الحبيب الجفرى: قواعد القتال فى الإسلام أرقى من «القانون الدولى»

كتب: محررو «الوطن»

الحبيب الجفرى: قواعد القتال فى الإسلام أرقى من «القانون الدولى»

الحبيب الجفرى: قواعد القتال فى الإسلام أرقى من «القانون الدولى»

- خيرى رمضان: أهلاً وسهلاً بحضراتكم وحلقة جديدة من «لحظة سكون»، بعد أن قدمنا فى الأيام الماضية 3 حلقات عن اتهامات وشبهات حول الإسلام بأنه دين عنف ودين إرهاب، وردنا عليها، النهارده كمان حنحاول نقرأ بموضوعية هل الإلحاد يقدم نموذجاً للسلام والمحبة لا يوجد فيه عُنف وقتل، هذا ما سأناقشه اليوم مع سيدى الداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى. أهلاً وسهلاً. - الحبيب على: حياكم الله وبارك فيكم، ومرحباً بالجميع فى «لحظة سكون». - خيرى رمضان: فى الحلقات الماضية كنت تشعر أن الإسلام متهم وتدافع عنه. وفى هذه الحلقة هل ترى أن الآخرين متهمون أو مدانون فتؤكد إدانتهم؟ - الحبيب على: الحمد لله، صلى الله على سيدنا محمد الرحمة المهداة والسراج المنير وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: مرّ معنا فى الحلقات الماضية حديث مفصل أُجيب فيه عن كثير من الاستشكالات التى تتهم الإسلام بأنه دين دموى، وهنا نقول أيضاً هذا لا يعنى أن الإسلام لا يرى القتال للدفاع عن الأرض والعرض، وعندئذ يكون حاسماً قوياً دون اعتدال. لكن البعض يقول: صحيح سنسلم لك أن كلامك على حق، وأن الذى حصل هو فهم خاطئ وأنت قلت فى الحلقة الماضية إن المشكلة فى التطبيق وليس فى النص، طيب لماذا نعرض أنفسنا لهذه المخاطرة ما دام النص قابلاً أن يُخترق ويُطبق بطريقة خاطئة؟ فلنعزل الدين عن الحياة. هكذا يقولون. ويُحكم العالم بالعلمانية التى تُنحِّى الدين، كل واحد يأخذ الدين الذى يريده لكن العلمانية ستكون صمام أمان يحمى الأنفس والحريات ويرفض الدماء ويحفظ الأعراض، طيب إذا كان دينك صحيحاً، لكن اللى بيستخدموه بشكل خاطئ، سنحمى دينك من الشكل الخاطئ أو الاستخدام الخاطئ، فنعطيك فرصة أنك تحمى دينك ونحن نحمى المجتمع من القتل! وإذا كانت العلمانية هى الحل وأتى شخص آخر مثل أخينا فى الحلقات الماضية وذكر أن الدين الإسلامى هو سبب القتل وأن الحل فى الماركسية اللينينية، فصار عندى حلان بديلان عن الإسلام. دعونا نتأمل: نأتى إلى الماركسية اللينينية هل هى بالفعل قادرة على أن تحمى نفسها كفكرة من أن تُستخدم للقتل؟ سنرى. أمامى إحصائية هنا للقرن الماضى؛ الحروب التى خاضها «ستالين» فى قتل الناس داخلياً وخارجياً كانت لتطبيق الفكرة الماركسية اللينينية. الرمز ماذا فعل؟ «ستالين» ما بين عام 1924 إلى عام 1953 أسقط نحو 20 مليون قتيل. تعالَ اجمع لى كل عمليات الإرهابيين الذين يعملونها باسم الإسلام فى قرن كامل.. فى 1400 سنة أعمل إحصائية للقتلى الذين قُتلوا تحت إسم الإسلام بحق وبغير حق، من الطرفين من المسلمين ومن يُقاتلونهم لن تبلغ فترة حُكم شيوعى واحد. ستالين قتل 20 مليون شخص. فى الصين الشعبية الماوية الماركسية الشيوعية قتلت بين 1994 و1975 نحو 40 مليوناً. أوضح لنا أن الماركسية مهما كانت تطالب بالعدالة الاجتماعية لكنها لا تستطيع أن تحمى نفسها من أن تُستغل لتتحول إلى مبرر للقتل بهذه البشاعة التى لا يقبلها عاقل. قلت: طيب خلاص خلوا الشيوعية ونأخذ العلمانية؛ العلمانية التى لا تحمل الفكر الشيوعى الاشتراكى ممكن تكون رأسمالية ليبرالية كما تشاءون. - خيرى رمضان: سيدى، كم عدد من قُتل فى الحروب التى قادها الرسول -عليه الصلاة والسلام- منذ نزول الوحى وحتى وفاته؟ - الحبيب على: بعضهم قال 700 وكسور فى كل الحروب، لأنه لم يحسب قتلى بنى قُريظة 600 ونحو من ذلك، لأنهم ليسوا قتلى حرب، لكن قتلى على القضاء، سنحسب الجميع هم وغيرهم وكل ما يمكن أن يُحسب من المسلمين ومن المشركين لن يتجاوزوا 3 آلاف وبالكتير 5 آلاف إنسان، لو بالغنا وقبلنا أقوال كل من يقول. - خيرى رمضان: فى كل الذين يقولون على أنه عُنف وإرهاب.. - الحبيب على: فى 10 سنوات من حُكم النبى -صلى الله عليه وسلم- فى المدينة لا يمكن أصلاً أن يصل إلى 5000، فهذه مبالغة. تُضيف إليها عهد الأمويين وحروبهم ومشاكلهم وما فعلوه وحروبهم الداخلية والخارجة والعباسيين وحروبهم لن يبلغوا مليوناً! لن يبلغوا 500 ألف! أتحدى.. - خيرى رمضان: دا على مدار كم سنة؟ - الحبيب على: 7 قرون، أتحدى أن يصلوا إلى المليون.[FirstQuote] - خيرى رمضان: والله دا عيب! - الحبيب على: يعنى كيف يضحك عليا؟! - خيرى رمضان: إحنا شفنا مجموعة من المشاهد التى تؤكد أو تدعم كلام الحبيب، وبعض الإحصائيات اللى بتتكلم عن أرقام موثقة وأكيدة عن التاريخ الإسلامى. ونواصل الحديث. - الحبيب على: سيأتى من يقول: نعم، صحيح أن الشيوعية هذه كانت إجرامية و«ستالين» ارتكب جرائم قتل أكثر من نصف شعب الشيشان فى تهجيرهم إلى سيبريا وغيرها. سنقول: إن الصين فعلوا كذا وارتكبوا ضد البوذيين وحاربوا الدين ومنعوا حرية الاعتقاد، وليس كما قيل فى التقارير فى الحلقات الماضية: إن الشيوعية لا تدخل فى الاعتقاد، إنما هى تفصل الدين عن الحياة. سيقولون: نعم، الشيوعية هذه فيها إرهاب وفيها كذا، لكن العلمانية شىء مختلف. وتعالوا بنا نحكم العلمانية فى دولنا ونترك الدين اختياراً خاصاً، الدين لله والوطن للجميع، ونفصل المسألة.. لماذا؟ قال: إذا فصلنا المسألة سنحمى الناس من القتل باسم الدين، ورأينا ما حصل فى بلداننا فى هذه المرحلة وما يحصل إلى الآن، وأيضاً سنحمى الدين بهذه الطريقة حتى لا يُستخدم. جزاكم الله خيراً، سنقبل هذا إذا ثبت أن العلمانية قادرة كفكرة أن تحمى نفسها من سوء الاستغلال.. أليس هذا هو الإنصاف؟ الحرب العالمية الأولى والثانية من الذى قادها؟ هل قادتها دول تبنى حروبها على أسس دينية ولَّا على أُسس علمانية؟ قادتها دول علمانية. كم قتلى الحرب العالمية الأولى؟ ما بين 1914 إلى 1918 يعنى 4 سنوات فقط ما يقترب من 15 مليون إنسان عسكريين ومدنيين، وضحايا الحرب العالمية الثانية نحو 66 مليون ضحية، ولم ننتهِ. هذه دول علمانية، آسف لا تزعلوا منى إخوتى العلمانيين، فيه مثل فى مصر يعنى يقول: «إدارا ورا حيطة». - خيرى رمضان: لكن برضو مش حينفع أقارن مرحلة كان عدد البشرية كلها قد إيه فى عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصعوبة التنقل وغيره والأسلحة مختلفة تماماً، لكن حروب وفيها ذرة وطيارات وأسلحة مختلفة تماماً، برضو المقارنة ظالمة غير موضوعية.. حضرتك دايماً تقول: ماتجردش الشىء من سياقه، لا تقتطع السياق التاريخى.. - الحبيب على: ببساطة جداً.. أنا لا أقارن بين الأعداد بانفصال عن المبدأ الذى وضعته للمقارنة. ما هو المبدأ؟ إخواننا الذين يقولون: لا ينبغى أن يتدخل الدين فى الحياة، عللوا ذلك بأن الدين من وجهة نظرهم قابل للاستخدام ولو كان الدين حسناً ومحترماً لكنه قابل لأن يُستخدم ويُستغل فى عمليات الإرهاب. فوجه المقارنة هنا أن الدين الذى تدَّعون أنه قابل لأن يُستخدم ما الذى يُقابله؟ قالوا: أفكار علمانية أو شيوعية هى التى تحمى التفتح وعزل الدين. هل استطاعت هذه الأفكار أن تتحقق على أرض الواقع دون أن تُستخدم سياسياً للمجازر الكبرى؟ - خيرى رمضان: طيب دا عصر قديم والعالم ضميره صحى دلوقتى وبطلوا حروب كبيرة وعايشين دلوقتى شايفين نمو وازدهار فى العالم الغربى. - الحبيب على: حاضر. بس قبل هذه حتى لا يُقال إنه أيضاً سياق تاريخى مختلف، اذهبوا واقرأوا عدد قتلى الحروب الداخلية فى أوروبا قبل الأسلحة الفتاكة؛ كم عدد الهنود الحُمر والشعوب فى الأمريكتين الذين قُتلوا؟ 100 مليون إنسان، باعترافهم. لماذا هناك فرق؟ لأن القتل خالٍ من المبادئ وليست هناك قواعد، أما القتال فى الإسلام له قواعد متعلقة بأحكام وقواعد متعلقة بأخلاق، أقولها بكل طمأنينة قلب: «هى أرقى بكثير من قواعد الحرب المعاصرة اليوم فى القانون الدولى». هناك من يقول إن العلمانية تحصنت بالليبرالية وبالتالى أصبح هناك ديمقراطية وهؤلاء الديكتاتوريون. تمام.. احتلال أمريكا للعراق كان سنة كم؟ فى 2003، وفى البداية قيل إنها حرب صليبية، يُلصقها بالمسيحية، فلما غضب الناس قال: لا، لا أقصد؛ إن هذا مثل شائع فى ثقافتنا! ثم جعل المبرر «الديمقراطية»، و«نريد أن ننقذ الشعب العراقى ونحرره»! ما النتيجة؟ قبل هذه الحرب حصار 11 سنة مات فيها أكثر من مليون طفل بسبب نقص الدواء، ودخلت الحرب؛ مئات الآلاف من القتلى وأكثر من 3 ملايين عراقى مشرد! العراق إلى اليوم الدماء تسيل فيه، حلوا الجيش العراقى، وتركوا العراق وسلموها لرؤية طائفية متطرفة، وانظر إلى وضع العراق الآن.. مسئولية من هذه؟ هل هذه الديمقراطية التى يتكلمون عنها؟ ومن الذى قام بها؟ هم أكثر من يتشدقون بالديمقراطية، الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية. - خيرى رمضان: وأفغانستان؟ - الحبيب على: أفغانستان.. طيب أنت ترى هناك من اعتدى عليك فذهبت تقاتله، ما الذى حصل فى قتالك فى أفغانستان؟ كم من الأبرياء إلى اليوم يُقتلون فى أفغانستان؟ تعالَ يا صاحب الديمقراطية والإنسانية والليبرالية، ما الذى حصل فى «أبوغريب»؟! ولماذا لم تجعل «جوانتانامو» فى الولايات المتحدة؟! لأن القوانين الأمريكية تمنع هذا النوع من الاعتقال، فذهبوا إلى أرض استأجروها فى كوبا، ولا زالت تحت إدارتهم خارجة عن نطاق القوانين الأمريكية، ومارسوا فيها كل ما هو مخالف للإنسانية والقانون! أنا هنا لا أدعى الدفاع عن المسجونين، فيهم الإرهابى وفيهم المجرم، لكن أتكلم عن القواعد الإنسانية التى يتشدقون بها! ثم بعد ذلك يأتون يُهاجمون الدول العربية! كان فيه تقرير ضد الإمارات وتقرير ضد مصر، حتى من كثرة ما قرأت هذه التقارير الخارجية الأمريكية توهمت أن «جوانتانامو» فى الإمارات ولَّا فى مصر! - خيرى رمضان: إذن ماذا تريد فى النهاية؟ - الحبيب على: أريد أولاً القول إنه ثبت عندنا فى الحلقات الماضية أن ادعاء أن نصوص الشريعة هى التى تبرر الإجرام وتحث عليه.. باطل. وثبت عندنا أن التطبيق كان مخالفاً للنصوص التى ادعاها. هذه الحلقة حاولت أن أثبت، وأظنه أصبح واضحاً، أن ادعاء «ضرورة تجنيب الدين عن الحياة» فى العلمانية أو الشيوعية أو الإلحاد ملتحفاً بأى لحاف، ضماناً لعدم استغلال الأفكار السامية للقتل.. هذا غير صحيح أيضاً.