مباحثات مصرية - سودانية حول سد النهضة والعلاقات الثنائية

مباحثات مصرية - سودانية حول سد النهضة والعلاقات الثنائية
بحث الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالى فى السودان، خلال لقائهما اليوم، بالعاصمة الخرطوم، تطورات ملف سد النهضة، وتم التوافق على أن المرحلة الدقيقة الحالية التى يمر بها الملف تتطلب أعلى درجات التنسيق بين البلدين بوصفهما دولتى المصب اللتين تتأثران بشكل مباشر بهذا السد، مع التشديد على رفض أى إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثم تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل السد، يكون ملزماً قانونياً ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان، خاصةً من خلال دعم المقترح السودانى لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الأفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة للتوسط فى هذا الملف.
وكان الرئيس السيسى قد عقد جلسة مباحثات ثنائية مع «البرهان» فى القصر الجمهورى بالخرطوم، عقب وصوله إلى السودان، أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدى البلدين. وأعرب «البرهان» عن ترحيب الجمهورية السودانية قيادة وحكومةً وشعباً، بالرئيس السيسى، مؤكداً ما تتسم به العلاقات المصرية السودانية من تميز وخصوصية ووحدة المصير، وتقديره لمواقف مصر الداعمة للسودان فى كافة المجالات، لمواجهة تداعيات الأزمات المختلفة، والمساهمة فى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهى المواقف المصرية التى تأتى انعكاساً للعلاقات التاريخية والاستراتيجية التى تجمع البلدين، ويعول السودان على استمرار تلك المواقف الداعمة له فى مختلف المحافل الإقليمية والدولية. وأكد «البرهان» تطلع وحرص السودان لتفعيل المشروعات المشتركة بين البلدين وتعزيز آفاق التعاون معها على مختلف الأصعدة، خاصة على المستوى السياسى والاقتصادى والأمنى والعسكرى.
وأعرب الرئيس السيسى عن تقديره لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وأكد على ما يجمع الشعبين المصرى والسودانى من روابط أخوة ومودة وتاريخ مشترك، مشيداً بما تشهده العلاقات الثنائية مؤخراً من زخم كبير، بما يعكس إرادة سياسية للارتقاء بتلك العلاقات إلى آفاق أوسع، خاصةً فى مختلف المجالات الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك. وأكد «السيسى» استمرار دعم مصر لحكومة وشعب السودان فى كافة المجالات، والاهتمام بالارتقاء بالعلاقات الثنائية بما يعزز الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لما فيه صالح البلدين الشقيقين، وعلى نحو يجعل العلاقات المصرية السودانية نموذجاً يُحتذى به للشراكة التنموية الشاملة والتكامل الاقتصادى.
وشدد الرئيس على مساندة مصر لكافة جهود تعزيز السلام والاستقرار والتنمية فى السودان خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخه، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن أمن واستقرار السودان يُعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر، وأن يد مصر دائماً وأبداً ممدودة للتعاون والخير والبناء للسودان كنهج استراتيجى ثابت. وأشار السفير بسام راضى، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إلى أن المباحثات تطرقت إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، التى تأتى فى إطار احترام السودان للاتفاقيات الدولية المنشئة للحدود وسعيها الدائم لتأكيد سيادة الدولة بشكل سلمى ودون اللجوء للعنف.
«السيسي» و«البرهان» بعد لقائهما في «الخرطوم»: المرحلة الحالية التى يمر بها ملف السد تتطلب أعلى درجات التنسيق بين دولتي«المصب»
وبحث الجانبان المستجدات فى منطقة القرن الأفريقى وشرق أفريقيا، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، بما يكفل تعزيز القدرات الأفريقية على مواجهة التحديات التى تواجه القارة ككل، كما تم الاتفاق على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسئولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التى يشهدها حالياً المحيط الجغرافى للدولتين.
والتقى الرئيس السيسى، الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس وزراء السودان، وقال متحدث الرئاسة إن «حمدوك» رحب بالرئيس فى بلده الثانى السودان، معرباً عن تقدير بلاده لعلاقات التعاون الوثيقة مع مصر، التى تأتى انعكاساً للإرث البشرى والحضارى المتصل بين البلدين، ومشيداً بالجهود المصرية المخلصة والساعية نحو المساهمة فى تثبيت الاستقرار فى السودان، وكذلك محورية الدور المصرى فى صون السلم والأمن بالقارة الأفريقية.
وأكد رئيس الوزراء السودانى وجود آفاق رحبة لتطوير التعاون المشترك مع مصر، وحرص السودان على توفير المناخ الداعم لذلك فى مختلف المجالات التنموية الاستراتيجية، فضلاً عن تعويلها على الدور المصرى الداعم للجهود السودانية الجارية لإسقاط وإعادة جدولة الديون الخارجية عليها، والاستفادة من نقل التجربة المصرية الملهمة فى الإصـلاح الاقتصادى وتدريـب الكوادر السودانية والمساعدة على مواجهة التحديات فى هذا الصدد، بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين.
وأعرب الرئيس السيسى، خلال اللقاء، عن سعادته بزيارة السودان، التى تأتى استمراراً لمسيرة العلاقات المتميزة التى تربط البلدين الشقيقين على المستويين الرسمى والشعبى وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد، ودعماً لأواصر التعاون الثنائى على جميع الأصعدة، وامتداداً لمختلف مظاهر مؤازرة مصر للسودان خلال المرحلة التاريخية التى يمر بها لمساعدته على فتح الباب أمام آفاق الإصلاح والتنمية. وأكد «السيسى» حرص مصر على دفع التعاون الثنائى فى مختلف المجالات مع السودان، خاصةً ما يتعلق بتنفيذ مشروعى الربط الكهربائى وربط السكك الحديدية، وتعزيز المناخ المواتى لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة سواء الصناعية أو الزراعية، فضلاً عن دفع العلاقات التجارية والاقتصادية بالبلدين، إلى جانب تفعيل أنشطة اللجان الفنية المشتركة ومذكرات التفاهم والبروتوكولات المُبرمة بين البلدين، أخذاً فى الاعتبار شمول تلك الاتفاقيات شتى جوانب التعاون الثنائى. وأضاف المتحدث أن المباحثات شهدت مناقشة مختلف أطر وآفاق التعاون المشترك بين مصر والسودان، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكيد أهمية دعمه وتعزيزه لصالح البلدين والشعبين الشقيقين، بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة لتعزيز التكامل بينهما، فضلاً عن البناء على ما يتحقق من نتائج إيجابية خلال الزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين بالدولتين.
وتطرق لقاء الرئيس مع «حمدوك» إلى آخر مستجدات مفاوضات سد النهضة، وتم التوافق حول تكثيف الجهود المشتركة خلال الفترة المقبلة فى مختلف المحافل للدفع نحو التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم ومتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة، مع التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين دول حوض النيل، بغرض تحقيق الاستخدام المستدام للموارد المائية فى نهر النيل، على نحو يحقق المصالح المشتركة لشعوب كافة الدول وتجنب الإضرار بأى طرف.