"أحمد" من طفل متوحد لرمز تطوير التعليم في الصعيد: متخليش حاجة توقفك

"أحمد" من طفل متوحد لرمز تطوير التعليم في الصعيد: متخليش حاجة توقفك
قبل ثلاثة وعشرين عاما، كادت حياة "أحمد مهران" أن تنتهي حتى قبل بدئها. مشكلات صحية عدة رافقته منذ أول صرخة له حرمته من طفولته وعاش معها تحت وطأة عزلة إجبارية خشية التنمر عليه، كلما خرج يشم الهواء في قريته تخترق جسده الصغير نظرات حادة تعيده إلى حيث جاء، أي صديق يرافقه بحركته البطيئة وتلعثمه كلما نطق وضعف حاسة السمع، هكذا كان يتساءل الصغير في نفسه، "أثناء عزلتي بدأت أصاحب كل حاجة من حواليا ماعدا البشر لأني اكتشفت إن محدش هيقبلني"، يقول في بداية حديثه لـ"الوطن".
في شوارع قرية شطورة بمحافظة سوهاج كثيرا ما بكى الصغير أحمد في طفولته حزنا على سخرية أطفال القرية منه، وُلد بمشكلات صحية في العظام وصعوبة في السمع تركت أثرًا على قدرته في التخاطب، "كان عندي تلعثم ومش بعرف أتكلم"، كل ذلك أجبره على المكوث في بيته لا مجال للعب والضحك وسط أقرانه تمضي به الأيام متشابهة حتى بدأ يكتشف ذاته من رحم معاناة الوحدة والعزلة.
شخصه الأطباء بنوع من "التوحد" وأطلق عليه أصدقاء المدرسة لقب مهران المتوحد الغريب
عقب تشخيص الأطباء لحالته بأحد أنواع مرض التوحد، اكتشف أحمد البالغ من العمر 23 عاما موهبته الفطرية خلال عزلته عن طريق الصدفة، "كنت بفهم أي حاجة تتشرح قدامي من أول مرة من غير ما أحتاج لإعادة"، برع في فهم مادة الرياضيات في دراسته الابتدائية، وأحب الفيزياء والعلوم في مرحلة الدراسة الثانوية فأطلقوا عليه لقبًا لايزال يتذكره رغم مرور سنوات، "كانوا بيسموني مهران المتوحد الغريب".
تخرج ابن "شطورة" من الثانوية بمجموع عال أهله للالتحاق بكلية الصيدلة جامعة سوهاج، قطع خلال سنوات دراسته الخمس شوطا كبيرا في رحلة علاجه من مشكلات التخاطب والعظام، تحسنت حالته النفسية وعُرف في محافظته بأفكاره التي يسعى لترويجها لتطوير التعليم، "مهم جدا تؤمن بنفسك وبحلمك ومتفرطش فيه".
صمم 4 أنظمة وطرق تعليم مبتكرة وحديثة جديدة تم تجربتها في صعيد مصر ومحافظات مختلفة
من طفل مصاب بتلعثم في الكلام ومشكلات صحية في العظام تعيق قدرته على الحركة بشكل طبيعي، إلى أحد أشهر مصممي برامج التعليم في الصعيد، حيث صمم منذ عام 2017 حتى الآن 4 أنظمة وطرق تعليم مبتكرة وحديثة تم تجربتها وتطبيقها في أكثر من 100 مشروع تعليمي، درب وعلّم نحو 6000 شخص بعدد ساعات تدريبية يتجاوز 1600 ساعة تدريبية في محافظات مختلفة في مصر، وأسس مبادرة "أنا البطل" لتطوير التعليم في الصعيد حتى وقع الاختيار عليه لتكريمه من محافظة سوهاج كواحد من الشباب المؤثر في المجتمع السوهاجي والصعيدي عام 2017، مختتما حديثه بقوله، "كنت في يوم واحد مريض معندوش أي إنجاز غير إنه ما زال عايش على قيد الحياة لحد ما حققت جزء من أحلامي ومكمل في طريقي".