ماذا سنكسب من فوز "بايدن" وفشل "ترامب"؟
تشهد الساحات الإعلامية العربية طوال الشهور الماضية ولشهرين قادمين، اهتماماً مستمراً بتفاصيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية، حيث احتلت أخبارها مواقع الصدارة، ومثّل الاهتمام بها نسبة بلغت 92% فى غالبية وسائل الإعلام العربية أثناء الانتخابات، وتراوح الاهتمام من 80% إلى 67% بعد ظهور النتائج والصراع القانونى حولها.
كان التوجه الغالب يساند المرشح الجمهورى ترامب، ثم تحول إلى القبول بفوز المرشح الديمقراطى بايدن بالرئاسة، وتهنئة كل قيادات العرب والعالم له مع استمرار إبراز اعتراض ترامب على النتيجة.. واللافت أننا لم نجد اهتماماً بالإجابة عن «ماذا سنكسب من فوز بايدن أو خسارة ترامب أو العكس؟»، وهو ما يشير إلى غلبة العواطف على العقلانية فى مرتكزات الرسائل الإعلامية المقدّمة للجمهور.
أصبحت نتيجة الانتخابات واضحة، وفاز الرئيس جو بايدن برئاسة أمريكا لأربع سنوات قادمة، وأعلن عن فريق معاونيه فى أغلب المواقع، وتراجعت كل الفرص القانونية للرئيس السابق ترامب فى تعديل النتيجة لصالحه.. ولم يبقَ له إلا قيادة المعارضة لو وافق الجمهوريون عليه، فى ظل منافسة قوية من رومنى المحبوب من الحزب الجمهورى.
ونؤكد أن مصلحة وسيادة ورفاهية أمريكا هى المبدأ الأول لكل حكوماتها عبر الزمن، ولكن إذا دقّقنا فى تصريحات وتوجّهات الرئيس بايدن سنجد فرصاً جديدة للاستفادة من فوزه بالرئاسة برؤيته الجديدة، التى تتمثل فى:
1 - عودة النمط المؤسسى القانونى فى صناعة القرار الأمريكى بديلاً للنمط الفردى الصدامى.
2 - تنشيط المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومنظماتها لأداء أدوار فاعلة، بديلاً للإلغاء والتهميش الذى أخر الكثير من البرامج الدولية التى كان يستفيد منها شعوب الدول النامية، وستأتى مواجهة كورونا فى مقدمة الأولويات الدولية.
3 - اعتماد التفاوض الدبلوماسى الهادئ بديلاً عن صخب التويتات المتناقضة التى استخدمها غالبية قادة العالم فى العامين الماضيين، وهو ما يقلل صخب الصراع رغم استمراره.
4 - إقرار «بايدن» وحزبه بالمتغيرات الضخمة التى حدثت فى العالم، وأنه ليس امتداداً لرئاسة أوباما، ولن يكرر ما سبق من سياسات فى العلاقة مع الحلفاء أو الأعداء.
وهذه الرؤية الجديدة تحتم الاستفادة من الخبراء والعلماء والدبلوماسيين للتفاعل مع الديمقراطية الأمريكية الجديدة، وأن نتخلّص من الحالة العاطفية المسيطرة بإعلامنا، لنعود إلى المرتكزات العلمية والعملية، التى تُحقق مصالح الشعب والدولة.