«هاشم» شاهد على أحداث الإسماعيلية: أبويا طرد الإنجليز وهرّب الفدائيين

كتب: عمرو الورواري

«هاشم» شاهد على أحداث الإسماعيلية: أبويا طرد الإنجليز وهرّب الفدائيين

«هاشم» شاهد على أحداث الإسماعيلية: أبويا طرد الإنجليز وهرّب الفدائيين

في مكتب مليء بالصور التاريخية، يجلس جلال عبده هاشم مسترجعًا ذكرياته في الخامس والعشرين من يناير من كل عام، والذي يوافق يوم ميلاده، وذكرى معركة الشرطة في مدينة الإسماعيلية.

يفتح «هاشم» ألبوم صور تاريخي يحمل فيه ذكريات 81 عامًا أكملها اليوم الاثنين 25 يناير، ينظر إلي صورته طفلاً وهو يسير في مظاهرات أكتوبر عام 1950 مندداً بالإحتلال الانجليزي، وأخري خلال انضمامه للفدائيين.

يشير هاشم بإصبعه إلي صورة يظهر فيها طفلاً في أول المرحلة الإعدادية، يقف لحظة ليحكي «كنا عيال لكن بنحب البلد، وكنت في مظاهرة، أنا فاكر لما كنت بشوف الفدائيين، وأجري وراهم عشان ألمس البندقية».

يقول صاحب الـ 81 عامًا لـ«الوطن»، أن أولى مشاركاته جاءت في فترة ما قبل أحداث معركة الشرطة، من خلال الاشتراك في مظاهرة طلابية خرجت في أحد الأيام للتنديد بالاحتلال الإنجليزي.

يضيف «قبل معركة الشرطة كانت الإسماعيلية على صفيح ساخن، فقبلها بشهرين خرجت مظاهرة من مدرسة الإسماعيلية الثانوية، وانضم لها طلبة وعمال وموظفون، ولحظة وصولهم ميدان عرابي أحرقو (النافي)، وهو السوق المخصص للبريطانيين وأحرقو العلم الانجليزي».

جاءت الواقعة بحصار فُرض علي الإسماعلية لأيام طويلة للبحث عن الفدائيين والطلبة المشاركين في المظاهرة، وبات الجيش الإنجليزي في شوارع الإسماعيلية يغلق شارعًا تلو الآخر بحثاً عن الفدائيين، إلا أن الحصار ولّد عمليات فدائية أكبر ضد الاحتلال.

ويضيف «الإنجليز وقتها طلبوا من الشرطة البحث عن الفدائيين وتسليمهم، لكن الضباط رفضوا، وبدأ الاحتكاك من هنا طلب ورا طلب دون أي رد، ثم طلب الإنجليز من الشرطة ترك المحافظة وتسليم السلاح، وهو ما رفضه الضابط مصطفى رفعت وفؤاد سراج الدين باشا وزير الداخلية حينها».

تطور الأمر إلى محاصرة قسم البستان (مقر مديرية الأمن حالياً) بالدبابات، ومع رفض الشرطة الاستسلام، بدأت الاشتباكات بقوة جيش بريطاني أمام بندقية البوليس المصري.

يقول هاشم «كانت معركة صعبة أثبت فيها المصريون بسالة غير عادية، ودفعت القائد البريطاني لتقديم التحية للشهداء والمصابين، وراح ضحيتها أكثر من 50 شهيدًا و80 جريحًا».

ويذكر أن ماحدث في موقعة قسم البستان دفع العديد من أهالي الإسماعيلية لرفض العمل في معسكرات الإنجليز، وتطور الأمر لطرد عائلات إنجليزية من المنازل والأحياء في الإسماعيلية.

ويقول «وقت الاحتلال كان فيه شباب وعمال كتير بيشتغلوا في معسكرات الإنجليز، رفضو العمل وضحوا بلقمة العيش، ووالدي علي سبيل المثال طرد عائلات إنجليزية كانت تقيم في شقة بالإيجار بمنطقة عرايشية مصر».

لم يقف الأمرعند رفض العمل فقط، فبدأ شعب الإسماعيلية في فرض حصار كبير على الجالية الإنجليزية في المحافظة، فرفض التجار إرسال المؤن والأغذية لهم، الأمر الذي دفع بريطانيا إرسال الطعام في طائرات بشكل دوري، بحسب «هاشم».

يقول «الحصار زاد والنافي اتحرق، وتم ترحيل الأسر إلى معسكر الجلاء خوفاً من بطش الأهالي، وهنا تأكد الإنجليز أن الأمر بات مستحيلاً، وأنه لا حل سوى الرحيل والجلاء عن مصر».

ويروي «في الفترة دي بدأ الإنجليز البحث عن الضباط والفدائيين، وفي يوم جاء لوالدي 3 أشخاص ضباط وطلبوا منه أن يخفيهم عدة أيام لحين هروبهم من الإسماعيلية، وهنا جاءت الفكرة له أن يعيشو في شقة الإنجليز المؤجرة، وهو مكان لن يخطر على بال أحد أن يسكنه ضباط الشرطة أو الفدائيون».

وأضاف «هاشم» أن والده نجح في إخرجهم من الإسماعيلية بعد تغيير ملابسهم وزيهمن وكأنهم عمال نجارة يعملون في ورشته، حتى أخرجهم لمنطقة العباسة في محافظة الشرقية.

صورة للضابط صلاح ذو الفقار في الإسماعيلية قبل اتجاهه للفن

وأشار «هاشم»، إلى أن الفنان صلاح ذو الفقار كان أحد أشهر الضباط الذين خدموا في الإسماعيلية خلال فترة معركة الشرطة، «كان ضابطًا وطنيًا قبل أن يكون فنانًا، وخدم هنا، وكان يحث زملائه والمجندين على الكفاح ضد الإنجليز والوقوف دائماً في صف الفدائيين والشعب المصري».

وخص ابن مدينة الإسماعيلية «الوطن» بصورتين للضابط صلاح ذو الفقار خلال تواجده بقسم البستان بالإسماعيلية، قائلاً «الأرض دي أي حد وقف عليها كان بيحب البلد، ويخاف عليها، واحنا اتربينا فيها على الكفاح وعدم التفريط فيها نهائياً».

وعن هوايته في الاحتفاظ بالصور قال «هاشم»، إن الصورة هي لحظة توقف التاريخ وتعمل على توثيقها للأجيال المقبلة، «جمعت الصور دي عشان أحكي لأولادي وأحفادي اللي كان بيحصل، وأزرع فيهم حب البلد وعشان نقدر نقارن بين الماضي والحاضر».

وطالب «هاشم» بضرورة فتح متحف الشرطة من مديرية أمن الإسماعيلية إلى مكان يخصص له خارج المديرية، وفتحه أمام الجمهور لوجود العديد من التحف التاريخية به.

وقال «المتحف لازم يتنقل، وتمثال الصمود أيضاً لابد من نقله ووضعهما في مكان مناسب، ليكونا عامل جذب سياحي للمحافظة، خاصة في ذكري 25 يناير من كل عام».


مواضيع متعلقة