ما لم تقله السيدة انتصار السيسى!
لم يكن نشاط أو لم تكن جهود السيدة انتصار السيسى منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية فى 2014 صدفة.. إنما فى ما يبدو أن قراراً قد اتُّخذ فى أسرة الرئيس بأن تلعب حرم السيد الرئيس دوراً اجتماعياً نسائياً إنسانياً بالقدر الذى يكمل دور الرئيس المنشغل دوماً بعشرات القضايا الأخرى.. لذا لم يكن صدفة أن نجدها فى زيارة ضحية التحرش فى ميدان التحرير عام 2014، ولا استقبالها لزوجات الرؤساء أو الحكام من ضيوف مصر.. ولا مَن جئن فى زيارات خاصة مثل ميلانا ترامب، وبما تتطلبه أصول اللياقة والضيافة.. إلى سؤالها عن مصريات عظيمات تعرّضن لمحنة المرض كالفنانة الكبيرة نادية لطفى، أو كالإذاعية الكبيرة آمال فهمى رحمهما الله.. أو كتقديم واجب العزاء فى والدة الشهيد أحمد المنسى، ووجودها مع وحول أمهات وزوجات وأبناء شهداء مصر.. أو حتى زيارتها لمعارض تلعب فيها المرأة المصرية دوراً مهماً يستحق الاحترام كما يستحق التشجيع.. وغيرها وغيرها من الأنشطة.
وفى السياق السابق.. وبه.. تحولت السيدة انتصار السيسى إلى أم وأخت لسيدات وآنسات وفتيات مصر.. وكان ذلك سبباً للأثر الكبير الذى تركه الحوار الذى أجرته الفنانة الإعلامية إسعاد يونس.. إذ كان سبب نجاحه الهائل واهتمام الناس به هو تأكد المصريين من صدق إحساسهم تجاه السيدة انتصار السيسى وصدق انطباعهم عنها.. ولذلك وجدوا أمامهم السيدة الوقورة.. المحترمة.. المهذبة.. البشوشة.. التى تتذكر أهل الزوج بكل هذا الاحترام.. والتى عاشت مع أهل الزوج فى بيت واحد بكل هذا التفاعل.. والتى رفضت أن تقول رأيها فى أمور طبيعية جداً كالممثل الذى تشاهده، أو المطربة المفضّلة حتى لا تُحرج أحداً.. لذلك كانت النقطة الثانية فى اللقاء وهى رسائل مهمة عن: «كيف تنجح الأسرة المصرية دون تفكّك أو أزمات تعصف بها» فى وقت يبحث فيه الرئيس السيسى عن حلول لإنقاذها من الفتوى الدينية، التى تتفق مع الدين، وتناسب العصر، إلى حلول لمشكلات النفقة وتسرّب الأطفال من التعليم وغيرها من المشكلات!
كل ذلك وغيره قالته حرم الرئيس، مما كان محل تناول المصريين بجميع صور التناول الأيام الماضية.. ومع الإصرار على أن يكون اللقاء والحوار وقتاً مبهجاً لطيفاً دافعاً ومحرّضاً للكثيرين على النجاح دون التطرّق إلى أمور تخالف ذلك.. ولذلك نسأل السؤال: ما الذى لم تتناوله السيدة انتصار السيسى، ولم تتطرّق إليه، وربما لم ترد أن تتحدّث فيه وعنه؟ ربما لأن ذلك متروك ليوم يتم فيه تناول هذه الفترة فى مذكرات أو كتاب ذكريات.. أو ينقل ذلك للناس وللتاريخ عن الأسرة الكريمة كاتب أو مؤرخ.. لكنه فى كل الأحوال يطرح نفسه.. يفرض نفسه فى أذهان الكثير من المتابعين، ونحن منهم، إن لم نكن أولهم.. وهو: ما الذى لم تقله السيدة حرم الرئيس؟ فى الحقيقة يبدو ذلك فى إجابة واحدة.. هى تلك اللحظات الصّعبة العصيبة التى مرت على السيدة انتصار السيسى والأسرة كلها عندما كان اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية، ثم الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيراً للدفاع، ثم الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، يمر بها فى فترات مرتبكة، بل وملتهبة من عمر شعبنا وبلدنا!
كيف كان الوقت يمر على حرم اللواء عبدالفتاح السيسى أثناء أحداث يناير 2011؟ صحيح الاتصالات متاحة والتواصل ممكن، لكننا كنا أمام اجتماعات تطول بالساعات، وأحداث تتوالى، أقلها وجود تجمعات ومظاهرات تصل إلى حدود الاشتباك النارى، بل والتفجير فى حالة محاولة اغتيال اللواء عمر سليمان، كيف كان الوقت يمر على الأسرة؟ كيف كانت دقات الساعة وحركة مؤشراتها من الثوانى وحتى الساعات؟ كيف كان الحال فى هذه المرحلة واللواء عبدالفتاح السيسى فى اجتماعاته وزيارته ولقاءاته وانتقالاته؟ بينما الأطباق الفضائية تنطلق منها أخبار عن مصر وقواتها المسلحة فى كل اتجاه.
كيف كانت المشاعر واللواء عبدالفتاح السيسى ذهب ليؤدى اليمين الدستورية وزيراً للدفاع؟ وأسرة الرئيس وحرم الرئيس يعرفون أن القسم أمام عصابة مجرمة لا عهد ولا وعد ولا أمان لها، وكيف كان الحال وأنباء العمليات الإرهابية تضرب فى كل مكان؟ خصوصاً هناك فى رفح، تطال خيرة أبناء مصر، بينما الفريق عبدالفتاح السيسى يعرف المجرم الحقيقى والمدبر الأساسى لكل الجرائم، كيف مر الوقت والأسرة تعلم حجم العبء الملقى على رب الأسرة ووزير دفاع مصر؟ فى وقت جيش مصر العظيم هو أول أهداف أعداء مصر.
ثم كان أن اشتعلت الأحداث فى سخونة منطقية بين بلد يسرق من شعبه ومن تاريخه ومن ملامحه ومن نفسه، وبين مؤسسة عسكرية مؤتمنة على الشعب والوطن إن لم يكن بالدستور وهو بالدستور فضمير أبناء هذه المؤسسة العريقة المنضبطة الملتزمة بقيم وتقاليد راسخة! ثم إن كان على رأس هذه المؤسسة الزوج عبدالفتاح السيسى الذى أخذته اجتماعات ولقاءات وغياب عن المنزل، فلا وقت والحال كذلك للذهاب والعودة من البيت وإليه.. والوطن يحتاج إلى كل دقيقة وكل ثانية.
كيف كان الوقت يمر فى الاجتماع الشهير الذى تحدث فيه كبيرهم؟ بينما الفريق أول عبدالفتاح السيسى يبدو دون أن يستطيع التحكم فى مشاعره، فبدت تعبيراته كاملة ضد ما يجرى وضد ما يُقال، وضد ما يحدث، بينما الجميع حوله يشارك ويبارك كبيرهم بالهتاف أو بالتصفيق أو بالابتسامات الصفراء العريضة على جسد وطن أُريد، بضم الألف، له التفكك والتمزق وتغيير هويته!!!
كثيرة هى المواقف التى خلعت قلوب هذه الأسرة، وعلى رأسها السيدة انتصار السيسى.. وكم هى المواقف التى تطلبت التمتمة بآيات الله العزيز الحكيم تدعوه بحفظ رب الأسرة.. وأمل الشعب المصرى، بل وكل أحرار العرب فى كل مكان.. ممن أيقنوا بأن «مصر قوية متماسكة» هو الأمل الوحيد لنجاة الأمة العربية كلها مما يدبر لها.. وقد سمعنا وقرأنا ذلك بأنفسنا فى غير مكان.. وكثيرة هى الأحداث التى مرت بحرم الرئيس.. سيأتى اليوم الذى تجد تفاصيلها طريقها للناس.. ليعرفوا ماذا كان يجرى فى بيت الفريق عبدالفتاح السيسى وهو يلتقى قيادات هذه العصابة فى ذروة تصاعد الأحداث عند الطريق إلى 30 يونيو!! وكيف كان الحذر الذى طال الأسرة بالضرورة، وبما وضع قيوداً وقيوداً لحمايتها من حماقات محتملة.. وكيف مرت اللحظات الحاسمة عند إلقاء أول بيانات ثورة 30 يونيو.. وكيف كانت التجربة صعبة وقاسية وتهديدات العصابة المتحكمة حتى تلك اللحظة تنطلق فى كل اتجاه!!
تلك اللحظات العصيبة مرت ببطء لا مثيل له عند كل المصريين وخلفهم كما قلنا كل أحرار وشرفاء الأمة العربية، فكيف الحال بأسرة وزوجة الرجل الذى يتحمل مسئولية كل ذلك؟ ويدير الأزمة بدعم المخلصين على أروع وأفضل ما يكون..
ثم جاءت المرحلة الانتقالية.. وبعدها تحمل المسئولية.. وفيها ما فيها من لحظات ثقيلة من خطابات الأمم المتحدة، إلى مفاوضات صعبة تحيطها وترفرف فوقها كل رجاءات ودعوات التوفيق للعودة بأخبار جيدة لشعبنا!
نترك الإجابة للقاء آخر.. أو للمستقبل.. لكنها تبقى أسئلة مهمة.. ونبقى فى انتظار الإجابة عنها!