«آلام».. قصة قصيرة تحكي ما عاشه طبيب بين جدران غرفة العزل: نقلت تجربتي

«آلام».. قصة قصيرة تحكي ما عاشه طبيب بين جدران غرفة العزل: نقلت تجربتي
الطب محفوف بالمشاعر، الخطر يؤجج الحواس، دموع النجاة والرحيل تدعو للتأمل، الخوف من المجهول يوقظ الغافل، ذلك ما اعترى داخل الطبيب «إياد درويش» خلال فترة الجائحة، يهرول في المستشفى نهارًا لإنقاذ مرضاه من شبح وباء مجهول لا يعرفون منه سوى اسمه «كورونا» وينزوي ليلًا في أحد الأركان يؤلّف كتابات جديدة ويُخرج مارد مشاعره وقلقه من جوفه على أوراق كُتب لها أن تتوج بالترشح لقائمة القصص القصيرة في مهرجان الشارقة الأدبي بالإمارات.
أصيب بفيروس كورونا في يوليو الماضي واستغل العزل في استكمال كتاباته الأدبية
بين زملاء الطفولة والمراهقة عُرف الطبيب الأربعيني إياد درويش بولعه الدائم للقراءة والتأليف، يترك لخياله العنان فيبدع في وصف ما يجول بصدره، انقلبت مجريات الأمور في نهايات 2019 بمرض والدته التي ترك العمل وكل شيء من أجل رعايتها وحينها بات القلم رفيقه في ليالي السهر، كلما أغمضت العجوز عينيها وخلدت إلى نومها همّ هو بالكتابة والتأليف، «اعتذرت عن منصبي كمدير لإدارة المستشفيات في الشرقية وفي الفترة دي استكملت الرواية الأولى ليا بعنوان منزل إبليس وبدأت في كتابة روايتي التانية بعنوان الحب الملعون»، يقول الطبيب في بداية حديثه لـ«الوطن».
في مطلع عام الوباء، وتحديدا في يناير من عام 2020، عاد الطبيب الشرقاوي إلى مهام عمله التي اعتذر عنها مدة أربعة أشهر لرعاية والدته المريضة، كنائب لمدير عام الطب العلاجي بمحافظة الشرقية، وحين اشتدت الأزمة وارتفعت أعداد الإصابات انشغل، مجبرًا، عن الكتابة والتأليف، يخرج في الثامنة صباح كل يوم ولايعود إلا وقد اقتربت عقارب الساعة من الثانية عشرة منتصف الليل يتفقد مستشفيات العزل في المحافظة للتأكد من التزام الجميع بإجراءات الوقاية، «كنت بنام وأنا ماسك الموبايل بإيد وجهاز اللاسلكي بالإيد التانية الأخرى»، بحسب وصفه.
نصائحه التي يمليها على العاملين في القطاع الطبي ليلًا ونهارًا لم تقيه، رغم التزامه بها، من الإصابة بفيروس كورونا خلال الموجة الأولى من الوباء سقط فريسة له في يوليو الماضي وعادت أيام السهر داخل العزل من جديد ولكن تلك المرة كمريض وليس طبيب، «اتحجزت في مستشفى العزل صدر الزقازيق»، يتلقى جرعات العلاج في موعدها ويداوي ألامه قليلًا بالكتابة.
«آلام» عنوان القصة القصيرة التي اختزل فيها «درويش» ما رآه بين جدران العزل
صوت القلم كان أعلى من آلام «كورونا»، انتصر الطبيب الأربعيني على الفيروس، بعد أن انتهى من كتابة روايته الثانية بعنوان الحب الملعون وتم التعاقد على نشرها بالتعاون مع أحد دور النشر والتوزيع، وبدأ في كتابة قصة قصيرة جديدة.
«آلام» عنوان القصة القصيرة التي اختزل فيها «درويش» ما رآه بين جدران العزل، نقل خلالها مشاعره كطبيب وأب حرمه الوباء من حضن أبناءه الثلاثة، كيف حاولت ابنته الصغرى الاقتراب منه فحاول منعها بابتسامة ممتدة من بعيد، تلك المشاعر الخاصة التي تربطه بصغيرته انعكست على صفحاته روايته السبع فأنجزها في غضون وقت قليل رغم ظروف الجائحة.
ضمن المتنافسين بفئة القصة القصيرة في مهرجان الشارقة الأدبي وقع اختيار إدارة المهرجان على رواية «آلام» ضمن الفائزين، وتم إبلاغ الطبيب الشرقاوي عبر البريد الإلكتروني، «بلغوني إنه هيتم نشر القصة القصيرة ضمن كتاب مجمع عن أزمة كورونا»، فباتت تلك الفترة العصيبة موعد ميلاده الأدبي ليس فقط بالداخل وإنما خارج حدود الوطن.