كورونا يفتك بشاب ووالدته في أقل من شهر: «رجعوا بنعشين ودفنا دون وداع»

كتب: سمر عبد الرحمن

كورونا يفتك بشاب ووالدته في أقل من شهر: «رجعوا بنعشين ودفنا دون وداع»

كورونا يفتك بشاب ووالدته في أقل من شهر: «رجعوا بنعشين ودفنا دون وداع»

قبل نحو شهر، كان «محمد» يمارس حياته بشكل طبيعي، يقضي أغلب وقته في نشاط دائم داخل ورشة السيارات الخاصة به، بإحدى قرى مركز الحامول في محافظة كفر الشيخ، فجأة وبدون أي مقدمات، شعر بضيق في التنفس، وارتفعت حرارته، وسيطرت الأوجاع على جسده.

لم تضع زوجة «محمد ي. ع.»، صاحب الـ40عاما، وقتا، واصطحبته سريعا إلى إحدى العيادات الخاصة، ليصف لها الطبيب مضادات حيوية، لكن مر اليوم الأول والثاني والثالث، والحرارة لا تعرف طريق الانخفاض، بدأ الشك والقلق يسيطر على الأسرة، التي تحركت إلى مستشفى الحامول المركزي، لتبدأ هناك رحلة «الذهاب بلا عودة»، إذ شخصت حالته بفيروس كورونا.

كورونا جاتله منين؟

حالة من الدهشة أصابت أسرة «محمد»، بسبب غموض التقاط عدوى كورونا، خاصة وأن الشاب الأربعيني، كان يحرص على اتباع كل الإجراءات الاحترازية أثناء ممارسة عمله وخلال تعامله مع الناس، الأسوأ وقت طرح السؤال، أنهم اكتشفوا إصابة والدته البالغة التي تخطى عمرها 75 عاما بالفيروس اللعين، لتنقل على الفور إلى المستشفى وتتوفى بعد 5 أيام.

تقول زوجة محمد لـ«الوطن»: «لم نبلغه يوفاة والدته حتى لا تسوء حالته، منعرفش العدوى جت منين، ومعندوش أي أمراض، لكن لما درجة الحرارة ارتفعت، فكرنا إنها حرارة عادية، روحت بيه لدكتور في عيادته الخاصة، أعطاه مضادات حيوية، وبعد يومين لقينا الأعراض بتزيد، فروحنا مستشفى الحامول، وحينما رأوا التحاليل والأشعة، قالولنا كورونا واتحجز هناك».

رحلة الموت بين مستشفيات العزل

مستشفى الحامول المركزي، لم يكن آخر محطات «محمد»، إذ تدهورت حالته بسرعة كبيرة، حتى نقل إلى مستشفى سيدي غازي، ومنه إلى بلطيم: «حالته تدهورت في الحامول، وكان محتاج جهاز تنفس صناعي، خاصة بعد وفاة والدته، رغم أننا أخفينا عليه خبر وفاتها، وبعد محايلات تم نقله لسيدي غازي، حالته تدهورت أكتر، لحد ما لقينا سرير في مستشفى بلطيم للعزل، واتنقل هناك، وبعد أيام اتحسن، وفجأة تدهورت الحالة، ومات بعد أقل من شهر من وفاة والدته، خاصة عقب علمه بوفاتها»، بحسب الزوجة.

المكالمة الأخيرة: وصية ونصيحة

تتذكر الزوجة الثلاثينية، التي طالها نال فيروس كورونا من جسدها هي الأخرى، آخر اتصال بينها وبين زوجها، إذ أخبرها أن حالته تسوء: «كلمني وقالي حالتي مش حلوة ومش قادر أخد نفسي، الناس هنا بيقولوا ساعد نفسك، لكن أنا مش قادر، وشكل النهاية قربت، خلي بالك من الولاد، وربنا يتولاكم، وقولي للناس إن الفيروس خطير، مش بيفرق بين كبير ولا صغير».

رحيل بلا وداع: الأم وابنها في نعشين

ذهب الشاب إلى عدة مستشفيات، لكنه لم يعد إلى ذويه، كان الأمل يتملكه حتى الساعات الأخيرة من حياته، أنه سيعود سالما إلى أحضان أطفاله: «كان نفسه يرجع ياخد ولاده في حضنه، لكنه ذهب بلا عودة، مثلما أصيبت والدته وذهبت ولم تعد، كلاهما عادا في نعشين، دون إلقاء نظرة الوداع عليهما، خالتي ماتت مقدرتش أروح أحضر جنازتها، علشان كنت مصابة بالفيروس، وجوزي مات وهيندفن النهاردة، بس نفسي ألقي نظرة الوادع عليه».


مواضيع متعلقة