لوبي «نبيلة مكرم»

رامى جلال

رامى جلال

كاتب صحفي

منذ خمس سنوات تولت السيدة «نبيلة مكرم» مهمة وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج. وفى أولى ساعات عملها، عقب حلف اليمين مباشرة، انشغل الإعلام المصرى، كعادته، بصغائر الأمور، وكانت هناك هوجة تسمى «بلوزة الوزيرة»، إذ أدت الوزيرة القسم وهى ترتدى بلوزة «نصف كم».

لأن الشكل المتحضر الذى ظهرت به وزيرة الهجرة لم يقابله تطور إعلامى مماثل آنذاك. ولأن الإعلام كان كالسلاح الفاسد لا يُزيد الوعى بل ينقصه ولا يحيط الناس بالحقيقة بل بالعبث. فلم تكن المقاربة الإعلامية النقدية للموضوع بروتوكولية، بل بدا الأمر وقتها وكأنها أخلاقية. لذلك كتبت حينها مقالاً بعنوان: «نبيلة فى إعلام نصف كم».

الواقع أن الوزيرة شخصية مترفعة، لها من اسمها نصيب كبير، فهى بالفعل إنسانة نبيلة وكريمة. وقد سعدت منذ أيام بحضور فعالية الوزارة لإطلاق الاستراتيجية المتكاملة للتواصل الفعال مع الشباب من المصريين الدارسين بالخارج. والتقينا بعدد كبير من الشباب المصرى الذى يدرس فى شتى بلدان العالم، مجموعة تبعث الأمل وتجدده وتؤكد أن القادم دوماً أفضل.

الاستراتيجية المتكاملة للتواصل الفعال مع الشباب من المصريين الدارسين بالخارج لها عدة محاور، منها: تدشين مركز للحوار يعمل كمنصة ومظلة لكل أنشطة وزارة الهجرة، الخاصة بالتواصل مع شباب الدارسين بالخارج. وكذلك تكوين قاعدة بيانات وافية لكل أبنائنا فى الخارج، التى تعكس التخصصات الدراسية والبحثية المختلفة وتعزز إمكانية استخدام كفاءات المصريين بالخارج لدعم القطاعات الوطنية المختلفة معرفياً. بالإضافة إلى إطلاق ملتقى توظيف سنوى، تجتمع فيه المؤسسات الحكومية مع القطاع الخاص مع الدارسين بالخارج والخريجين منهم، فضلاً عن إطلاق تطبيق ذكى يتيح التواصل بين وزارة الهجرة وشباب الدارسين بالخارج من جهة، وبين الطلاب المصريين أنفسهم فى الخارج.

من المهم أن نعرف أن شباب مصر الدارسين بالخارج هم الوسيلة الأفضل لمخاطبة أبناء الجيلين الثانى والثالث من المهاجرين المصريين، هؤلاء متوجسون دوماً من الدولة ولن يستمعوا لها. ولن تجدى معهم أى مساعٍ توعوية؛ هم ينظرون لنا طوال الوقت بتشكك، ويتعرضون طوال الوقت لمجهودات إعلامية معادية قوية، ولذلك تأتى مقارباتهم لتناول الأمور حادة للغاية، ولذلك فإن أى جهد يُبذل معهم من قِبل الدولة يُفسر وكأنه محاولة لغسل أدمغتهم. ولهذا فإن أفضل من يتحدث معهم وينقل لهم رسائلنا هم زملاؤهم من الشباب ممن جمعوا بين الحضارة الغربية التى عاشوا بها سنوات دراستهم، والثقافة المصرية التى نشأوا فيها.

الاستراتيجية الجديدة هى إحدى المحاولات الناجحة لعملية تجبيه القوة المصرية وتوجيهها بشكل صحيح، وهو ما نراه فى تركيبة أى «لوبى» على مستوى العالم.

فى اللغة العربية الفصحى يقولون «فصل الخطاب»، وفى اللهجة العامية يسمونها «من الآخر». فمن الآخر فصل الخطاب هو أن «نبيلة مكرم» وزيرة تستحق الاستمرار، لأن لديها الكثير من الأفكار والمشروعات التى ستنتهى إذا تولى «تحتمس الثالث» الوزارة بعدها. وأصل الحكاية أن هذا الملك الفرعونى حكم بعد الملكة «حتشبسوت» ومحا كل آثارها وصورها من على المعابد التى بنتها. وهذا هو سلو بلدنا منذ آلاف السنين؛ الآتى يمشى على خطى السابق بالممحاة. فاحترسوا ودعوها تُكمل ما بدأته ثم اسمحوا لها بانصراف هى أكثر الناس شوقاً له.