جنود مجهولة.. فنيون بمستشفيات العزل عن تلقيهم اللقاح: إحنا وسط الوباء

جنود مجهولة.. فنيون بمستشفيات العزل عن تلقيهم اللقاح: إحنا وسط الوباء
عشرات من أجهزة التنفس الصناعي مرتبطة بالأسرّة داخل أدوار مستشفيات العزل المخصصة لمصابي فيروس كورونا، وأجهزة لقياس الضغط ونبضات القلب، يتعرض بعضها لعطل مفاجئ في ساعة متأخرة من الليل أو فجرا، يسرع نحوها مسؤول الصيانة، تاركًا نومه لإصلاح المشكلة فورًا، لإنقاذ حياة المرضى دون تأخير أو تهاون، كجندي مجهول لا يقل دوره أهمية عن أحد أفراد الطواقم الطبية، كلُ ينتج في إطار تخصصه.
في زمن الوباء، يلعب مسؤولو الصيانة والفنيون في مستشفيات العزل دور مهم، تتمثل المهمة في التواجد على مدار 24 ساعة لمواجهة أي عطل فني في أحد الأجهزة الطبية بأي غرفة في المستشفى، إلى جانب مهمة إحصاء أسماء المرضى داخل الأقسام، ما يجعلهم عرضة للإصابة في أي وقت، وهو ما شجعهم على تناول اللقاح دون تردد منذ إتاحته في مستشفيات العزل.
«أحمد» فني إحصاء بالعديسات: مهام وظيفتي حيوية.. بتنقل بين أقسام المستشفى طول اليوم
من مقرات المدن الجامعية التي تم تخصيصها لعزل مصابي كورونا في الموجة الأولى من فيروس كورونا إلى مستشفى العديسات للعزل بمحافظة الأقصر، اعتاد أحمد عبدالباسط، العمل وسط ظروف الوباء، مهام وظيفته حيوية تتطلب منه التجول بين أقسام المستشفى على مدار اليوم.
«أنا مسؤول مركز المعلومات، فني إحصاء وتسجيل طبي، مسؤول عن تبليغ بيانات المرضى بصفة مستمرة تقريبا كل 6 ساعات، لو حالة بس اتحولت من عناية لقسم داخلي أو العكس كل ده أنا بسجله على مدار اليوم».. يصف الفني الثلاثيني مهام وظيفته في بداية حديثه لـ«الوطن»، ما يجعله أكثر اختلاطا بالمرضى داخل أقسام العزل.
مع منتصف الأسبوع الماضي، ومنذ بدء تلقي الأطقم الطبية لقاح فيروس كورونا داخل عزل العديسات، كان الفني البالغ من العمر 30 عاما في مقدمة الموافقين على التطعيم، «من باب الوقاية والاحتياط اتشجعت أخد اللقاح»، وحتى الآن لم يشعر بأي أثار جانبية بعد تلقيه الجرعة الأولى بحسب قوله.
عشماوي: كنت بخاف أسلم على والدي ووالدتي لما أنزل إجازة
من مستشفى كفر الدوار للعزل بمحافظة البحيرة، يباشر محمد مصطفى عشماوي، مهام عمله كفني كمبيوتر ومشرف إداري، يتولى المرور على الأقسام الداخلية لرصد بيانات المرضى، ما يجعله عرضة في كل ساعة للإصابة بفيروس كورونا المستجد.
منذ الموجة الأولى من وباء كورونا يخشى فني الكمبيوتر والمشرف الإداري بعزل كفر الدوار، مصافحة والديه المسنين خلال فترة إجازته الرسمية من المستشفى، كل ذلك كان دافعًا له للحصول على اللقاح فور إعلان الصحة توفيره للطواقم الطبية في العزل: «خوفي على أهلي هو اللي خلاني أتشجع وأخد اللقاح من أول يوم وصل عندنا المستشفى»، يقول الفني الثلاثيني في بداية حديثه لـ«الوطن»
ارتفاع طفيف في الحرارة شعر به «عشماوي» بعد 5 ساعات من تلقيه اللقاح، وسرعان ما عادت حرارته إلى طبيعتها، دون أي آثار جانبية: «لما ناخد اللقاح الناس كلها هتتشجع وتاخده زينا»، بحسب وصف عشماوي.
أول فني حاصل على اللقاح بـ«قها» للعزل: شغال من الموجة الأولى وبحصن نفسي
من بين عشرات الراغبين في الحصول على لقاح كورونا في مستشفى عزل قها، كان رضا عرفات رئيس قسم الصيانة بالمستشفى في المقدمة، بانتظار دوره للحصول على الجرعة داخل إحدى العيادات المخصصة للتطعيم بالعزل، لم يكن قراره وليد اللحظة، بل منذ علمه بخطة وزارة الصحة لتوفير للأطقم الطبية أولا، عزم النيّة على الحصول على المصل كونه في بؤرة الوباء كل لحظة، بحسب وصفه.
«عرفات» الذي يقيم بالمستشفى منذ تحويله في مارس الماضي إلى مستشفى للعزل، اعتاد التعامل مع الحالات الطارئة لأعطال الأجهزة الطبية في أي وقت من منتصف الليل، حيث مهمته تتطلب منه التعامل المباشر مع المصابين، وبحسب روايته لـ«الوطن» فبعد إمضائه على الموافقة تم تجهيزه لأخذ الجرعة بقياس الحرارة والضغط وحصل عليها في ذراعه الأيسر تحت إشراف طبيب متخصص داخل العيادة نفسها.
الجرعة الأولى لرئيس قسم الصيانة بمستشفى قها للعزل أو كما يلقب بين الفريق الطبي بـ«دينامو» قها للعزل، استغرقت دقائق قليلة، لم يشعر بعدها بأي تعب: «فات أسبوع ومفيش أي أعراض جانبية ومش حاسس بأي تعب»، بحسب وصفه.
داخل العزل، يلعب مسؤولو الصيانة دورًا هاما، حيث تمثل مهمتهم في البقاء على مدار 24 ساعة لمواجهة أي عطل فني في أحد الأجهزة الطبية بأي غرفة في المستشفى، وبحسب رواية «عرفات»، حتى وإن كان في وقت نومه، يستيقظ مسرعا، يرتدي ملابسه الواقية كاملة البدلة والكمامة وواقي الوجه والقفازات قبل الدخول على المريض في الغرفة التي تعطل بها أحد الأجهزة للوقاية من العدوى.
حرص الرجل الثلاثيني على تناول جرعة اللقاح في مقدمة المتلقين له في مستشفى قها للعزل، يرجع إلى رغبته في الوقاية خوفا على حياته وعلى أطفاله الصغار: «من حوالي أسبوعين كنت مشتبه في إصابتي بالفيروس وعزلت نفسي لحد ما اتحسنت واتأكدت من سلبية المسحة، إحنا أكتر ناس معرضين للإصابة أي وقت ولازم ناخد اللقاح»، وبحسب وصفه، لديه ثقة كبيرة في خطة وزارة الصحة وعلى رأسهم الوزيرة الدكتورة هالة زايد.