عندنا كورونا في العاشر.. حيلة بواب لتطفيش زوار العمارة والحفاظ على الأسانسير

كتب: شيماء البرديني

عندنا كورونا في العاشر.. حيلة بواب لتطفيش زوار العمارة والحفاظ على الأسانسير

عندنا كورونا في العاشر.. حيلة بواب لتطفيش زوار العمارة والحفاظ على الأسانسير

بهدوء، جلس حارس العقار يحتسي الشاي أمام مدخل الأسانسير، خطوات قليلة تحركها من مكانه ليفتح بابه للوافدين، مستخدما ورقة يلتقط بها مقبض الباب دون أن يلمسه، مطلقا تحذير دون اكتراث: "خدوا بالكم لو مصممين تطلعوا في الأسانسير متلمسوش حاجة.. الدور العاشر فيه كورونا".

قالها وصمت، تاركا حرية القرار لمستخدمي المصعد، الذين غادروه فورا وألسنتهم تتمتم بعبارات السخط والخوف من انتقال العدوى لهم، دون أن ينتبه أحدهم إلى تلك الابتسامة التي تسللت عبر وجه حارس العقار، وهو يغلق الباب بحرص، مستخدما الورقة نفسها، عائدا إلى مقعده في هدوء ليكمل مشروبه الساخن، الذي لا زالت تتصاعد منه الأدخنة، دلالة على أن الموقف لم يستغرق سوى ثوانٍ معدودة.

يوم واثنين وثلاثة مرت على البواب وهو يعتاد نفس التصرف، المشهد يتكرر عشرات المرات يوميا، أناس يهرولون إلى خارج العمارة الكائنة بالدقي، ويقابلون استفسار "هو فيه إيه؟"، بعبارة مقتضبة "العمارة فيها كورونا".

لم يمر الموقف مرور الكرام على أهالي الشارع والمنطقة كلها، هرول صاحب السوبر ماركت لسؤال حارس العقار "مين من السكان جت له كورونا؟"، لكن الإجابة لم ترق له، إذ اكتفى الحارس بتحديد الدور الذي يسكنه المصاب دون أن يحدد هويته، ما أثار حفيظة صاحب السوبر ماركت ودفعه للهجوم على الحارس "يا عم انطق عشان نعرف وناخد بالنا.. ده مرض بيجيب الأجل"، لكن الحارس ظل على صمته.

"مين في العاشر؟ يكونش الأستاذ حامد، ولا الأستاذ عماد.. ولا الشقة الفاضية اتأجرت؟"، أسئلة كثيرة دارت بخلد صاحب السوبر ماركت، وهو يروي لسكان المنطقة من المترددين عليه حكاية البرج الذي يضم حالات كورونا "والبواب مش عايز يقول"، ربما يستطيع تحديد المصاب، لكنه قرر احترازيا منع التعامل مع سكان البرج أو توصيل طلبات لهم، لحين التوصل إلى هوية المصاب.

لم ينتبه سكان البرج إلى حالة الوصم التي يتعرضون لها إلا مؤخرا، حين فوجئت إيلين، بصديقتها تهاتفها بلوم "إزاي ما تقوليش إنك عندك كورونا في العمارة؟"، وتروي لها ما سمعته من صاحب السوبر ماركت، لم تصدق إيلين، وعادت لسؤال حارس العقار بذعر "هو مين جاله كورونا في العمارة؟"، ليفاجئها الحارس "مفيش حد يا أستاذة.. دي إشاعات".

وأمام تكرار الموقف مع غالبية السكان، وملاحقتهم للبواب بالأسئلة، اعترف فجأة أن الموضوع برمته من وحي خياله، مبررا: "في زوار كتير لأدوار منخفضة بيصمموا يستخدموا الأسانسير.. وأعطاله كترت، وبصراحة جاتلي فكرة أعمل فيلم أن عندنا في العمارة حالة كورونا ورجلهم تخف عليا شوية، وأهو نحافظ على الأسانسير".

لم يدرك حارس العقار ابن محافظة أسيوط، خطورة ما ارتكبه، ولم يستوعب الغضب المستعر الذي أبداه السكان تجاه تصرفه، خاصة بعدما أكد لهم تعمده إذاعة الأمر حتى بين أصحاب المحلات القريبة من البرج: "عشان أقطع رجل الديلفري والسكان يطلبوا مني أنا، ده رزقي وهما بيقطعوه عليا".

حيلة البواب قوبلت بحالة من الغضب والإصرار من قبل السكان على مغادرته العمارة، وتوضيح الحقيقة للجميع، لدرجة أنهم فكروا في تعليق لافتة لشرح الموضوع بكل ملابساته، لنفي الوصم الذي لحق بهم.

تروي إيلين: "وارد يبقي فيه مصاب في العمارة، وعدد الإصابات زاد فعلا، لكن مش طالبة شائعات، وحكايات مش حقيقية، لو فيه مصاب إحنا هناخد إجراءات احترازية، لكن حرام نعيش في رعب لمجرد واحد بيهزر".