كلمة رئيس الوزراء اليوم بالأمم المتحدة: قلقون من تطورات السد الإثيوبي

كلمة رئيس الوزراء اليوم بالأمم المتحدة: قلقون من تطورات السد الإثيوبي
- كلمة رئيس الوزراء اليوم
- السد الإثيوبي
- مفاوضات السد الإثيوبي
- ملء سد النهضة
- كلمة رئيس الوزراء اليوم
- السد الإثيوبي
- مفاوضات السد الإثيوبي
- ملء سد النهضة
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الخميس، كلمة مصر في الاجتماع رفيع المستوى الذي عُقد بالجمعية العامة للأمم المتحدة حول المياه، وتنشر «الوطن» كلمة رئيس الوزراء اليوم، التي تضمنت قلق مصر من عدم التوصل لاتفاق عادل بشأن السد الإثيوبي.
كلمة رئيس الوزراء اليوم: النيل يهب الحياة للمصريين
واستهلت كلمة رئيس الوزراء، اليوم الخميس، بتقديم التحية لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسكرتير عام الأمم المتحدة، معربًا عن سعادته لمشاركته في هذا الاجتماع؛ لإلقاء كلمة مصر من على ضفاف نهر النيل، مؤكدًا أن هذا النهر الخالد، الذي قامت على خيراته حضارات ألهمت الإنسانية وتركت علامات في التاريخ لم يَمحُها مرور الزمن، وأن هذا النهر العظيم يهب الحياة لملايين المصريين وتعيش على ثرواته شعوب وادي النيل وترتبط به أرزاقهم ومصائرهم.
مسألة المياه قضية وجودية لمصر
وقال «مدبولي» إن هذا الواقع الذي فرضته حقائق الجغرافيا والتاريخ حَـتَّـم على الدولة المصرية أن تُولي مسألةَ المياه أولوية قصوى؛ نافيا في هذا الصدد أن يكون هذا الأمر بالنسبة لمصر مجرد شأن بيئيّ يرتبط بالإدارة الرشيدة والمستدامة لمورد طبيعي، أو يكون مجرد موضوع له أبعاد حقوقية تمس الحق الأصيل لكل إنسان في النفاذ للمياه، وكذلك فإنه ليس عبارة عن قضية لها خلفيات قانونية تتصل بالنقاش الدولي الدائر حول المبادئ الحاكمة لاستغلال الأنهار الدولية والاستفادة منها، كما أنه ليس ملفا سياسيا يتصل بالعلاقات بين الدول المتشاركة في الأنهار العابرة للحدود؛ مشددا على أن مسألة المياه ونهر النيل تحديداً بالنسبة لمصر تتجاوز كل تلك الاعتبارات وترتقي إلى مرتبة القضية الوجودية التي ترتبط بحياة هذا الشعب وببقائه.
تحديات جسام لتأمين المياه للشعوب
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر تُثمن تنظيم هذا الاجتماع رفيع المستوى؛ من أجل التباحث حول قضايا المياه الدولية في سياق «عقد المياه 2018-2028»، الذي يأتي في فترة يشهد العالم فيها تحديات جساما في سبيل تأمين نفاذ الإنسان بل وشعوب بأسرها للمياه، لافتا إلى أن من أبرز هذه التحديات تصاعد أزمة الشُح المائي ونُدرة المياه لأسباب وعوامل طبيعية وبشرية أهمها وأخطرها زيادة معدلات استهلاك الموارد المائية المتجددة، وكذلك الارتفاع المضطرد في معدلات النمو السكاني، والتدهور البيئي، وتغير المناخ، بالإضافة إلى المشروعات العملاقة التي تقام لاستغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس ودون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية.
إدارة الموارد المائية تهديد يمس أمن وسلامة الدول
وأوضح أن كل هذه العوامل أسهمت في تفاقم أزمة المياه وأثرت على قدرة الدول على الوفاء باحتياجات شعوبها من المياه، الأمر الذي يُحول قضية المياه ومسألة إدارة الموارد المائية إلى تهديد يمس أَمن وسلامة دول وشعوب، ويُؤثر على استقرار أقاليم بأسرها، مؤكدا أن مصر تُعوِّل على مسار «عقد المياه 2018-2028» لدفع الجهود الدولية الساعية لمواجهة هذه التحديات، من خلال تطوير المفاهيم والمبادئ، التي من شأنها تعزيز الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية، وحث الدول التي تُـشاطئ الأنهار الدولية على إعلاء قيم التكامل والتشارك، وتفعيل قواعد العدالة والإنصاف، وعدم الإضرار بمصالح جيرانها.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية ستستمر في الانخراط بجدية ونشاط في الإعداد الجاري لمؤتمر مراجعة منتصف المُدة المُقرر عقده في عام 2023، وهو ما تَجسَّد في حرص مصر على التعاون مع مجموعة عبر إقليمية من الدول؛ من أجل اعتماد البيان المشترك حول المياه على هامش اجتماعنا اليوم، والذي حظى بتأييد واسع يبرهن على أهمية تناول مسارنا الراهن للأولويات التي يتضمنها.
إستراتيجية للموارد المائية بـ900 مليار جنيه
وأضاف أن الأولوية التي تُوليها مصر لقضايا المياه انعكست أيضًا في الرؤية الشاملة «مصر 2030»، التي تبنتها الحكومة المصرية، وتتضمن برنامجًا وطنيًا طموحًا يخاطب كل مناحي الحياة، وعلى رأسها تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، كما وضعت الدولة الخطة الاستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 باستثمارات تتجاوز 900 مليار جنيه مصري؛ بهدف تحسين نوعية وجودة المياه، وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً، إلى جانب تنمية موارد مائية جديدة، مع السعي لرفع كفاءة منظومة الري المصرية، وذلك لمواجهة تحدي الشُح المائي.
مصر من أكثر الدول جفافاً
وفي ضوء ذلك، أوضح رئيس الوزراء أن نصيب الفرد في مصر لا يتجاوز 560 مترًا مكعبًا سنويًا من المياه، في الوقت الذي عرّفت فيه الأمم المتحدة الفقر المائي على أنه 1000 متر مكعب للفرد في السنة، مؤكدًا أن هذه الأزمة تعكس حقيقة أن مصر من أكثر الدول جفافاً والأقل نفاذاً للموارد المائية المتجددة، كما أنها تعتبر الأعلى من بين دول العالم من حيث نسبة الاعتماد على مصدر أوحد للمياه المتمثل في نهر النيل، الذي يوفر 98% من احتياجاتنا المائية.
قلقون من «السد الإثيوبي»
وقال الدكتور مصطفى مدبولي خلال الكلمة: أنقل إليكم قلق مصر؛ حكومة وشعبًا من التطورات الأخيرة ذات الصلة بملف سد النهضة الإثيوبي، وهو المشروع العملاق الذي سيكون أكبر مُنشأة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، والذي أمضينا عقدًا كاملاً في مفاوضات مُضنية مع الأشقاء في السودان وإثيوبيا؛ من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق لإثيوبيا أهدافها التنموية، ويحد في الوقت ذاته من الأضرار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذا السد على مصر والسودان.
الملء الأحادي للسد الإثيوبي
كما عبر رئيس الوزراء، خلال إلقائه لكلمة مصر، عن الأسف الشديد لعدم توصل هذه المفاوضات، التي جرت في أطر مُتعددة لسنوات ممتدة، بمشاركة وسطاء وشركاء دوليين وبرعاية أشقاء أفارقة إلى الاتفاق المنشود، بل على العكس فإن السنوات الماضية شهدت نهجا إثيوبياً يسعى لفرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية، دون مراعاة لحقوق ومصالح دولتي المصب، وهو ما تجسد في قيام إثيوبيا بالبدء في ملء سد النهضة في العام الماضي، وكذلك في إعلانها عن أنها سوف تستمر في عملية الملء خلال صيف العام الجاري، حتى وإن لم تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق، مشددًا على أن هذا الإجراء يُخالف جميع الالتزامات والقواعد الدولية، ويهدد بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح مصر والسودان.
ضرورة التوصل لاتفاق عادل في أسرع وقت
وخلال إلقائه كلمة مصر، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أيضاً أن الوضع الحالي لملف سد النهضة يُحتم علينا العودة إلى مفاوضات جادة وفعّالة برعاية إفريقية، وبمشاركة نشطة من المجتمع الدولي؛ وذلك للتوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق عادل ومتوازن ومُلْزِم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة قبل موسم الفيضان المقبل، وبما يُجنب منطقتنا المزيد من التوتر والاحتقان ويحقق مصالح الدول الثلاث، وَيُعزز في الوقت نفسه من أواصر التعاون والتكامل بين بلادنا وشعوبنا.
واختتم رئيس الوزراء كلمة مصر في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتأكيد على أن مواجهة التحديات الجسيمة في ملف قضايا المياه تُحتم ضرورة إعلاء مبادئ التعاون والتضامن الدولي وتجنب التـناحر والاستقطاب، لافتا إلى أن مصر لن تدخر جهداً في دفع أجندة المياه في الأمم المتحدة والمحافل متعددة الأطراف وتأمين حصولها على الاهتمام اللازم، الذي يتسق مع قيمة المياه التي لا تُقدر بثمن، والتي ترتبط ببقاء الإنسان وحياة شعوب بأسرها.