زوزو نبيل.. احكي يا شهرزاد

زوزو نبيل.. احكي يا شهرزاد
"بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد".. تصحبك شهر زاد في رحلة امتزج فيها الواقع بالخيال، تحكي فيها للملك شهريار، عن "علي بابا وعلاء الدين والسندباد"، وتروي الأساطير والحكايات، وتطوف بين البلاد والعباد، من بغداد إلى القاهرة وحتى بلاد "الواق الواق"، وتظل على هذا الحال حتى يأتي الصباح، ويهم الديك بالصياح، وتسكت شهر زاد عن الكلام المباح.. ها هي صاحبة الصوت الساحر الرنان، زوزو نبيل، تمتعك بأحاديثها وحكاياتها على مدار "ألف ليلة وليلة" من التشويق والإثارة.
في عام 1955، ولمدة 23 عاما متواصلة، عشق جمهور الإذاعة المصرية، صوت زوزو نبيل في شخصية شهرزاد، فكانت حكاياتها وجبة رمضانية ممتعة، تعرض فيها التراث الشعبي لـ"ألف ليلة وليلة"، فاستطاعت بصوتها وأدائها، أن تصل إلى أذن وقلب الجمهور، وهو ما أوضحته بالقول في إحدى الحوارات الصحفية "شخصية شهرزاد تعتبر من العلامات الفنية في حياتي وتاريخي الفني الطويل، وأدين لهذه الشخصية بالشهرة لدى جمهور المستمعين من الإذاعة، قبل ظهور التليفزيون، الذين تعرفوا على صوتي، وأحبوني من خلال هذه الشخصية الأسطورية الجميلة، التي حظيت بشعبية كبيرة، وكانت كل الأسر تلتف حول الراديو للاستماع إليها".
"عزيزة إمام حسين".. الاسم الأصلي لشهرزاد الفن، التي ولدت بمحافظة المنوفية في 6 يوليو 1920، ولمعت موهبتها في سنوات صباها، فتركت المدرسة وعملت بالمسرح والسينما، وعندما أرادت أن تصبح ممثلة وهي لا تزال صغيرة السن، عارضتها والدتها بشدة ومنعتها من التمثيل، ولم توافق على أن تصبح ابنتها ممثلة، إلا بعد بكاء وتوسلات عديدة، وبعد أن أقسمت بأن تصبح مثالا للشرف والاستقامة، وهو قسم حافظت عليه حتى آخر أيام عمرها.
60 عاما وأكثر، هو عمر المسيرة الفنية للراحلة زوزو نبيل، قدمت فيها أشكال وألوان مختلفة من دروب الدراما، فكانت المرأة الشريرة، والزوجة المطحونة، والأم، وسيدة المجتمع، فالرحلة بدأت من المسرح، عندما التحقت بفرقة مختار عثمان، واستمرت معها، ثم انتقلت إلى فرقة يوسف وهبي، حتى كان أول أدوارها السينمائية في فيلم "الدكتور" عام 1937.. نجاحها في تقديم الأدوار المركبة والصعبة، جعل مخرجي جيلها يضعونها على رأس قائمة اختياراتهم، حتى أن المخرج حسن الإمام، استعان بها في 12 فيلما، كان أولها "أسرار الناس".
بصمة الصوت المميزة، ومخارج الألفاظ السليمة، واللسان الفصيح، أهلها لأن تكون أستاذة في معهد السينما، تدرس مادة "الإلقاء والصوتيات" مع الفنان الراحل عبدالوارث عسر، لطلاب المعهد، ويتخرج على يديها جيل من الفنانين، كما تربى على صوتها أجيالا من المستمعين.
"الفنان الحقيقي لا يعتزل إلا عندما يموت".. هكذا كانت ترى حياة الفنان، وهو ما أكدته بعد أن انتشرت شائعه اعتزالها التمثيل عام 1989، لبلوغها سن الخامسة والسبعين، فقالت: "أنا الآن في الخامسة والسبعين، والتمثيل يجعلني على الأقل أصغر بعشر سنوات، وإذا اعتزلت التمثيل سأكبر عشر سنوات".
"مولاي".. هكذا سكتت شهرزاد زمن الفن الجميل عن الكلام المباح، بعد أن حيرت شهريار، وأفلتت من يد مسرور السياف، لتلاقي رب البلاد والعباد، ويواري جسدها الثرى حتى قيام الساعة.