عصام شيحة: الأوطان فضاء مشترك ولا يمكن للإنسان العيش وحده

عصام شيحة: الأوطان فضاء مشترك ولا يمكن للإنسان العيش وحده
تحدث عصام شيحة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عن توصيات حول دور الجهات المعنية بتعزيز تشريعات دعم العيش المشرك، خلال لقاء منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، المنعقد بمقر الهيئة بالقاهرة، ويحمل عنوان «رؤية تشريعية لدعم العيش المشترك».
وقال «شيحة»: «كيف نعيش معا ونحن مختلفون؟ وذلك لأن الاختلاف في أي دائرة من دوائر الحياة والفكر، من الحقائق الثابتة والشاخصة في حياة الإنسان بصرف النظر عن بيئته أو تكوينه المعرفي والعقدي، ولكن في ذات الوقت لا يمكن للإنسان أن يعيش وحده، وإنما هو مجبول على أن يعيش حياة اجتماعية وإنسانية مع آخرين قد يختلفون معه كليا أو جزئيا، وكل المحاولات التي بذلها الإنسان الفرد أو الجماعة لتعميم قناعاته ومواقفه، واستخدام القهر والغلبة لسيادة أفكاره ومعتقداته، لم تفض إلا المزيد من الاختلاف والاحتقان».
وأضاف الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: «لذلك فإننا بحاجة أن نبحث عن إجابة أو صيغ حضارية للتعامل بين حقيقة الاختلاف الإنساني وضرورات العيش المشترك، فلا يمكن أن ندحر الاختلافات أو نطمسها بين البشر، كما أنه لا يمكن أن ينعزل الإنسان وينكفئ عن غيره بدعوى الاختلاف والتباين في وجهات النظر».
وتابع أمين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: «لعلنا لا نبالغ حين القول: أن طبيعة الإجابة على هذا السؤال، هي التي ستحدد بشكل أو بآخر طبيعة المستقبل السياسي والاجتماعي للعديد من الدول والبلدان العربية والإسلامية، وإن مظاهر العنف والفوضى التي تشهدها بعض البلدان، هي ليست من جراء وتداعيات حقيقة التنوع والتعددية الموجودة في هذه البلدان، وإنما هي لغياب صيغة حضارية تجمع بين حقيقة الاختلاف الذي لا يمكن نبذه وإنهاؤه من الوجود الإنساني وبين ضرورات العيش المشترك، لهذا فإن الوصول إلى صيغة سياسية وثقافية ومجتمعية لهذا الأمر هو الذي سيحدد شكل المستقبل السياسي للعالم العربي. فكيف يمكن بناء رؤية وطنية في كل بلداننا وأوطاننا العربية لا تغفل حقيقة التعدد والتنوع والاختلاف، ولا تتجاوز متطلبات الوحدة والعيش المشترك».
وأردف «شيحة»: «التغافل عن هذه الحقيقة، أو عدم احترام متطلباتها، هو الذي ساهم بشكل أو بآخر بحالات الفوضى والعنف التي سادت في بعض البلدان العربية والإسلامية، فلا يمكن قهر الناس على رأي وطريقة واحدة، وإن أي محاولة في هذا الإطار لم تنتج إلا المزيد من التشبث بالخصوصيات الذاتية، فلا يمكن تعميم الخصوصيات الذاتية بالقهر والقسر، وإنما بالتوافق والحوار والانفتاح وخلق المساحات المشتركة بين جميع الخصوصيات والمكونات».
واستكمل: «المجتمعات لا تدار بالقسر، والاستقرار لا يتأتى بالقهر، والأمن بكل مستوياته ودوائره، لا ينجز إلا بالتوافق واحترام الخصوصيات وتوطيد أركان العيش المشترك. ومن يبحث عن الأمن والاستقرار بعيدا عن مقتضيات السلم الأهلي وخلق التفاهمات والتوافقات الضرورية بين مختلف الخصوصيات والمكونات، فإنه لن يحصل إلا المزيد من تشبث الناس بخصوصياتهم الذاتية. ولا يمكن لاعتبارات ذاتية وموضوعية، أن تنجح تلك المحاولات والممارسات التي تستهدف تعميم خصوصية واحدة بوسائل قهرية على بقية الخصوصيات".
واستطرد أمين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: «الأوطان فضاء مشترك لكل الخصوصيات والمكونات، ولا تبنى هذه الأوطان إلا بإعادة صياغة طبيعة العلاقة بين هذه المكونات والتعبيرات، بحيث تخرج من سياق الاستعداء والتحريض على الكراهية والمفاصلة الشعورية والعملية، إلى حقائق التفاهم والتقارب والاحترام المتبادل، ومهما كانت قناعة الإنسان بصوابية أفكاره ومعتقداته، فإن هذا لا يبرر له ولا يشرع له، أن يمارس الفرض والقهر وأدوات السلطة لتعميم أفكاره وقناعاته. فلكل إنسان الحق في الاعتزاز بأفكاره والتشبث بقناعاته والاعتزاز بعقائده، ولكنه ليس له الحق في قهر الناس عليها، وممارسة أساليب قسرية لتبنيها".
واختتم «شيحة» كلمته بالقول: «يأتي العيش المشترك بتعزيز عاملان أساسيان وهما، الأول: الجانب المعنوي او السيكولوجي الذي يرتبط بالمواطنين ووحدتهم وتماسكهم أي ما يتعلق بتعظيم الروابط التي تشكل نسيج الانتماء وقوام اللحمة بين عناصره ومكوناته، وأساس هذه الروابط دائما الانتماء وحب الوطن والرغبة في العيش المشترك، الثاني: الجانب المادي القانوني الذي يرتبط بالأساس بوحدة الدولة وتكاملها وقيام نظم قانونية ودستورية ومؤسساتية تكفل الحفاظ على وحدة الوطن وتماسك الشعب وترابط مقوماته».