50 سنة بسبوسة.. «أبو ليلة» يبيع صنع يده بالشارع: تحلية بوق الناس حرفتي

كتب: كريم عثمان

50 سنة بسبوسة.. «أبو ليلة» يبيع صنع يده بالشارع: تحلية بوق الناس حرفتي

50 سنة بسبوسة.. «أبو ليلة» يبيع صنع يده بالشارع: تحلية بوق الناس حرفتي

رجل وقور، جاء من قريته في الأرياف لأقصى الصعيد قاصدًا القاهرة، من أجل زيارة أقاربه في مناسبة سعيدة، ينزل من القطار ولكنه لا يذهب لأقاربه، بل تأخذه قدماه إلى شارع المعز لدين الله الفاطمي في منطقة الخيامية، بحي الغورية، ولا عجب حينما تعلم أنه ذهب هناك من أجل أكل بضع قطع من حلوى البسبوسة من يد أحد البائعة الجائلين، ضاربا بعرض الحائط محلات الحلوى الكبرى، لأنه في رأي علي الشحات: «بسبوسة أبو ليلة ملهاش زي».

سيد علي أبو ليلة، رجل يبلغ من العمر 67 عاما، يتخصص في صنع وبيع حلوى البسبوسة، يأخذها كحرفة، دون غيرها من الحلوى، بعد أن علم سر صنعها من والده من زمن بعيد، ليتخذ من شارع المعز مكانا له بعد أن استلم راية العمل عقب وفاة أبوه.

50 عاما من صنع البسبوسة وبيعها، عاشها أبو ليلة مخلصُا لمهنته، ما جعل أهل القاهرة وبعض رجال الصعيد يأتون له خصيصًا من أجل تذوق طعم البسبوسة من عنده، على حد قوله لـ«الوطن»، «بيجيلي ناس من بني سويف والمنوفية وبنها، عشان يدوقوا البسبوسة، بفضل الله سرها عندي أنا وبس».

 على صينية كبيرة من النحاس يفرش الرجل الستيني بسبوسته وبجوارها طكبق من السمن، يأتيه الزيون يقطع له بآلة حادة قطعة بسبوسة ثم يغمسها في السمن البلدي، ويضعها على الورق الأبيض البسيط، «أنا عشت في المكان هنا 50 سنة ببيع البسبوسة وعملت سمعة وزبون، وعمري ما فكرت آخد محل، العربية الفرشة الصغيرة دي مكفياني».

الأنف تشم رائحة السمن البلدي وعسل البسبوسة فور الاقتراب من عربة «أبو ليلة» المتواضعة، وفور أن يأكل الزبون منه يصبح أسير تلك الحلوى، «أراهن أي حد يدوق وميجيليش تاني، في أصحاب مصانع جولي ياخدوا مني الطريقة واشتغل معاهم ورفضت».

بعد أن تخرج «سيد» من دبلوم التجارة، حاول العمل بالتوظيف في وزارة القوى العاملة، ولكن نصيبه جاء في مصنع 36 للبوتوجازات، ولكنه كان بعيدا للغاية عن منزله، فلم يجد أمامه سوى مهنة والده، والذي كان يحصل منه على مبلغ 5 جنيهات مقابل عمله بها، ولم يكن يعلم أنها ستكون مهنته وسيرثها عنه.

الجميع في الشارع يعرف «أبو ليلة» وينادونه بـ«سيد بسبوسة»، نسبة إلى عمله، وتقف أمامه السيدات في حيرة من كيفية صنع تلك الحلوى، التي مازال يتقن صنعها منذ 50 عاما، «السر عندي في البساطة، ربنا بيبارك عشان رزق عيالي، وبحلي بوق اللي معاه واللي مش معاه حتى لو بجنيه دي حرفتي».


مواضيع متعلقة