عن اللواء كمال عامر

منذ بدايات فيروس كورونا اللعين الذى فارقنا على أثره أعزاء فى حياتنا، أوجعنا ألم فراقهم وتأثرنا برحيلهم.. إلا أنه من أكثر هذه الشخصيات التى أثرت فى حياتى وتكوينى، والذى فُجعت لخبر وفاته متأثراً بهذا الفيروس هو الرجل الوطنى المقاتل اللواء أركان حرب كمال عامر، الذى لم تُسعفه صحته ليصمد، وخارت قواه أمام هذا الفيروس.

لخمس سنوات متواصلة جمعتنى الظروف لأتشرف بزمالة اللواء كمال عامر فى البرلمان من ٢٠١٥ وحتى ٢٠٢٠، هذا الرجل الذى يُعلّمك كيف تعمل وتُنجز وتُعطى دون ضجيج، فرغم تاريخه الوطنى وسيرته المليئة بالإنجازات، سواء خلال قيادته للجيش الثالث الميدانى، ثم توليه رئاسة المخابرات الحربية، وانتقاله بعد ذلك ليُثرى بخبراته العمل فى الإدارة المحلية بتوليه المسئولية كمحافظ لمطروح ثم أسوان قبل أن ينتقل إلى مجال آخر وهو التشريع والرقابة، ليتولى رئاسة إحدى أهم لجان المجلس، وهى لجنة الدفاع والأمن القومى.. رغم كل هذا التاريخ وهذه الخبرات، إلا أنه كان من أكثر أعضاء المجلس تواضعاً واحتواءً للنواب الشباب ولنا.

أتذكر مرافقتى له ببعض الزيارات الميدانية للقوات البحرية وللقيادة العامة للقوات المسلحة، وكنت أرافقه بسيارة المجلس إلى هناك، مقتنصاً هذه الفرصة للاستماع والاستمتاع بما يسرده لى من مواقف فى حياته، والحق أنه كان لا يبخل علىّ بنصيحة، وكأننى ابنه، وأتذكر أنه يوماً تحدثت إليه منزعجاً من هجوم الإعلام على أداء المجلس، إلا أنه اختصر كل الكلام وقال لى نحن نعمل من أجل الوطن وليس من أجل الإعلام، انتظر حكم التاريخ واترك الإعلام يقول ما يشاء.

تلك هى عظمة اللواء كمال عامر، كان لا يهتم بشىء بقدر اهتمامه بخدمة وطنه والمساهمة فى حماية مقدراته.

حصل اللواء كمال عامر على الكثير من الأوسمة والنياشين، مثل وشاح النيل ووسام النجمة العسكرية ووسام الجمهورية ونوط الواجب ونوط التدريب ونوط الخدمة الطويلة والممتازة ووسام الملك فيصل من السعودية ونوط المعركة ووسام تحرير الكويت من الكويت ووسام 26 سبتمبر من اليمن ووسام الأمم المتحدة، ورغم كل هذه الأوسمة والنياشين، إلا أننى أعتبر أن هذا التقدير الشعبى والسياسى والوطنى لدور الراحل هو أعظم وسام من الممكن أن يحصل عليه إنسان، وهو ما يستحقه شخص بقيمة ووطنية اللواء كمال عامر.

آخر مكالمة بيننا كانت لتهنئته بالفوز برئاسة لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان الجديد، ليبادرنى هو بقوله لا يزعجك عدم وجودك بالبرلمان الحالى، استمر، فما زال المستقبل أمامك وأتوقع لك الكثير فى ما هو قادم.

كلمات اللواء كمال عامر ما زال صداها فى أذنى، وأكرر وعدى له وهو ليس بيننا الآن، أننى سأستمر فى خدمة وطنى من أى موقع، حتى مجرد كونى مواطناً يميط أذى من طريق.