رئيسة مدينة طهطا تروي كواليس تلاحم الأهالي والتنفيذيين في حادث قطاري سوهاج (حوار)

كتب: إلهام زيدان

رئيسة مدينة طهطا تروي كواليس تلاحم الأهالي والتنفيذيين في حادث قطاري سوهاج (حوار)

رئيسة مدينة طهطا تروي كواليس تلاحم الأهالي والتنفيذيين في حادث قطاري سوهاج (حوار)

كشف حادث قطار سوهاج الأليم، الذي وقع يوم الجمعة الماضي، عن معدن الإنسان المصري والصعيدي وقدرة المرأة في التصدي للأزمات، مؤكدًا أهمية تلاحم الجهات الرسمية مع أفراد الشعب، للخروج من الأزمات.

فريدة سلام، رئيسة مركز ومدينة طهطا بمحافظة سوهاج، التي تنتمي لأهالي المركز الذي وقع به الحادث، تروي في حوارها لـ«الوطن» كواليس ما جرى، والدروس المستفادة من الحادثة الأليمة.. وإليكم نص الحوار:

- ماذا جرى خلف كواليس حادث قطار سوهاج؟

البداية كانت الساعة 11.40 ظهرًا، حيث اصطدام القطار العادي رقم 157 والذي كان مخزنا على السكة الحديد في قرية الصوامعة غرب التابعة لطهطا، وصدمه من الخلف القطار 2011 القادم من أسوان، وبمجرد ما تلقينا بلاغ بالحادثة تواصلنا مع الأهالي، وكان الوقت مع بدء صلاة الجمعة، وفريق العمل والأهالي في الصلاة، وتواصلنا مع مدير الإسعاف وتحرك بـ15 سيارة من اللحظة الأولى، ودخلنا من طريق ترابي بجوار الترعة لكي نصل إلى السكة الحديد.

- ما هي التحديات التي واجهتكم؟

الوضع الجغرافي في المكان كان صعب جدًا، لأن خط السكة الحديد الذي وقعت فيه الحادثة لا يوجد به أي كباري، وتحيط به منطقة زراعية من الجهتين، كما تفصل ترعة من الجانبين بين السكة الحديد والكتلة السكانية، ولكي يصل الأهالي إلى موقع الحادثة كانوا في حاجة إلى معدية، كما أن المكان مترامي، فكنا أمام بيئة شديدة الصعوبة في التعامل معها، ولكي نتمكن من الدخول بسيارات الإسعاف كنا نسير على خط ترابي رفيع، طوله 3 كيلومترات، لأن سيارات الإسعاف لا تستطيع المرور فوق القضبان، ولا سبيل للوصول إلى مكان الحادث إلا بوضع إفلاق النخيل أو العبور فوق المزلقان ثم السير 3 كيلومترات فوق القضبان.

وأحضرنا على الفور 2 لودر وقلابات، وردمنا شريط مواز للسكة الحديد من الترعة لكي تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى موقع الحادثة، وفي الأثناء كان الأهالي يضعون إفلاق خشب من ناحية المنازل لتوصيله إلى بيوت الأهالي، أما أصحاب الحالات المتردية فيتم نقله إلى سيارة الإسعاف، والكراسي كانت مقلوبة على الناس، فكنا ندخل لتقطيع الحديد لإخراج الضحايا.

- إلى أي مدى كان تعاون الأهالي معكم؟

شباب البلد كان يساعدون الجرحى في النزول، ونحن نعاونهم لنقل المصابين إلى سيارات الإسعاف، والأولوية كانت لإسعاف الأشخاص الذين تأكدنا من أنهم على قيد الحياة، أما حالات الوفاة التي تأكدنا منها فكنا نغطيها على أن يقف على حراستها أحد الأفراد، وفي هذا الوقت تواصلت مع مدير التضامن الاجتماعي بطهطا، ووفر 10 سيارات نقل الموتى، بالتنسيق مع وزارة الصحة؛ ليتم النقل بشكل رسمي.

ووصلت لنا أيضا 35 سيارة إسعاف من طما والمراغة، وكل ذلك كان يتم بالتعاون مع شباب طهطا الذين وظفوا مواقع التواصل الاجتماعي؛ لعرض صور المصابين والمتوفين، ليتمكن ذويهم من التعرف عليهم، لأن الأشلاء وبطاقات إثبات الشخصية كانت متناثرة، فكان يصعب علينا التعرف على هوية الأشخاص، أبناء الصوامعة بذلوا مجهود رائع، وأياديهم كانت في أيادي الحماية المدنية، وهؤلاء الشباب أحضروا ماكينات الديزل لتوصيل الكهرباء للمكان لإنارة المكان ليلًا، لأنه لا يوجد كهرباء ولم يكن بجواره مصدر طافة، فزرعنا أعمدة بين قضبان السكك الحديد لتوصيل الكهرباء وإنارة مكان الحادثة ليلا.

- وهل كان عدد الأهالي الذين عاونوكم كافيا؟

فريق العمل كان قليل العدد لأن الناس مازالت متواجدة في صلاة الجمعة، وفي وسط تأثر الناس ومطلوب منا توثيق الأحداث خوفا من إلصاق تهمة التقصير بنا، وفي الوقت نفسه كنت أقدر مشاعر الناس الذين ربما لا يتفهمون الغرض من التوثيق، الرقابة الإدارية طلبت التصوير، وهذا غير أننا كنا في حاجة إلى الشخص الموكول له أمر التصوير، وكنت أرفع الجرحى مع الشباب أحضرنا أنابيب الأكسجين، ودخلنا القطارات لتقطيع الكراسي التي دخلت أجزاءها في أجسام الناس وطلبت باقِ الموظفين في أسرع وقت، وجاءوا بالجلباب سريعًا للمساعدة في رفع الضحايا وتوليت مسؤوليتي في طهطا من شهرين، وننظم لقاءات جماهيرية.

- وماذا عن كواليس التبرع بالدم والإسعافات الأولية؟

الأهالي كانوا يرغبون في التبرع بالدم في مكان الحادث وبعده مباشرة وطلبوا منى إحضار الأطباء لأخذ تبرعات الدم، وأنها رفضت إلا أن يكون التبرع تحت إشراف طبي للتأكد من سلامة المتبرعين، إلا أنها أجلت التبرع لحين استدعاء سيارتين لنقل الراغبين في التبرع إلى المستشفى وأخذ التبرعات بطريقة سليمة.

- ماذا عن المصابين من خارج البلد؟

أغلب المصابين من أهل البلد، والمتوفين كان معظمهم من نجع حمادي وأسيوط، كان عدد المصابين 185 مصابا، خلال ساعة انتهينا من نقل جميع المصابين والمتوفين، قبل وصول الحالات إلى المستشفى طلبنا من التضامن الاجتماعي عمل مخيمات احتياطي للمرضى، في هذا التوقيت طلبوا استغاثات وتبرعات بالدعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن المستشفى بها كمية كبير، لكن لارتفاع عدد المصابين ولأول مرة أشعر بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي، وتبارى المتبرعين شباب وفتيات وكان عدد الفتيات أكبر من عدد الشباب، وجمعنا خلال وقت 6000 كيس دم في مستشفى طهطا في خلال ساعة، حتى أن مدير المستشفى قالي مش لاقى أكياس أخد فيها التبرعات بالدم. أما المصابين من الضيوف من خارج أبناء المدينة نالوا رعاية إضافية، الأهالي كان «بيتخانقوا على استضافتهم».

- ما دلالة هذه التصرفات؟

تدل على الوطنية الحقيقة، حادثة قطار سوهاج أظهرت المعدن الحقيقي لأبناء الصعيد، السيدات كانت تجهز الأكل في أكياس وتنزل به على المستشفيات، كان لهم دور الأهالي القرب إلى المحطة تلقوا المصابين وغسلوا وجههم شربوهم ماء وعصير ، ومطاعم طهطا كلها طلعت الوجبات لتوزعها على الناس في الشوارع، دعوتنا كانت التبرع بالدم فوجدنا أن كل واحد من الأهالي يفعل ما في وسعه، أصحاب الشقق أبدوا استعدادهم لاستضافة المصابين في بيوتهم المجهزة للمغتربين، من أصحاب الإصابات الخفيفة، كل ذلك كان عبر مواقع التواصل الاجتماعي في التو واللحظة، بعض المتبرعين رفضوا ذكر اسمائهم خلال تبرعهم بالدم وبالطعام للناس إمام مسجد فرش المسجد بالمراتب الإسفنج في طهطا وترك جزء للصلاة، ليكون جاهز لاستقبال المصابين.

- أنتِ كسيدة.. هل تعتقدين أنكم تمكنت من التعامل مع الموقف؟

أخذنا الصدمة الأولى للحادث، وكنا ممثلين كافة أجهزة الدولة في مواجهة الأهالي الناس كانت تتعامل معنا على أننا كل الدولة كما تابعنا حركة المواصلات حتى لا يتم استغلال المواطنين، وبالفعل أحد السائقين استغل الظروف وتم سحب الرخصة منه، فقضينا 18 ساعة في الموقع من العمل لحين عودة حركة القطارات إلى وضعها.

- ما الدروس المستفادة من الحادثة؟

أتمنى ألا تحدث واقعة مثل هذه الواقعة على مستوى جمهورية مصر العربية، لكن هذه الواقعة بينت معادن الناس، وأشعرتنا كمسؤولين أننا لا نعمل في معزل عن الناس، والأهالي أقوياء ومصر أقويا بأهلها، سنعرض احتياجاتنا الأساسية في أقرب اجتماع مع المحافظ، وأنا سأطلب تجهيزات قوية، منها كوبري مطاطي نظرا للبيئة الصعبة التي كنا فيها، يصلح لعبور المسطحات المائية، وأوناش ضخمة، فأنا أعبر عن الدولة، وأريد أن أكون قوية بأدواتي أيضا لأن المحافظة في مواجهة الموطن.

- وماذا عن حالة المصابين حاليا؟

المصابون أغلبهم عادوا إلى بيوتهم، وباقِ 16 حالة في مستشفى طهطا إلى أمس، أغلبهم كسور في الأطراف، وإصابات في الرأس، من ضمنهم حالة فاقد النطق من هول الصدمة، وتعامل معه الطبيب النفسي، وبدأ يسترد النطق، والحالات الحرجة بدأ تحويلها إلى مستشفى سوهاج الجامعي.


مواضيع متعلقة