء الدين محمد

الجارالله: الغارات الجوية الأمريكية لا تكفي للقضاء على "داعش"

الجارالله: الغارات الجوية الأمريكية لا تكفي للقضاء على "داعش"

أكد الكاتب الكويتي الكبير، أحمد الجارالله، رئيس تحرير صحيفة "السياسة الكويتية"، في افتتاحية الصحفية في عددها الصادر اليوم، أن الغارات الجوية الأمريكية التي استهدفت بعض معاقل تنظيم "داعش"، غير كافية للقضاء على هذه الجماعة وظاهرة الإرهاب التي تهدد العالم اليوم، موضحًا أن قيام الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة باستغلال الإرهاب لتحقيق مكاسب سياسية، ساهم في انتشار الإرهاب. وتابع: "يخطئ من يتصور أن خطر "داعش" وبقية الجماعات الإرهابية ينحصر في العراق وسوريا، ويخطئ أكثر من يتوهم قدرته على استثمارها لتحقيق مكاسب ما في هذه المنطقة أو تلك، فهذه الآفة تهدد كل المجتمعات الإنسانية، من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، لذلك إذا لم تكن الحرب عليها أممية ستتسع أكثر لتشمل العالم كله، وتكون سببًا في ولادة جماعات متطرفة من كل الأديان والمجتمعات". ودعا "الجار الله" دول العالم إلى الاتفاق مرة واحدة على أمر من أجل الإنسانية، وتتخلى عن مصالحها الضيقة كي لا تشرب من كأس الإرهاب مرة أخرى، وتهدر آلاف الأرواح على مذابح الصفقات والضغط، فالمناظر الفظيعة التي تتناقلها وسائل الإعلام عن المجازر التي يرتكبها "داعش" في العراق وسوريا، وموجات التهجير الجماعي والاستئصال لن تبقى حبيسة حدود هاتين الدولتين، بل هي تهديد للإنسانية جمعاء، وهذا ما نبه منه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رسالته الأخيرة إلى العالم، بل هو كان السباق إلى إدراك هذا الخطر حين سعى إلى إنشاء المركز الدولي لمكافحة الارهاب قبل نحو عقد من الزمن. وأعرب رئيس تحرير "السياسة الكويتية"، أنه "للأسف لم يستغل العالم هذا المركز للقضاء على الآفة، بل على العكس ساعد بعض الدول على اتساع رقعتها، تحت شعار (حقوق الانسان) وغيره من الشعارات التي حدت من مكافحتها إلى أن ظهر هذا النموذج المتوحش الذي لا يمثل أي دين أو معتقد، واليوم تبدو تلك القوى تعود سيرتها الأولى، أكان بالإجراءات التي اتخذتها، أو دعوتها إلى تفريغ بعض الدول من سكانها الأصليين بحجة حمايتهم". وأضاف: "هنا نسأل: هل تكفي الإدانة، ورمي المساعدات الغذائية من الجو على جبل سنجار لرد عدوان الهمجية (الداعشية) عن الإنسانية؟، ألا يعني إجلاء الناس من أوطانها اعترافًا بهزيمة العالم أمام تلك العصابات الإرهابية، وهل غض النظر عن النفط (الداعشي) المهرب إلى بعض الدول يجعل هذه الجماعة الإرهابية تكف شرها عن بقية المجتمعات؟". واعتبر أن من يعتقد ذلك فهو مخطئ ولم يتعلم من دروس الماضي، وبخاصة بعض الدول الكبرى التي ساهمت في انتشار هذا الإرهاب، لأنها جعلت منه استثمارًا لتحقيق المزيد من المكاسب، لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا أيضًا، فكلها استخدمت أسامة بن لادن وجماعته أداة لابتزاز العالمين العربي والإسلامي، وتحديدًا دول النفط، إلى أن انقلب عليها في 11 سبتمبر 2001 ونفذت عصابته واحدة من أفظع عمليات الإرهاب التي باتت علامة فارقة في تاريخ العالم وليس الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. ولفت إلى أنه طوال 13 عامًا ارتكبت تلك الدول العديد الأخطاء، فبدلًا من مواجهة حقيقية شاملة، عسكرية وأمنية، تنهي هذا الكابوس، عملت بطريقة غير مباشرة على تعزيزه وها هي تكررها اليوم، إذ سلكت الطريق التي يمكن أن تزيد قوة تلك الجماعات عبر الاكتفاء بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي ( القرار 2170) متوهمة أنه يمنع أوكسجين الحياة عن وليد "القاعدة" المسمى "داعش" وبقية العائلة الإرهابية، واعتقادها أن بضع غارات جوية يمكن أن تقطع رأس الأفعى. واعتبر "الجار الله" كل هذه الإجراءات مسكنات لا تعالج المرض الآخذ في الانتشار، وقد بدأ يقرع أبواب أوروبا والغرب بقوة، وأقرب الأمثلة على ذلك ما جرى قبل أيام في لندن حيث وزعت منشورات تدعو الناس للهجرة إلى ما يسمى "دولة الخلافة"، بالإضافة إلى صور لأطفال أوروبيين وغربيين في العراق يحملون رؤوسًا مقطوعة، فكل هذا بداية لانتشار فيروس الوحشية في المجتمعات الغربية. وشدد على أن كل هذا كان نتيجة للأخطاء التي ارتكبت طوال ربع القرن الماضي في معالجة هذه الآفة، خصوصًا عدم الإصغاء الى الأصوات العربية والإسلامية المحذرة من مغبة احتماء المتطرفين خلف قناع حقوق الإنسان لنشر أفكارهم، والبيئة الأوروبية الحاضنة لهم، التي لم تدرك المخاطر رغم أن العديد من تلك اكتوت بنار هؤلاء، إذ لا تزال التفجيرات التي هزت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين حاضرة في الأذهان، بل أن كوابيس لوكيربي والملهى البرليني وتفجيرات الخبر والعمليات الإرهابية في بعض المدن السعودية وغيرها، لا تزال تؤرق الكثير من الأسر في العالم، ولذلك ليست الحرب على الإرهاب ترفًا، أو شعارًا يمكن الاختباء خلفه لتحقيق مصلحة ما، إنه ضرورة وجودية للعديد من المجتمعات في العالم. واختتم الكاتب مقاله بقوله: "هذه الحقيقة يجب أن تدركها القوى الكبرى، قبل تلك المحدودة القوى، وأن تسعى إلى وضع استراتيجية موحدة ليس للحد من مخاطر الجماعات المتطرفة، بل لمقاتلتها في حرب أممية عليها، تمامًا كما كانت الحال مع الحرب على النازية".