الحوار المجتمعى (2)

شريف المنير

شريف المنير

كاتب صحفي

استمراراً لما بدأناه فى المبحث السابق، وتأكيداً لما لمسناه من رغبة العديد من أطياف المجتمع فى أن تبدأ المرحلة الجديدة من عمر الوطن العزيز بتلاقى الأفكار والتعرف على متطلبات ورغبات الفئات المشاركة فى تكوين المجتمع الضريبى والتآلف بين جميع مكونات المنظومة الضريبة، مثل الممولين والقائمين على تنفيذ قوانين الضرائب ومشرعى القوانين، ونحن بصدد تطبيق أحكام القانون رقم 91 لسنة 2005 وتعديلاته؛ فقد تلاحظ لدينا أن القوانين السابقة قد أوجبت على الجهات التى تتعامل مع أرباب المهن الحرة وهم الأطباء والمهندسون والمحامون والمحاسبون والخبراء والأدباء والمؤلفون والفنانون على اختلاف تخصصاتهم وكذلك المرشدون السياحيون وغيرهم؛ أوجب القانون خصم مبلغ تحت حساب الضريبة يُقدر بنسبة 10% على إجمالى المبالغ المنصرفة يزاد إلى 15% على الدفعات التى تتجاوز مبلغ خمسمائة جنيه مصرى. وقد تم تعديل نسبة الخصم من المنبع تحت حساب الضريبة إلى 5% فقط مهما كانت المبالغ المنصرفة، وذلك من واقع القانون سالف الذكر. ومع استطلاع رأى النقابات المهنية الممثلة لهذه الأنشطة ومراجعة أرقام حصيلة مصلحة الضرائب توصلنا إلى: أولاً: لا بد أن يعرف الجميع أن هناك اختلافاً جوهرياً بين نشاط المهن الحرة وبين النشاط التجارى أو الصناعى. ففى حالة المهن الحرة، وبنظرة متأنية إلى ماهية هذا النشاط، نجد أن مزاولى هذه الأنشطة، كالطبيب مثلاً، يتقاضون أتعابهم فورياً من إجراء عمليات لدى المستشفيات والمراكز الطبية، والمحامى كذلك يتقاضى أتعابه عن إقامة الدعاوى العمومية، والفنان يتقاضى أتعابه عند التعاقد للقيام بعمل فنى. إذن فكل هذه الفئات يتيسر لها أن تستقطع نسبة معقولة من إيراداتها وفاء لجزء من دين الضريبة المستحقة عليها مستقبلاً. ثانياً: من المعلوم أن هناك فترة زمنية بين القيام بخصم المبالغ تحت حساب الضريبة وبين موعد تقديم الإقرارات الضريبية عن هذه الوقائع المنشئة للضريبة. وكذلك هناك فترة زمنية قد تمتد لسنوات قبل قيام مصلحة الضرائب بمراجعة إقرارات الممولين عن هذه الفترة. وحيث إن الحد الأقصى للضريبة قد زاد من نسبة 20% إلى 25% عن صافى الإيراد الذى يتجاوز أربعمائة ألف جنيه سنوياً ثم إلى 30% عن صوافى الإيراد التى تتجاوز المليون جنيه سنوياً، وحيث إن أصحاب المهن الحرة قد لا تتوافر لديهم نفس السيولة المالية عند تقديم الإقرارات الضريبية أو عند قيام المصلحة بمحاسبتهم، وقياساً على قاعدة أن المبالغ التى تقوم مصلحة الضرائب بالحصول عليها من نظام الخصم والتحصيل هى أولى وأهم خطوات تحصيل الضريبة، لذلك نقترح على السادة المختصين، وبعد الحوار مع دافعى ضريبة المهن الحرة عن طريق ممثليهم من نقابات واتحادات، أن يتم رفع نسبة المخصوم تحت حساب الضريبة عن المبالغ التى تتجاوز مائة ألف جنيه إلى نسبة 10% وعن المبالغ التى تتجاوز المليون جنيه إلى نسبة 15%. وبذلك يتوافر للدولة -وهى بصدد بناء دولة حديثة- فروق مالية تقدر بالمليارات سنوياً، ونحن نعلم جميعاً أن هناك مئات الاستثمارات التى يمكن من خلالها الاستفادة من هذه المبالغ المعجلة بدلاً من انتظار تحصيلها لعدة سنوات، وقد يكون فيها الممول معسراً ونكون قد حرمنا اقتصادنا من مبالغ سهلة التحصيل وعظيمة الفائدة. أرجو أن يكون هناك استماع وإنصات لهذه المقترحات وأن يتم الحوار المجتمعى بشأنها حتى نصل إلى الفائدة المرجوة وهى -بلا شك- صالح الوطن.