التصلب المتعدد "MS": معاناة تبدأ بوخز"القدم" وتنتهي بـ"العجز"

التصلب المتعدد "MS": معاناة تبدأ بوخز"القدم" وتنتهي بـ"العجز"
يشعر العديد من مرضى «التصلب العصبى المتعدد - MS»، والذى يعرف أيضاً بسارق الشباب، بأنهم منبوذون داخل المجتمع نظراً لإصابتهم بمرض يصنفه البعض بأنه نفسى ولا يعتبره آخرون إعاقة، على الرغم من تأثيره المباشر على الجهاز العصبى والنخاع الشوكى، ما يؤدى فى كثير من الأحيان إلى الإصابة بعجز بالأطراف، وما يصاحب ذلك من الحاجة إلى وسائل طبية تساعد المرضى على الحركة، بينما يذهب آخرون إلى عدم الاعتراف به كمرض، وذلك لعدم ظهور أعراض إعاقة على بعض المرضى، ويصنف الأطباء هذا المرض بأنه «مناعى يؤدى إلى عدم تعرف كرات الدم البيضاء على الجسم فتبدأ فى مهاجمته محدثة آلاماً شديدة لدى المرضى»، تعرف بـ«الهجمات»، والتى تصيب العصب البصرى فى كثير من الأحيان، إلى جانب الأطراف.
المرضى: "حياتنا كابوس.. والتشخيص المتأخر سبب تدهورنا"
«الوطن» تفتح ملف المرض، لمعرفة الأوضاع النفسية السيئة والتهميش الذى يعانى منه هؤلاء المرضى بسبب قلة الوعى العام حول طبيعة المرض وخطورته والأدوية التى تسبب الضعف العام فى الجسم عند تناولها، تواصلنا مع عدد كبير من المرضى، البعض منهم طلب إخفاء هويته حتى لا يصاب بوصمة مجتمعية عندما يعرف المحيطون به حقيقة مرضه، كما استمعنا إلى أطباء ومتخصصين طالبوا بنشر الوعى الكافى حول طبيعة هذا المرض للمساهمة فى رفع الروح المعنوية للمرضى نظراً لإصابتهم بمرض مزمن، وأكدوا لنا بدورهم أن هناك أكثر من 60 ألف مصاب فى مصر وفقاً لبعض الإحصائيات غير الرسمية، التى أجراها عدد من المؤسسات المهتمة بهذا المرض، إضافة إلى إصابة 2.3 مليون مواطن حول العالم به، مشيرين إلى أنه أكثر شيوعاً بين فئة الشباب.
35 عاماً عاشتها مريم ناجى، من محافظة القاهرة، فى حياة طبيعية لم يعكر صفوها شىء، إلا أن السعادة لم تدم طويلاً، وذلك عندما استيقظت السيدة على تنميل فى الذراع اليمنى، حينها شكت أنها ربما تكون قد نامت بشكل خاطئ وهى متكئة عليه، ما أدى إلى صعوبة وصول الدم إلى الأطراف، ومن ثم حدث تنميل فى الذراع، ومع زيادة الألم إلى حد جعلها أصبحت لا تستطيع إمساك القلم من أجل الكتابة، ولم يعد لديها أية قوة فى اليد، جميع الأشياء تسقط من يدها حينما تحاول الإمساك بها، دفعتها تلك الأمور إلى الذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب لتعرف ماذا حدث بيدها اليمنى وما سبب تلك الآلام، طلب الطبيب منها إجراء أشعة رنين مغناطيسى على المخ والرقبة، لتكتشف الفتاة صدمة إصابتها بمرض التصلب العصبى المتعدد MS، كلمات الطبيب فى الاستشارة وقعت عليها كالصاعقة التى غيبتها عن الوعى للحظات تفكر فى هذا المرض الغريب، وماذا يعنى؟ وهل ذلك التصلب سينتقل بالضرورة إلى باقى أجزاء الجسم، أم أنه فقط سيقف عند حد اليد اليمنى، كلمات قليلة دارت بين الفتاة وعقلها الباطن.
فى بداية الأمر لم تعر الفتاة اهتماماً لما قاله الطبيب وذهبت لطبيب آخر للتأكد من حقيقة مرضها الذى لا تعلم عنه شيئاً، ليؤكد لها الطبيب الثانى إصابتها بالمرض، ولمزيد من التأكد زارت الفتاة أكثر من 6 أطباء لأخذ جرعة «الكورتيزون»، أيقنت «مريم»، أنه لا مفر من الالتزام بما يحدده الأطباء لها من أدوية، تتناسب مع إصابتها تلك، حتى يمكن إيقاف المرض من الانتشار فى الأعصاب الأخرى فى الجسم وإصابتها بحالة تيبس تؤدى بها إلى التوقف فى نهاية الأمر: «نفسيتى كانت وحشة جداً لأنى مكنتش عارفه فيّا إيه، ولما كنت بطلب أجازة من الشغل بسبب مرضى يفتكرونى بتمارض وده مش صحيح لأن المرض أعراضه داخلية مش بتبان للناس أنا مكنتش بقدر أفتح عينى من التعب اللى فيه، كان فيها نار لدرجة كنت على طول بقفل عينى وأحط عليها كمادات تلج علشان أرتاح من الوجع، كل ده ومحدش معترف أصلاً إنى مريضة، خصوصاً إنى مكنتش لسه اتشخصت».
مرض يؤثر على"الحبل الشوكي" والرسائل بين الدماغ والجسم.. وبعض الخبراء يعتبرونه "نفسياً" أو "إعاقة"
يصيب المرض الأعصاب ما يؤثر بدوره على الحبل الشوكى، وتكمن خطورة ذلك المرض فى أنه يحجب الرسائل العصبية والإشارات التى تتدفق بين الدماغ والجسم، ما يؤدى فى كثير من الأحيان إلى مشكلات فى الرؤية وضعف العضلات والتوازن.. أعراض عديدة تصاحب الهجمات يلخصها الدكتور محمد عيسى، أستشارى أمراض المخ والأعصاب، فيقول إن أشهر الأعراض هو خدر القدم وكأنه وخز دبابيس، وعند الضغط على الساق لفترة طويلة يؤدى ذلك إلى انقطاع تدفق الدم مؤقتاً، كما أن الشعور بالتعب فى جميع الأوقات يعد أيضاً من أكثر الأعراض انتشاراً، إلى جانب انقطاع الطمث، ومشكلات فى البلع أو الكلام، وعادة ما تكون المشكلات المتعلقة بالكلام والبلع مترافقة، وتلك الأمور تعد مؤشراً على وجود مناطق متضررة فى الدماغ، تلك المناطق تؤثر على الكلام، الأمر الذى يتسبب فى تشويه الصوت: «من الأعراض برضه، فقدان التوازن، وعدم القدرة على التمييز بين الألوان، إلى جانب شرب الماء بكثرة مع مشكلات فى التبول وعدم القدرة على السيطرة على المثانة، وصعوبة إرسال رسائل نصية أو الكتابة على لوحة المفاتيح».
"شيرين": "الهجمة اللي دخلتني الرعاية كانت في المخ.. ولما بحكيها لحد بيستغرب إني لسه عايشة أو بمشي ومستوعبة.. وكنت عايشة على الجلوكوز"
مع النصف الثانى من 2018، بدأت شيرين عاكف 22 سنة، طالبة، الاستعداد المكثف للامتحانات، ولم تكن تدرى أنها لن تتمكن من دخولها، فهى التى كانت قد أهلكت نفسها فى المذاكرة للحصول على تقدير مرتفع، ولكن تشاء الأقدار أن تصاب الفتاة بدوران بشكل مفاجئ، أرجعه البعض إلى صيامها لشهر رمضان الذى كان قد حل وقتها، إلى جانب المجهود الزائد فى المذاكرة، تمنت حينها «شيرين»، أن يكون ما يُقال هو بالفعل تفسير ما حدث لها، ولكن تطور الأمر سريعاً، إلى حد جعلها تترك الامتحان فى نصف الوقت وتخرج، فهى لم تعد تتحمل المكوث لفترات طويلة: «كنت بستنى حد يروّحنى عشان ما أقعش من طولى. اتوجهت لمستشفى الجامعة باطنة قالت لى أنيميا وكتبت أدوية، لكن بعدها الموضوع تطور. عينى اليمين ابتدأ يكون عليها غمامة بسيطة جداً وزيادة فى الدوخة، رُحت بعدها مستشفى الجامعة تانى لدكتور قلب عمل لى رسم قلب ووجهنى لدكتور مخ وأعصاب، ومحدش فيهم فادنى بحاجه ولا اللى فيا دا إيه».
انتهت الامتحانات، ولم تكن الفتاة تدرى ماذا أجابت على ورقة الأسئلة، وهل ستنجح أم ستكون ضمن الراسبين، وفى ليلة وضحاها استيقظت الفتاة على هالات سوداء حول عينيها، بعد أن كانت غمامة تعيقها عن الرؤية، ومن ذلك التاريخ لم تعد العشرينية قادرة على النزول والتجول بمفردها، فلا بد لها من مرافق حتى لا تسقط أرضاً، فهى لا تعرف ما الذى أصابها ولماذا خارت قواها، ومع تزايد الضبابية فى عينيها، قررت الذهاب إلى طبيب عيون، ليخبرها الأخير أنها بحاجة لنضارة طبية نظراً لانخفاض مستوى الرؤية لديها، وبناء على توصية الطبيب ذهبت أيضاً لطبيب أمراض باطنة وبدوره أخبرها أنها مريضة ضغط، هنا ساءت حالتها النفسية، فكيف لها أن تتحمل تلك الصدمات التى تتوالى عليها وهى ما زالت فى سن صغيرة، ثم توجهت لطبيب مخ وأعصاب، ومع بداية المتابعة معه علمت أنها مصابة بمرض التصلب العصبى المتعدد MS، لتحاول «شيرين» أن تكمل حياتها بشكل طبيعى، ولكن بعد مرور 48 يوماً فقط من الهجمة أحست الفتاة بتنميل فى اليد والقدم اليمنى، فتواصلت مرة أخرى مع الطبيبة التى كانت تتابع معها منذ ظهور الهجمة الأولى للمرض، وطلبت منها أن تذهب إليها لتركيب محلول سيظل 5 أيام متواصلة: «كتبت لى دوا اسمه Avonex صرفته من الجامعة، وكان عبارة عن أربع حقن، ومكنتش فاهمة دى بتتاخد إزاى ولا فين وشكلها غريب، سألتها بعد ما قرأت عن الأعراض الجانبية اللى مكتوبة فى الروشتة اللى معناها إنى ممكن أموت، قالت لى ملكيش دعوة بيها، وقالت لى إن الحقن بتتاخد عضل من غير ما تقول كلمة زيادة، نزلت الصيدلية وأخدت أول حقنة، من بعدها جتلى دوخة وصداع مش بيفارقنى الـ24 ساعة، وتطور الموضوع لدرجة أنى كنت بقع فى الشارع».
ظلت «شيرين»، حتى شهر أكتوبر من نفس العام، وحينها انعزلت عن العالم الخارجى، إلى حد جعلها تشعر بأنها قد ماتت إكلينيكياً، لا يمكنها أن تأكل أو تشرب، كما أن التحكم فى البول لم يعد متاحاً: «ما بقعدش، ما بقفش، ما بتكلمش وكل كلامى غلط، كانوا فاكرنى اتلبست وجابولى شيخ، وكنت عايشه على الجلوكوز والبامبرز وأكل الأطفال».
تقول الدكتورة دينا زمزم، أستاذ المخ والأعصاب ومدير المشروع القومى لتطوير وحدات MS، فى أمانة المراكز الطبية المتخصصة، إن جهاز المناعة وظيفته الأساسية هى التخلص من الخلايا الضارة داخل الجسم، من خلال مهاجمتها وطردها، ولكن هناك خلل قد يصيب الجهاز المناعى فى بعض الأحيان، يجعله لا يمكنه التعرف على المادة التى تحيط بالأعصاب فيبدأ مهاجمتها، الأمر الذى يظهر فى صورة هجمات تصيب المرضى: «الدواء بيتحدد طبقاً لحالة المريض نفسه، وده بعد ما بنعمل له رنين مغناطيسى على المخ ويتشخص ويتعرف المرحلة المرضية اللى هو فيها، سواء كانت مرحلة النشاط البسيط أو شديد النشاط أو الشرس، بعد تحديد الدواء تأتى المرحلة الأهم وهى ضرورة تغيير نمط الحياة كى يتوافق مع طبيعة المرض، وده جزء كبير من العلاج».
"ضحى" تنشئ أول قناة متخصصة لمساعدة المرضى: "فيه معلومات كتير غلط وكان لازم أوضحها: ولأني زيهم قدرت أوصلها لهم"
توقفت عقول بعض المرضى عن التفكير فيما هو قادم، فكيف لهم أن يمنحوا ثقتهم فى قواهم بعد أن خارت منهم، فمن منهم يعلم إن كان المستقبل سيأتى وهو من بين الأحياء، ولكن وسط تلك الصعوبات وتلك العقبات، قررت ضحى محمد، والتى تبلغ من العمر 31 سنة، ليسانس آداب، تقطن بمنطقة الهرم، أن تهزم المرض بتدشين قناة على «يوتيوب» للتوعية ضد المرض وتعريف المرضى كيفية التعامل مع تلك الإعاقة، منذ سنوات عديدة لم تعد تتذكر الفتاة عددها، تعرضت للهجمة الأولى من المرض، والتى تمثلت فى ظهور عدد من الأعراض، والتى تطورت حتى خارت قواها، وأصبحت لا تقوى على الحركة، لتتحول حياتها إلى كابوس سيظل يلازمها حتى الممات: «زادت الأعراض لدرجة إن مبقتش قادرة أقف على رجلى ولا فى كنترول على البول، وبقى عندى ازدواجية فى الرؤية ولسانى تقل ده غير إنى خسيت 13 كيلو من غير أى سبب، فضلت سنتين متشخصة غلط مفيش أى دكتور عارف أنا عندى إيه، لدرجة إنى رُحت لدكتور عيون وكانت هى دى بداية التشخيص لأنه قالى إن عندى التهاب فى العصب البصرى ودى كدة حاجة فى المخ».
عضو "رعاية للتصلب المتعدد": "كل اللي في الجمعية مرضى وهدفنا مساعدة بعضنا في العلاج ونشر الوعي ورفع الروح المعنوية"
لم تيأس الثلاثينية من حالتها الصحية، وقررت أن تشترك فى جروب جمعية رعاية للتصلب المتعدد، وحينها طلبت منها إدارة الجمعية القيام بعمل فيديو توعوى للحديث عن أهمية التواصل لمريض الـMS، ومن هنا كانت بداية فكرة إنشاء قناة خاصة بها: «خطيبى وقف فى ضهرى وشجعنى، وكان داعم ليّا بشكل كبير، وكان سبب فى إنى أعمل أكتر من فيديو إيجابى أشجع فيهم مرضى التصلب العصبى المتعدد».
جاءت فكرة القناة لبث فيديوهات لتوعية المرضى بتفاصيل هذا المرض إلى جانب تعريفهم بسبل التعايش مع المرض: «حبيت أوجه فيديوهات لتوعية أهاليهم كمان إنهم إزاى يتعاملوا مع مريض الـMS لأن إحنا مرضنا صامت، ومش كل اللى حوالينا بيعرفوا معاناتنا، وقلت كمان أعمل فيديوهات للطاقة الإيجابية عموماً عشان نفسيتنا تكون أحسن لأنها العامل الأساسى فى علاجنا، والناس اللى شجعتنى على فكرة القناة دى هما بابا وماما وخطيبى ودايما بيقولوا لى إنهم فخورين بيا، ومن هنا قررت إن يكون ده محتوى قناتى على يوتيوب، وابتديت فعلاً أعمل فيديوهات كتير عشان أنقل فيها تجربتى بشكل بسيط وإزاى بتعايش مع ظروف المرض وإزاى بحاول أسهل على نفسى كل الحاجات الصعبة اللى بتقابلنى وبشجعهم إنهم يعيشوا حياة طبيعية وإنهم يحاولوا يتعلموا حاجات جديدة زى ما أنا اتعلمت الرسم والكروشيه».
مدير وحدة الأعصاب بـ«عين شمس»: يؤدي إلى إحداث خلل فى وظائف جهاز المناعة.. و«عيسي»: الشعور بالتعب أكثر الأعراض انتشاراً
تقول الدكتورة منى مختار، مدير وحدة الأعصاب بمستشفى عين شمس التخصصى، إن مرض الـms بالعربية يعنى التصلب المتناثر بالجهاز العصبى المركزى، وهو مرض مناعى حيث يهاجم جهاز المناعة المخ والحبل الشوكى، ويشير الاتحاد الدولى للتصلب العصبى المتعدد إلى إصابة 2.3 مليون شخص حول العالم به، وأن هذا المرض يستهدف الشباب، ولا يوجد تفسير قاطع لذلك، إذ يتم تشخيص معظم المصابين به فى الفترة ما بين 25 و31 سنة من أعمارهم، ويصل عدد النساء المصابة إلى ضعف عدد الرجال، بينما تحدث الإصابة به بشكل أكثر شيوعاً فى الأعمار التى تتراوح بين 15 و40 عاماً، ولم تستبعد تقديرات أخرى احتمال ارتفاع سن الإصابة به إلى 60 عاماً.
وتشير «منى»، إلى أن مرض التصلب العصبى المتعدد يتميز بفترات الانتكاس والعودة منها، ويعنى ذلك أنه يتحسن لفترة من الوقت، ولكن بعد ذلك، يمكن أن يهاجم الشخص المريض من حين إلى آخر، فى حين أن البعض الآخر لديه نمط تقدمى متدهور: «الاكتشاف المبكر للمرض وتلقى العلاج المناسب مع المتابعة الطبية يساعد المريض على ممارسة حياته بصورة طبيعية»، مضيفة: «تشخيص المرض يتم عن طريق أشعة الرنين المغناطيسى بالصبغة على المخ والفقرات، وقد يحتاج المريض لعمل بذل من السائل النخاعى، وتم اعتماد 15 دواءً من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لعلاج المرضى».
منذ قرابة العشر سنوات بدأت أعراض المرض تظهر على سامح عيد (اسم مستعار)، طبيب بيطرى بالبحيرة، وفى سبيل تشخيص حالته دائماً ما كان يذهب لأهل التخصص الذين كانوا يعالجون فقط الأعراض، ولكن دون جدوى لأنها تعاود الظهور مرة، كانت تلك الأعراض فتاكة، حيث دائماً ما كان يشعر بـ«تنميل» فى منتصف الجسد، بعد أن التحق بالخدمة العسكرية ظهرت أولى الهجمات القوية نظراً للمجهود الذى كان يبذله فى التدريبات، حيث تسببت تلك الهجمة فى الإصابة بشبه شلل فى الأيدى والقدمين.
بعد أن انتهى الشاب من تأدية الخدمة العسكرية عمل فى مزرعة خاصة، فكان يعمل فى الحر الشديد إلى جانب نوم متقطع، ما أصابه بهجمة قوية أجبرته على ترك العمل: «حاولت بعدها أرجع الشغل بس لقيت نفسى هتعب تانى فسبته خالص وقررت أشتغل فى صيدليتى الخاصة، ومن ساعتها وأنا بتحصل لى أمراض متنوعة، مرة خراريج صغيرة فى وشى، ومرة التهابات فى معدتى».
تعرض الثلاثينى لهجمة شديدة أصابت العصب البصرى، وحينها ذهب إلى طبيب وهناك طلب منه عمل رنين مغناطيسى للتأكد من الحالة، وحينها عرف الشاب لأول مرة أنه مصاب بمرض التصلب العصبى المتعدد، بعد عناء دام لما يزيد على 10 سنوات لتشخيص الحالة.
يقول الدكتور محمود سعد، استشارى مخ وأعصاب بجامعة عين شمس، إن مرض التصلب العصبى المتعدد هو مرض مناعى يسبب خللاً فى وظائف المناعة، وتكمن خطورة ذلك المرض فى تأخر التشخيص نظراً لعدم دراية المريض بنوعية المرض الذى يهاجمه، وكذلك الطبيب أيضاً فى بعض الحالات نظراً لأن المريض يذهب لعدم التخصص معتمداً فى ذلك على الأعراض الظاهرة، كأن يذهب إلى طبيب عيون فى حالة شعوره بألم فى العصب البصرى، كما أن تشابه الأعراض مع بعض الأمراض العصبية الأخرى أحد عوامل تأخر التشخيص: «أوقات المريض بيروح لمراكز أشعة غير معروفة وده بيكون سبب فى تأخر التشخيص لعدم دقة الفحص».
وهناك عدة مفاهيم مغلوطة حول طبيعة المرض ينفيها «سعد»، ويقول إن مرض التصلب العصبى المتعدد لا يصنف كونه مرضاً معدياً: «مش بصفة مباشرة وراثى، لكن الاستعداد الجينى قد يكون عاملاً مساعداً فى الإصابة بالمرض».
منذ أكثر من 29 عاماً، وهو يعانى من إصابته بمرض التصلب العصبى المتعدد MS دون أن يعلم وظل لأكثر من 10 سنوات حتى تمكن من تشخيص حالته، لم يكن يعلم الأطباء ما به، الأمر الذى جعلهم يعطونه أدوية نفسية: «مرضنا بيصيب فئة الشباب الصغير فقط»، قالها عبدالمسيح وليم، عضو مجلس إدارة جمعية رعاية، ومسئول لجنة المتطوعين ولجنة توزيع الأدوية على المرضى، الذى يؤكد أن الجمعية هدفها تعريف المرضى بطبيعة هذا المرض إلى جانب المساهمة فى رفع الروح المعنوية لهم، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول المرض، مشيراً إلى أن جميع العاملين بالجمعية هم مرضى تصلب عصبى متعدد، فى مراحل مرضية متباينة، وأن تلك الجمعية تعد الأولى من نوعها التى تقوم على المرضى أنفسهم، فلا يسمح لأحد من الأصحاء أن يشارك فى العمل التطوعى: «لما مريض يساعد مريض هيكون فاهم طبيعة المرض بشكل أحسن، وهيحس بالمريض لأنه برضه بيتعرض لنفس الهجمة بنفس الأعراض لكن فى وقت تانى. المؤسسين نفسهم مرضى».
يلخص «عبدالمسيح» معاناة المرضى ويقول: «تعقيد الأوراق دى مصيبة كبيرة لنا، دا فيه بند واحد بس مصيبة كبيرة لنا، ورقة تثبت إننا غير مؤمّن علينا من شارع الألفى وسط البلد، بعد كدا نثبت تانى إننا غير مؤمن علينا من 20 شارع الأهرام فى مصر الجديدة، والمريض أصلاً خلصان ومش بيعرف يتحرك ورقتين بس تخليه مريض لمدة شهر، ولازم نعمل كل ست شهور أشعة رنين مغناطيسى على حسابنا الخاص، ده غير العلاج الخاص بالتبول اللا إرادى، أو علاج التشنج العضلى اللى بيعانى منه طول العمر دا يتم الشراء على حسابه الخاص ودى مشكلة كبيرة لأن المريض لا يعمل، ولو المريض راح لأى وحدة MS، ما بيلاقيش الحقن اللى المفروض ياخدها فى أسرع وقت علشان يلحقوه من الإصابة بالعمى أو بالشلل بسرعة».