قصة شاب قيدته أمه بالسلاسل 18 شهراً خلف باب حديد بالدقهلية

كتب: صالح رمضان

قصة شاب قيدته أمه بالسلاسل 18 شهراً خلف باب حديد بالدقهلية

قصة شاب قيدته أمه بالسلاسل 18 شهراً خلف باب حديد بالدقهلية

خلف باب حديدي لأحد المنازل في نطاق مدينة المنصورة، في محافظة الدقهلية، ظل أحد الشبان محبوساً لما يقرب من 18 شهراً، مقيداً من يديه ورجليه بسلاسل حديدية، وكل منهما عليها قفل، وذلك داخل الشقة التي تسكنها أمه، بعد أن أصبح يمثل خطراً كبيراً عليهم، عندما يتحول من شاب طيب إلى شرس، يحطم كل شيء أمامه، ويؤذي أي شخص يواجهه، وهو ما تكرر قبل حبسه عدة مرات مع أمه، التي كانت أكثر شخص يتعرض لإيذائه.

بدأت مأساة أسرة الشاب «محمد»، 36 سنة، بعد أن وصل عمره 20 سنة، وظهر عنده مرض «الانفصام في الشحصية» حيث بدأ يعاني من الهلوسات والأوهام والاضطراب، في ظل وجود والده، كان يستطيع السيطرة عليه، حتى توفى الأب، ثم تزوجت إحدى شقيقتيه، وأصبح وجوده مع والدته، أمراً يمثل خطورة عليها.

لجأت الأم إلى فكرة جاءت لها عند زيارتها له فى مستشفى «دميرة» للأمراض النفسية، والتي تم احتجازه بها لمدة 3 شهور، ثم رفضت إدارة المستشفى أن يستمر لديها أكثر من هذه المدة، فاضطرت والدته إلى أن تأخذه معها ليعيش معها في شقتها مرة أخرى، ولكنها نفذت ما فكرت به، فقد صنعت باباً حديدياً على إحدى الغرف، وجعلت منها مثل «زنزانة منزلية» حبست ابنها فيها لما يقرب من سنة ونصف، دون أن تسمح له بالخروج والاحتكام بالآخرين، إلى أن تم الكشف عن الواقعة.

انتشرت صور للشاب «محمد» وهو يجلس خلف الباب الحديدي، على عدد من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدت مديرية أمن الدقهلية تلك الصور، فبدأت في التحرك للوصول إلى الشاب، حتى تمكنت من تحديد مكانه في منطقة «عزبة الشال» بمدينة المنصورة.

الحاجة «زينب م.»، والدة الشاب، أكدت أنها لجأت إلي حبس ابنها في غرفة داخل شقتها خوفاً عليه من إيذاء نفسه أو إيذاء من حوله، مشيراً إلى أنه كان يترك البيت في كثير من الأحيان، لينام في المقابر بمفرده، أو على شاطئ الترعة، وعندما يعود يقوم بالتعدي عليها بالضرب أو العض حتى كان يغرس أسنانه في جسدها، وعندما يظهر عليه المرض، لا يسلم من يوجد أمامه من إيذائه.

وأضافت الأم، في محضر الشرطة، أن فكرة «عزله داخل غرفة أراحنا من مشاكله، خاصةً أنه يرفض أخذ الدواء، وفي نفس الوقت رفضت مستشفى دميرة للأمراض النفسية، في أن يعود لها مرة أخرى، ولا يوجد مستشفى مجاني غيره في الدقهلية، وأي مستشفى آخر لا أقدر علي تكاليف الإقامة به لمدة يوم واحد»، مشيرةً إلى أنها لم تؤذيه أبداً، بل تمنع إيذائه عن الآخرين، وأوضحت أنها تعيش على معاش شهري قيمته 900 جنيه، في حين أن الشقة التي تعيش بها يصل إيجارها إلى 600 جنيه.

«سمر»، شقيقة الشاب، تحدثت عن ملابسات كشف واقعة حبس أخيها كل هذه المدة خلف الباب الحديدي، بقولها إن أحد أقاربهم عند زيارتهم، طلب أن يصوره وينشر الفيديو حتى يصل صوتهم إلى المسئولين، ويوفرون له مكان في مستشفى لعلاجه، وبالفعل فعل ما أراد، إلا أن الصورة وصلت بالخطأ، مشيرةً إلى قوات الشرطة ألقت القبض على والدتها، رغم أنها أكثر شخص تعرض لإيذائه، وكانت تبحث عن أي مستشفى لتحجزه به، لكنها لم تجد أي مكان مناسب.

وفي الغضون،  وفي استجابة فورية لما نشرته «الوطن»، أصدر الدكتور أيمن مختار، محافظ الدقهلية، توجيهات عاجلة إلى كل من مديرية الصحة ومديرية التضامن الإجتماعي، لتوفير العلاج اللازم للشاب، وتقديم الإغاثة وتوفير الدعم اللازم للحالة.

وقال الدكتور سعد مكي، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، إن الشاب يخضع حالياً للفحوصات الطبية اللازمة، وعقب الانتهاء من الفحوصات، سيتم إيداعه مستشفى الأمراض النفسية في «دميرة»، مشيراً إلى أنه تم أيضاً أخذ مسحة من المواطن، بالإضافة إلى إجراء تحليل صورة دم كاملة، ويجري تقديم العلاج اللازم له.

وأوضح وكيل وزارة التضامن الاجتماعي أنه تم توفير مواد غذائية للأسرة بمحل إقامتها في «عزبة الشال»، حيث يقيم الشاب مع والدته وشقيقتيه، إحداهما متزوجة وزوجها في السجن، ولديها طفلان، كما تم صرف إعانة عاجلة للأسرة بقيمة 500 جنيه.

وأضاف أنه تبين أن مصدر دخل الأسرة يقتصر على معاش الأم، وقيمته 900 جنيه، حيث قرر محافظ الدقلية صرف 300 جنيه شهرياً من مؤسسة التكافل الاجتماعي، لسداد نصف الإيجار، وصرف 300 شهرياً لكل واحدة من البنتين، وتسجيلهما في برنامج تكافل وكرامة.


مواضيع متعلقة