الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| الحبيب على الجفرى: احتقار الملحد يزيده ضلالاً

كتب: محررو «الوطن»

الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| الحبيب على الجفرى: احتقار الملحد يزيده ضلالاً

الداعية الإسلامى الكبير يواصل الرد على الملحدين| الحبيب على الجفرى: احتقار الملحد يزيده ضلالاً

الجفرى: هناك 3 أسباب تقضى إلى هذا الأمر، الأول، أن هؤلاء منا وفينا، إخوتنا وأبناؤنا، والنظر إليهم بالاستهتار واللامبالاة، وبالتحقير، سيؤدى إلى تعمق الجرح الذى بداخلهم وهو أحد أهم أسباب إلحادهم، إضافة إلى زيادة ضلالهم، والسبب الثانى، أن اللامبالاة هى نوع من الهروب، يعنى لا نريد أن ندفن رؤوسنا فى التراب كما يقال فى المثل المشهور، هؤلاء موجودون ويتكاثرون بسرعة أكثر مما يتصور البعض من الذين يستخفون بهذا الأمر، والسبب الثالث، أننا جنينا ثماراً مريرة بسبب منهجية التغافل، ليس فى هذا الموضوع بل فى أكثر شئون حياتنا، وسيُفاجأ البعض عندما أقول إن الثلاث سنوات إلى الخمس سنوات المقبلة ستشهد ما يشبه التسونامى من التشكك فى الدين، والإلحاد إذا لم نتعامل معه بأسلوب راق، علمى، منطقى، أخلاقى، فسنكون مسئولين أمام الله عز وجل عما ستأتى به الأيام فى المرحلة المقبلة، إضافة إلى أن عدم المبالاة بإخوتنا وأبنائنا يجعلهم يشعرون بعدم الانتماء، إذن لماذا نندهش عندما يتحول ولاؤهم وانتماؤهم إلى الخارج. خيرى: حلقة اليوم عن العدالة الاجتماعية، وصديقى الملحد اليوم يطرح فكرة العدالة الاجتماعية فى الإسلام، ويرى أن العدالة الاجتماعية غائبة عن الإسلام، وأن «ماركس وإنجل ولينين»، هم من حرصوا على تطبيق العدالة الاجتماعية على البشرية. عماد: فى ظُلم على الأرض، فى شر وفى خالق لهذا الشر، الدين وسيله لتخدير الشعوب، خطبت الجمعة مرتين سنة 2008، أنا كنت خطيباً للجمعة، فقد قابلت مجموعة من الشباب السلفى هم الذين عرفونى على أحمد حطاب ودرست على أيديهم «منار السبيل فى شرح الدليل فى الفقه الحنبلى»، وأيضاً درست «المُغنى» لابن قدامة، فى الفقه الحنبلى، وحضرت دروساً للشيخ محمد سعيد مقدم، والشيخ سعيد عبدالعظيم، لكن لم أحضر لياسر برهامى، وبدأت أسمع الشيخ الألبانى، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وأخذت طريقاً آخر أن أسمع الشيخ أسامة القوصى وبدأت أميل لفكرة العقلانية قليلاً عنها للتشدد، فكنت لا أميل للتشدد بطبيعتى وأنا سلفى كنت أقول عليهم سلفيين لمن التزم بفكرهم هو سلفى أما المتشددون فهؤلاء خوارج، وهم كانوا يقولون عنهم مرجئة. كنت أسمع عن «ماركس» كثيراً، لأن والدى يتفرج على التلفاز ويحب متابعة الأخبار، وبدأت أقرأ كتباً منها دور العمل فى تحول القرد إلى إنسان، وأصل العائلة، والملكية الخاصة والدولة، وبدأت آخذ هذا الطريق وأتشكك، لا أستطيع أن أحدث أحداً عن أن الفكر الماركسى يدعو إلى الإلحاد أو ترك الدين، لا، هو يدعو إلى عدم تدخل الدين فى السياسة ومقتنع جداً بأن الدين أفيون الشعوب، الدين وسيلة لتخدير الشعوب، ورجال الدين هم يمين، كل أطراف اليمين سواء عسكرى، سواء دينى، يستغل الفقراء والمساكين. هناك ظلم على الأرض، هناك شر، وهناك خالق لهذا الشر، لماذا يخلق الشر أصلاً؟! هذه أول نقطة، لماذا يخلق الظلم أصلاً، لماذا يكون هناك أغنياء وفقراء. خيرى: «عماد» طرح مجموعة من الأفكار خاصة العدالة الاجتماعية فى الإسلام، فى التطبيق وما يطرحه المتشككون والملحدون فأين العدالة الاجتماعية التى يتكلم عنها الإسلام؟ الجفرى: هناك إشكاليتان، الأولى، تتمثل فى أن الحكم على النظرية من خلال التطبيق الخاطئ لها ليس بحكم صحيح، إذا قلنا إن الإسلام له منهجية فى التعامل مع ما يسمى اليوم بالعدالة الاجتماعية، هذا لا ينقضه أن المسلمين اليوم قد خالفوها. النقطة الثانية: لا يوجد اليوم على وجه الأرض نظام نجح فى تطبيق العدالة الاجتماعية التى يتحدث عنها. لا النظام الرأسمالى فى أوروبا وأمريكا الذى ازداد فيه الأغنياء غناء والفقراء فقراً، بل تحولت إلى رؤية وحشية فى التعامل تطحن البشرية طحناً، الرأسمالية المتوحشة هى التى شردت عام 2008 ملايين فى الولايات المتحدة الأمريكية وجعلتهم فى العراء دون بيوت. أما النموذج الشرقى الذى كان يسمى بالمعسكر الاشتراكى، الرؤية الشيوعية، فأين النموذج؟! نموذج البلورية الذى تكلم عنها لينين بعد ماركس وبدأ ستالين تطبيقها، ما الذى رأيناه؟ رأينا ظلماً تضاعف، ازداد الفقير فقراً، بل حُرم من حقه الأصلى فى التملك، وكانت السبب الأساسى لانهيار الاتحاد السوفيتى. الصين بدأت نهضتها المادية بعد أن ألقت بهذا الكلام خلف ظهرها وأصبحت اشتراكية السياسة رأسمالية الاقتصاد. فإذا كنا سنحتكم إلى النموذج ونقول أين النموذج، المسلمون حالتهم سيئة، سنسأل نفس السؤال، أين النموذج فى العدالة الاجتماعية؟! فى المعسكر الشرقى، وفى المعسكر الغربى! خيرى: أين النموذج الذى وعد به الخالق؟ الجفرى: الحق سبحانه وتعالى لم يعد بنموذج، أعطانا منهجية، ووعدنا إن نحن أخذنا بها أن تظهر ثمارها، فمسئولية الأخذ بالمنهج تعود إلينا، التشريع الذى جاء من السماء متناسق ومتوافق مع الفطرة، متوافق مع الالتقاء بالواقع بقدر استعدادات البشر، حرك الفقير أو حث الفقير على العمل، والأحاديث التى وردت فى الحث على العمل كثيرة ولا تتسع الحلقة للخوض فيها، والآيات التى تدل على العمل ومطالبة الانتهاض به كثيرة. كل هذه موجودة لكنها أيضاً لأنها جاءت من خالق البشر وخالق الأرض والسماء أقرت حقيقة موجودة، أن الناس تتفاوت فى قدراتها. هناك من لديه همة أكبر وقدرة أكثر على الكسب، وهناك من هو أقل، هذا فى كل العالم، ما جاءت به الشريعة أن توجد توازناً فلا يستغل صاحب القدرة على التملك قدرته ليسحق الفقير، فجعل أحكاماً شرعية فى البيع والشراء تمنع الاحتكار، تمنع الظلم، تمنع الغش، تمنع المطل، وجاءت أيضاً للذين وصلوا إلى حد من الإعدام أو العجز تمنعهم من الاكتساب فجعل الله لهم حقاً معلوماً. هذا الحق المعلوم موجود فرضاً على الغنى، الزكاة ليست منه، هى حق جعله الله لشديد الفقر، ثم الذى يستطيع أن يعمل أمره بالعمل، هذه الملامح. أين نحن من تطبيق هذه الملامح؟! إذا كنا نحن لا نطبقها فهى مشكلتنا. خيرى: مشكلة التطبيق و«عماد» تطرق فى حديثه لجملة أن الدين أفيون الشعوب، والحكام باسم الإسلام يستغلون الدين لتخدير الشعوب، للحفاظ على حكمهم فيبقى الصراع ويظل الفقير فقيراً والغنى غنياً، سيدى دعنا نكمل الجزء الخاص بالعدالة الاجتماعية فى الإسلام، ونؤجل الحديث عن الجزء الخاص بالدين أفيون الشعوب إلى حلقة الغد. الجفرى: فالعيب على الناس وليس على المنهج، فى التاريخ نجح المنهج عند التطبيق، إلى حد أن فى عهد عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه طيف بالزكاة فلم يوجد مستحق للزكاة! معنى هذا أن لدىّ نموذجاً للتطبيق، ويقول العلماء إن النظرية تثبت بنجاحها ولو لمرة واحدة، ما لم يأت ما ينقض هذه النظرية، فاثبت أن النظرية نجحت. سيأتى من يقول فى هذه الحالة نعم النظرية نجحت فى زمان كانت فيه قابلة للنجاح، أما وقد تطورت البشرية اليوم إلى مرحلة تجاوزت هذه الرؤية إذن هو أصبح غير قابل. والإجابة عن هذا السؤال تتمثل فى نقطتين، الأولى: هل حاولنا تطبيق هذه النظرية مع تطوير أدواتها وهذه مهمتنا نحن لم نؤدها، لأننا بحاجة إلى تطوير الأدوات وإلى التطبيق الصادق إذا لم نفعل ذلك فاللوم علينا لا على النظرية. الثانية: هل توجد نظرية أخرى نجحت؟ هذا السؤال وأقصد بكلمة نجحت، نجحت على المستوى الداخلى دون أن يكون ذلك على حساب الآخرين فى الخارج، بمعنى، نظرية متعلقة بالرأسمالية غير المتوحشة هناك تطبيق نجح فى الدول الإسكندنافية لن أنتظر أن يقول أحد هذا الكلام أقوله لك مباشرة. نعم صحيح نجحت فى الدول الإسكندنافية على المستوى الداخلى لكنها لم تستطع أن تربط هذا النجاح بالالتزام الأخلاقى بالعدالة الاجتماعية على المستوى الخارجى. على سبيل المثال، بعض الشركات الموجودة فى الدنمارك وفى غيرها وهى من الدول الإسكندنافية أرادت أن تتملص من النفقات الباهظة لدفن المخلفات والنفايات الكيميائية الخطيرة، أو الإشعاعية الخطيرة فذهبت إلى أن تدفع رشوة لبعض ولايات الهند حتى تقبل بدفن هذه النفايات السامة فى أرضها، وما أريد أن أقوله إن تطبيق العدالة الاجتماعية لا يقبل التجزئة هى حقيقة ينبغى أن تكون مكتملة. ولو افترضنا صحة حديثك أن نظريتنا غير صحيحة أو لا تصلح لهذا الزمن، أين البديل؟ الذى يريد أن يهدم نظرية ينبغى أن يفكر فى البديل، جيفارا مثلاً هو رمز مشهور جداً، أنا أحترم الجانب الذى أحبه الشباب فى جيفارا وهو الثورة على الظلم، وهو إرادة التغيير، لكن أدعو ألا نحوله إلى مقدس يمنعنا عن التفكير، جيفارا نجح فى الهدم وفشل فى البناء. أنا آسف يا شباب، أعلم أن هذه الكلمة ثقيلة على النفوس، لكن أستغرب من لا يثقل عليه أن ينتقد الخالق سبحانه وتعالى ويرى أن هذا من الحرية الفكرية، ثم يصعُب عليه أن يسمع منى نقداً لرمز من الرموز. أنت وقعت فى المقدس من حيث لا تشعر. جيفارا نجح فى هدم دولة الطغيان أو دولة الرأسمالية المتوحشة مع كاسترو، فلما نجحوا فى الثورة فى كوبا، كاسترو عين جيفارا وزيراً للصناعة والعمال. خيرى: حضرتك تعلم أن ما تقوله سيكون صدمة للكثير من الشباب؟ الجفرى: يعنى الشباب الذين يرون أنهم عندهم الشجاعة ولديهم الجرأة على أن يتخلصوا من الموروث المقدس الماضى، أنا أظن أنهم أشجع من أن يرفضوا تغييراً فى رؤية مقدس جديد ظهر فى غير ثوب المقدس. ولهذا أنا أقول معلومة، جيفارا فشل -سامحونى من ثقل العبارة- فى أن يطبق النظرية الاجتماعية الاشتراكية الماركسية اللينينية على أرض الواقع، ولهذا لم ينجح ليكون وزيراً للصناعة والعمال، واعترف بهذا الفشل فانسحب من دولة البناء، وذهب إلى أفريقيا لينصر ثورة أخرى، ثم ذهب إلى بلدة أخرى فى جنوب أمريكا لينصر ثورة ثالثة، وقُتل هناك.