40 دقيقة دموع في يوم الشهيد بالندوة التثقيفية: عايشين على الذكريات

كتب: سلوى الزغبي

40 دقيقة دموع في يوم الشهيد بالندوة التثقيفية: عايشين على الذكريات

40 دقيقة دموع في يوم الشهيد بالندوة التثقيفية: عايشين على الذكريات

«حتى الدموع متلغبطة في دمعة نازلة مزغرطة»، تبكي الأم وجع الفراق وتنعي الزوجة فارس أحلامها وحِماها، وترثي الابنة سند الأيام ومحقق الأمنيات، وفقد الابن الصاحب الوفي، وانشق الأخ برحيل مُكمّله، وانهار عكاز الأب دون رجعة، وذهب ونس الأيام وحكايات السهر عن الصديق.. جميعهم يبكون «غالي» واحد ويفخرون بـ«شهيد» ضمن قائمة انتظرت خير ميتة وطمعت في المكانة الأعلى، وقدمت الجسد فداءً لوطن باقي وروح خالدة.

40 دقيقة دموع، العين مجراها إنما القلوب مصدرها، ذرفها المكلومين وبكاها المشاهدين من داخل احتفالية «يوم الشهيد» والقابعون في البيوت، من خلف الشاشة تمتد الأيادي تلقائيًا رغبة في احتضان طفلة منهارة لتهدأ ارتعاشة الشفاه التي لا تنطق غير «بابا وحشني ونفسي أشوفه»، تتمنى لو كان منحها القدر ذكريات أكثر تعينها على قسوة الرحيل، وفي لحظة تتراجع الأيادي لتلامس موضع القلب النازف على طفل يأبى أن ينهار «ومين يسند ماما وأختي؟» وكله عزيمة أن يسير على درب والده ويلتحق بالقوات المسلحة ولا يزكي نفسه على تراب مصر، تُحبس الأنفاس والفيلم التسجيلي «سيرة الشهيد» دقائقه تمر على مكنونات الروح مع حديث زوجة تنتظر «تكة المفتاح» لتلقي نفسها بين أحضان حبيبها وتبكي هموم أثقلت كاهلها لتسمع همسه «ماتعيطيش طول ما أنا على وش الأرض» لتطمئن بأن لكل عُقدة حلّال، وأخرى تصبّر أيامها بأنَّه سيحتضن يديها كما اعتاد لتجاوره في الجنة.

لا مكالمة الوداع تُنسى ولا الحضن الأخير ينتهي، بهما تعزي الأمهات أنفسهنّ، تتزاحم ذكرياتهنّ مع أبنائهنّ الشهداء إلا اثنتين لا تفارقان القلب واللسان، يحكين عن مكالمات التوصية بألّا يحزن يومًا ولا يهملنّ في صحتهن لحظة، روت أمهات الأبطال خلال فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ33، وصايا الأبطال لهنّ، تبكي وتضحك في آن واحد وتحتضن ذراعيها تشم رائحة حضن الشهيد، حينما ظل يطوف بها في اللقاء الأخير حتى أنَّها «حست بالوداع».

بكاء الأمهات والأباء في تكريم أنجالهم باحتفالية يوم الشهيد

قهر الرجال، ذلك الضيق والكدر في الصدر الذي استوطن الآباء حتى فقدوا السيطرة على دموعهم خلال الفيلم التسجيلي أو بين أيادي الرئيس عبدالفتاح السيسي في أثناء تكريم أسماء أنجالهم، ليشاركهم الرئيس السيسي الأحزان بعواطفه ودموعه، كانهمار الدموع من أعين والد الشهيد الرائد سعيد حمدي، بينما يربت الرئيس على كتفيه مواساة وألمًا، وآخر يحتجز حزنه داخل جدران غرفة ابن تمناه من الدنيا ودعى أن يُدفن قبله، خانته شهقاته وهو يروي كلمات نجله الشهيد الأخيرة التي كانت محورها «أمه» حب الطفولة وراحة الشباب.

يختنق صوتها وتتمهل الكلمات وكأنَّها تنتظر تكذيب لن يأتي فتنطق الطفلة لوجين مصطفى عبيدو «أنا بنت الشهيد» على مهلٍ، وهي تقدم الطفل عبدالرحمن عادل من متحدي الإعاقة البصرية ليغني أغنية «ابن الشهيد»، معتبرة إياها رسالة من والدها، تستمع ودموعها منهمرة وشهقاتها تخونها، لكن سيأتي يوما وتعي أنَّ «الشهيد هو الوحيد اللي بعد الموت يعيش»، وشاهدت بكاء الرئيس  السيسي وهو يتحدث عن وصول رسالتهم التي سيعيش الوطن وأبناءه لتنفيذها «لولا تلك الدماء الزكية التي سالت فداءً لأمن الوطن ما كان يمكن توفير المناخ الآمن والمستقر لمصر» وأن أرض مصر المقدسة لا يمكن أن تنضب أبدًا من الأبطال فكما قال الرئيس السيسي «الماضي زاخرًا بأمجاد الأجداد والحاضر يأتي مصحوبًا بإنجازات الأحفاد».


مواضيع متعلقة