ممشى أهل مصر

مشروع «ممشى أهل مصر» هو أحد المشروعات التى يجرى تنفيذها حالياً، ويقع على كورنيش النيل بالقاهرة، ويتم تنفيذه وفق رؤية تستهدف الارتقاء بمستوى جودة البيئة العمرانية، وتوفير مناطق جذب سياحى، وتجميل واجهة نهر النيل، وإقامة أنشطة متنوعة، من خلال إنشاء مراسٍ، ومسارح عائمة، ومطاعم وكافتيريات، وخدمات ومنافذ بيع، وأنشطة رياضية مائية، مثل التجديف والمراكب الشراعية. ويتم تنفيذ المشروع فى ثلاث مناطق، تمتد الأولى من كوبرى 15 مايو حتى كوبرى أكتوبر. أما المنطقة الثانية، فتتعلق بالمسافة من كوبرى قصر النيل إلى كوبرى أكتوبر، ووصولاً إلى كوبرى 15 مايو، ثم انتهاء بكوبرى إمبابة وكوبرى الساحل، حيث يهدف المشروع إلى تطوير جزء آخر من ممشى كورنيش النيل بطول 3.2 كيلومتر. وتتكون المنطقة الثالثة من قطاعين؛ الأول من كوبرى «تحيا مصر» إلى كوبرى الساحل، والثانى من كوبرى قصر النيل إلى كوبرى قصر العينى.

والواقع أن هذا المشروع يجد له سنداً من نصوص الدستور، حيث تنص المادة الرابعة والأربعون منه على أن «تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها، كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال. وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». وهكذا، يقرر المشرع الدستورى المصرى حق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل.

من ناحية أخرى، ووفقاً للمادة الخامسة والأربعين من الدستور ذاته، «تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية. ويحظر التعدى عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء فى الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون». ويستفاد من هذا النص أن حق كل مواطن فى التمتع بالبحار وشواطئها مكفول. وطبقاً للمادة السادسة والأربعين من الدستور «لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب وطنى، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال المقبلة فيها».

وهكذا، يقرر الدستور حق المواطن فى التمتع بالشواطئ وحقه فى بيئة صحية سليمة وتنمية المساحة الخضراء. وقد سبق لنا كتابة مقال عن هذا الموضوع تحت عنوان «الحق فى الشواطئ»، حيث طالبنا بإنشاء كورنيش بطول السواحل والشواطئ المصرية كافة، يستوى فى ذلك نهر النيل والساحل الشمالى وشواطئ البحر الأحمر، الأمر الذى يتيح لكل مواطن من المارة التمتع بالنظر إلى مياه النهر والبحرين الأبيض والأحمر والتنزه على الشواطئ بدون أى قيد أو عائق. وهذا المقال منشور فى جريدة «الوطن» يوم الأحد الموافق 12 نوفمبر 2017م. ومن هنا تأتى أهمية مشروع ممشى أهل مصر، الذى يهدف إلى توفير متنفس جديد لسكان القاهرة، للتنزه والترويح عن أنفسهم، الأمر الذى يسهم فى تحسين جودة الحياة بشكل كبير. وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن جودة الحياة هى أحد عناصر مؤشر التنمية البشرية الذى يصدر سنوياً عن منظمة الأمم المتحدة. كذلك، فإن شبكة «يو إس نيوز آند وورد ريبورت» تصدر مؤشراً سنوياً عن «أفضل الدول»، متضمناً تصنيفاً لـ73 دولة حول العالم، ويقيس مدى أفضلية هذه الدول بناءً على تسعة مؤشرات فرعية، هى: ريادة الأعمال، المغامرة، المواطنة، التأثير الثقافى، التراث، المحركات، بيئة الأعمال، القوة، وجودة الحياة. وقد جاءت مصر فى المركز السادس والثلاثين عالمياً فى المؤشر العام لسنة 2019م بعد أن كانت فى المركز الأربعين عام 2018م بتقدم أربعة مراكز، وجاءت مصر فى المركز الرابع والخمسين عالمياً فى مؤشر جودة الحياة الفرعى، بعدما كانت فى المركز 75 خلال عام 2018، بتقدم مقداره 21 مركزاً. هذه هى مصر كما يجب أن تكون، والمأمول أن تكون ضمن الدول الخمس الأولى على مستوى العالم فى عناصر الريادة كافة.. والله من وراء القصد.