بريد الوطن.. أمس القاتل (قصة قصيرة)

بريد الوطن.. أمس القاتل (قصة قصيرة)
ظلت صامتة لفترة ليست بالقصيرة تتأمل زوجها وهو نائم، لم تعد تتأمله كما كانت تتأمله فى السابق بعينين حالمتين ودودتين، فقد أحدثت ليلة أمس فجوة هائلة بينها وبينه، وجلست تُحدِّث نفسها.. أهذا هو الرجل الذى أحبته وتزوجته، أم أنه قد تبدل فبقيت الملامح وذهبت الروح بلا عودة؟
ليلة أمس لا يزال صداها يتردد بداخلها، حينما أحضرت له العشاء، وزينت طاولة الطعام بما لذ وطاب.. فراح يقضم من قطعة الدجاج البانيه ثم يلوكها بين فكيه وهى تحدّثه: «حسين لدىّ خبرٌ غير سار لك»، لم ينظر إليها وواصل قضمه المتواصل لقطع الدجاج، ثم رمقها بنظرة مقيتة، وحينما لم تجد رداً عاودت الحديث بصيغة أكثر تشويقاً: «لقد ارتكبت جريمة اليوم»، فهمهم فى ضيق ثم واصل طعامه دون اكتراث لما قالت.. وأدركت المرأة بفطرتها السوية أنه من غير المألوف مراقبة أحد وهو يأكل. ولما استيأست رده قالت بفراغ صبر: «لقد احترق قميصك اللبنى (السينيه) حينما نسيت عليه المكواة لقضاء بعض أمرى». ردد آخر قول لها (بعض أمرى) فى سخرية ظاهرة، ثم تجهّم وجهه وألقى فى وجهها وابلاً من كلمات اللوم والتقريع. تذكرت حينئذ حينما أعطته خاتمها الذهبى ليبدله، وحينما عاد ليخبرها بأنه قد فقده ولم يعد له أثرٌ يُذكر.. احتضنته فى وداعة الملائكة وقالت بصوت عذب رقيق: «أفديك بعمرى كله ولا أُبالى».
أشرف غازى، قاص مصرى - البحيرة
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com