كيف تحمي نفسك من الحسد؟.. "الإفتاء" تجيب

كتب: سعيد حجازي

كيف تحمي نفسك من الحسد؟.. "الإفتاء" تجيب

كيف تحمي نفسك من الحسد؟.. "الإفتاء" تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا عبر موقعها الرسمي حول الحسد وعلاجه.

وجاء نص السؤال كالتالي: هل يمكن للعين أن تصيب الإنسان بالحسد وتضره، وإذا كان الحسد موجودا وللعين تأثير على الإنسان؛ فما هي كيفية الوقاية منه؟

و أجاب عن السؤال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، حيث أكد أن العين لها تأثير على الإنسان بالحسد كما ورد في القرآن والسنة، وينبغي على الحاسد أن يبتعد عن هذا الخلق الذميم المنهي عنه شرعا، فالحسد يضر الحاسد في دينه فيجعله ساخطا على قضاء الله، ويضره في دنياه فيجعله يتألم بحسده ويتعذب ولا يزال في غم وهم، وعلى المؤمن أن يعلم أنه لا يضره الحسد إلا ما قدره الله عليه، فلا يجري وراء الأوهام والدجالين، وينبغي عليه أن يحصن نفسه وأهله بقراءة القرآن والذكر والدعاء.

وأضاف: الحسد هو تمني الحاسد زوال النعمة من المحسود؛ وهو من الأخلاق الذميمة والأمراض المهلكة التي أمر الله تعالى بالاستعاذة منها؛ قال تعالى: ﴿ومن شر حاسد إذا حسد﴾، ولذا ورد النهي عنه؛ فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا..».

وقد وردت أحاديث في السنة تثبت أن العين حق ولها تأثير على المعيون -أي: من أصيب بالعين-؛ منها ما روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين»، وفي "الصحيحين" من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرها أن تسترقي من العين".

والحسد يضر الحاسد في دينه ودنياه أكثر مما يضر المحسود، فيضره في دينه؛ لأنه يجعل الحاسد ساخطا على قضاء الله كارها لنعمته التي قسمها بين عباده، ويضره في دنياه؛ لأنه يجعل الحاسد يتألم بحسده ويتعذب ولا يزال في غم وهم، فيهلك دينه ودنياه من غير فائدة. أما المحسود فلا يقع عليه ضرر في دينه ودنياه؛ لأن النعمة لا تزول عنه بالحسد، بل ما قدره الله تعالى عليه لا حيلة في دفعه، فكل شيء عنده بمقدار.

وينبغي على الحاسد أن يجاهد نفسه ألا يحسد أحدا، وإذا رأى ما يعجبه عند غيره أن يدعو له بالبركة، فقد روى ابن ماجه في "سننه" عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة. فما لبث أن لبط به، فأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: أدرك سهلا صريعا، قال «من تتهمون به؟» قالوا: عامر بن ربيعة، قال: «علام يقتل أحدكم أخاه، إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه، فليدع له بالبركة».

ولا مانع شرعا من تمني حصول مثل النعمة التي عند الغير، وهي ما يعرف بـ(الغبطة) أو المنافسة في الخيرات، ومن ظن في نفسه وقوع الحسد من الغير عليه؛ فينبغي عليه إن كان يشتكي من مرض ظاهر أن يطرق باب التداوي طبا؛ وهو -أي: التداوي من الأمراض- من الأمور المشروعة، وقد حث الشرع عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله عز وجل أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء؛ فتداووا، ولا تداووا بحرام» رواه أبو دواد، والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبرى".

وعليه بعد ذلك أن يراعي عدة أمور؛ منها: أن يحصن نفسه بالرقية والدعاء أن يصرف عنه السوء والعين والحسد؛ فالدعاء من أفضل العبادات؛ فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾.

ولا حرج في طلب الرقية من الصالحين؛ فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين ضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرني أن أسترقي من العين"، وروى الإمام الترمذي في "سننه" عن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن ولد جعفر تسرع إليهم العين؛ أفأسترقي لهم؟ فقال: «نعم؛ فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين».

ومنها أن لا يعمل جانب الأوهام والظنون في الناس، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بإخوانه ويتهمهم بأنهم حسدوه لمجرد مصادفة أحداث تقع، قد لا يكون لها علاقة بمن يظن فيهم ذلك، ومنها عدم طرق أبواب المشعوذين والدجالين لصرف السحر والعين؛ فالدجل والشعوذة من المحرمات.


مواضيع متعلقة