إلى د. عباس شومان: كفى «شَوْمَنَةً» للأزهر!
ما حدث من الدكتور عباس شومان يثير علامات استفهام، فقد قدم شباب أطهار دماءهم فى ثورة عظيمة للقضاء على الفساد، وعلى رأسه المحسوبية والوساطة، وبالتالى فأى وساطة من مسئول لمجاملة قريب أو صديق تمثل انتهاكاً واستهانة بهذه الدماء، ومخالفة للقيم الأزهرية إن صدرت من أزهرى.
فى زيارة لقرية «شطورة» التى أنتمى وينتمى إليها وكيل الأزهر، فوجئت بتصعيد ابن عمه ليصبح مديراً لمنطقة «مرسى مطروح» الأزهرية، صحيح هو أستاذنا ونشهد بعلمه وخلقه، إلا أن طريقة تصعيده دون أسس واضحة للجميع أمر مثير، والأمر نفسه تكرر بتصعيد قريب لوكيل الأزهر ليكون وكيلاً لأوقاف «مرسى مطروح»، من غير مزية زائدة على غيره إلا القرابة منه، وأسجل هنا كامل احترامى وإكبارى للشخص نفسه. ثم تعيين د. عباس لاثنين؛ أحدهما شقيقه والآخر ابن عمه، ليكونا واعظين بالمركز، مع وجود العشرات ممن هم أكفأ وأعلم وأحفظ لكتاب الله منهما.
ثمة حالة من الإحباط واليأس والإحساس بالظلم المرير بعد أن ساد اعتقاد بأن هذه الطريقة الفجة فى التعيينات قد ولَّت بعد ثورتين، والنتيجة إهدار للكفاءات، ويكفر الناس بالدولة وبالأزهر، ويتحولون من وسطية الأزهر إلى الأفكار المنحرفة الانتقامية.
لقد وقعت هذه المحسوبيات من الحزب الوطنى وهى مرفوضة، أما أن تقع من وكيل الأزهر وبعد ثورتين فنحن هنا أمام خيارين: إما أن هذه التعيينات تمت دون علمه، فعليه أن يحاسب كل من ثبت تورطه فى الجريمة، كما يحاسب اليوم من ثبت تورطه فى غش الامتحانات، هذا غش وهذا غش، وإما أنه وراء هذه التعيينات، فهنا عليه أن يذكر لنا ما الآليات التى تمت بها هذه الاختيارات؛ هل السن؟ هل الكفاءة؟ هل الأقدمية؟ ليبرئ نفسه من شبهة المحسوبية، وهى شبهة لو التصقت به فستسقط حياديته وأمانته، وأى شىء يتبقى للعالم لو سقطت حياديته وأمانته؟
البعض ممن ينافقونك يا سيادة الوكيل الجليل سيغضبون من المقال، وصدقنى أكثر هؤلاء لا يعرفون مكانتك ومقامك، إنما ينظرون لمصلحة لهم أو لأقاربهم، أما مقالى فأنطلق فيه من تقديرى لمكانتك ومقامك كواحد يمثل منصبه مرجعية للإسلام السنى فى العالم، وإن كل واحد دافع عن تصرفاتك هو شخص يخونك وينافقك، وينظر إليك كموظف وليس كإمام ومرجعية، ويصفق لك غير عابئ بما فى المحسوبية و«الشومنة» من ظلم وهدم لك.
يا فضيلة الدكتور، إذا كان حريقاً شب فى أجساد أبناء القرية وقمت ساعتها بمجهودات جبارة مادية وإنسانية، فإن حريقاً شب فى قلب كل مخلص شريف رأى شخصاً أخذ وظيفة لقربه منك، فأوقف نزيف المحسوبية و«الشومنة»، ولا يغرنك أنها تعيينات سليمة من الناحية الشكلية، فإن كل ما فعله نظام «مبارك» كان سليماً من الناحية الشكلية والقانونية.
واعلم سيدى الإمام الجليل أن فرقاً شديداً بين الخدمات العامة لأهل بلدك، ولوطنك، وتيسير الأمور لأصحاب الحوائج والفقراء والموظفين، وبين المحسوبية فى مناصب دينية (أو غير دينية) لمقربين بعضهم يستحق، وبعضهم ليس أهلاً لها، حتى إن كان شقيقك، فالأول واجب وطنى وشرعى وإنسانى، وأنت أهل له، وفى جعبتك -مشكوراً- منه الكثير، وأما الثانى فإننى أجزم أنه يرقى إلى درجة الخيانة؛ خيانة الكفاءات، خيانة الأمانة، خيانة القيم الأزهرية، خيانة الخطاب الدينى، خيانة النظام الجديد فى ظل قيادة رئيس جديد.
ولقد كتبت منتقداً فكر الإخوان، مع أن قيادات الجماعة من عائلتى وهم اليوم مسجونون، لأن القضية مرتبطة بالأفكار لا بالأشخاص، وفى مقالنا اليوم ننتقد التصرفات، ونحترم الأشخاص، ونبجل الأزهر، ونقول الحق غير عابئين برد الفعل.