الكوميديا السوداء فى «ناهيا»: بيت صفيح دون مرافق.. وفاتورة المياه 120 جنيهاً

الكوميديا السوداء فى «ناهيا»: بيت صفيح دون مرافق.. وفاتورة المياه 120 جنيهاً
تحمل بكلتا كفيها أوانى معبأة بالمياه، ترفعها بحرفية فوق رأسها، تسير بخطوات متثاقلة على الأرض فى طريق ممتد من كوبرى ناهيا وصولاً إلى عزبة الصفيح، حيث تسكن إحدى العشش، التى تفتقد المرافق منذ زمن بعيد، رحلة عناء تتجدد يومياً مع نفاذ آخر قطرة مياه داخل المنزل، فيبكى الأطفال طلباً للطعام والشراب، بينما تعجز الأم عن تحمُّل نواحهم الذى لا يهدأ قبل أن تهرول قاصدة صنبور مياه ملحقاً بالمسجد القريب من منزلها.
هلّ محصل المياه بالفواتير، اندهشت صباح على من حضوره، كاد لسان حالها ينطق: «جاى ليه البعيد؟ هندفع تمن حاجة ما بنشوفهاش؟ إلا ما عمرى شفت ميّه نازلة من الحنفية»، وزادت دهشتها حين سلمها الفاتورة بقيمة 120 جنيهاً، هنا أسقط فى يديها، ضربت على صدرها بكلتا يديها، وكادت تبكى، قبل أن تقرر أن تجعل المحصل شاهداً على الحالة البائسة التى تعيشها دون مياه «خدته من إيده، وخليته يشوف البيت الصفيح اللى قاعدة فيه وما دخلهوش مرافق طول عمره».
الحياة، التى تتحملها «صباح» بشق الأنفس، زاد من صعوبتها فاتورة دفع غير مستحقة، عليها أن تسددها، وإلا تتعرض للحبس، ورغم ضآلة المبلغ بالنسبة للبعض، لكنه بالنسبة لها «يضلع ويوجع القلب»، «المحصل بلغنى إما الدفع أو الحبس، والفاتورة مكتوب فيها عنوانى، رحت شركة المياه أشتكى، بس الظاهر الشكوى لغير الله مذلة».
الرضا يرتسم على وجهها كلما تذكرت أن بالقرب من منزلها دورة مياه تستطيع أن تسد احتياجات منزلها «كل يوم بفطر بعد أدان المغرب بساعتين بسبب المشوار اللى بمشيه على رجلى علشان أجيب الميّه، وبقول عيشة وتعدى».
طريقة جلب المياه التى ارتضتها «صباح» وعائلتها كبديل عن حقها فى توصيل مرافق إلى منزلها تتميز بلون غامق، تحمل شوائب عالقة على سطحه، وذات طعم ورائحة غريبين، بحسبها «يعنى الميّه موسخة كمان وبنستحمل ونشرب وناكل ونغسل منها، ومش عاجب الحكومة، وطبعاً دى ممكن تجيب للناس اللى بتشرب منها المرض».