الحكاية الحقيقية لطائرة عبد الغفور البرعي الخردة: اشتراها بـ100 جنيه من الغيط

كتب: سلوى الزغبي

الحكاية الحقيقية لطائرة عبد الغفور البرعي الخردة: اشتراها بـ100 جنيه من الغيط

الحكاية الحقيقية لطائرة عبد الغفور البرعي الخردة: اشتراها بـ100 جنيه من الغيط

ورث المهنة وهمومها، كافح لا مُتسّلحًا بعلم ينفعه أو قريب يسنده، شق الحلم طفلًا لا يتعدى عمره أصابع اليد الواحدة، لم يعش طفولة أو مراهقة ولا شبابًا كالطبيعي، رافق الحديد ولان قلبه قبل عامه الـ19، ليتزوج امرأة هونت عليه مصاعب الدنيا، فهما الثنائي الحقيقي لـ"عبد الغفور البرعي وفاطمة كشري"، ولم تكن طيارته محكى الوكالة خرافة، إذ اشتراها البطل الحقيقي من غيط وكانت ملكًا لبولنديين.

الحاج نادي السباعي البطل الحقيقي لمسلسل عبدالغفور البرعي، تلك الملحمة الدرامية الاجتماعية التي شاهدها الجمهور لأول مرة عام 1998، عن رواية "لن أعيش في جلباب أبي" للأديب إحسان عبدالقدوس، التي صدرت عام 1982، الذي توفى اليوم عن عمر ناهز 69 عامًا في محل إقامته وعمله بمنطقة تل الحدادين في مدينة طنطا بمحافظة الغربية.

بين الخردة والحديد فتح عينيه على مهنة والده وجدوده، كما روى في لقاءه مع الإعلامي محمود سعد، في مارس 2019، لم يتخيل أنه سيكون مادة إلهام لمسلسل من أهم الأعمال الدرامية في التراث المصري، ويُجالس النجم الراحل نور الشريف لعدة مرات حتى يستشف طريقته وأسلوب حياته وكفاحه، ورغم أنه لمجريات الحبكة الدرامية لم تكن تلك حياة أولاده وخلافه، إلا أنه اتفق على أن الشقاء والكفاح لا خلاف عليهم: "المسلسل هو حقيقة كل راجل مكافح في أي مهنة".

طفل في عامه الخامس فقد أبوه الشاب، وظل في عهدة جده الثري الذي كان يكسيه وأخوته الصبية الأربعة، إلا أن عقل الصغير "نادي" فطن إلى العمل بجوار عمه، وعاش مع جدته أم والده في كفر الشيخ برفقة أخوته في غرفة واحدة، حتى ورث عن جده 46 جنيها، اشترى بهم محل صغير، وبدأ عمله الخاص في الخردة مستقلًا دراجاته عسى أن يُرزق، واعتبر ما تلاه من سعة الرزق، هو بسبب زوجته التي صبرت عليها وكان يخبرها دائما: "ربنا أكرمني على وشك".

في وكالة تل الحدادين التي تعد نسخة من وكالة القاهرة، كانت حياة السباعي منذ الولادة حتى الممات، فلم يتعلم القراءة ولا الكتابة، لكنه حفظ القرآن الكريم كاملا، ورغم ذلك يراهن على عقله الذي يجيد حساب ثروته، وهو نفسه الذي ألهمه إلى قصة الطائرة التي وردت في المسلسل، وكانت محكى الوكالة.

وتعود قصة الطائرة الحقيقية إلى وقتما كان يستقل عجلته ويتجول بحثا عن رزق، فوجد الطائرة لـ"بولنديين" محطمة في غيط، وعثر على صاحبها واستعان بطالب يسير على قدميه في الشارع ليترجم حواره مع الرجل الذي يتحدث الإنجليزية، وأخبره برغبته في شراء الطائرة ليوافق الرجل غير مصدقًا أن أحدا عرض عليه هذا الأمر، فأخذها منه بمبلغ 100 جنيه، في حين كان يبيع السباعي القطعة منها فيما بعد بنحو 650 جنيه، وكانت السبب وراء سُمعته وشهرته.

حادثة الطائرة حقيقية وظل محتفظا بكرسي منها

كما احتفظ بكرسي من الطائرة ظل محتفظًا بـ"العجلة" التي كان يطوف بها الشوارع، معتبرًا أن ما تعلمه من هذه المهنة هو الأدب والصبر والأمانة، ولم يتوان يوما عن ترك وكالته التي يحرص على تناول وجبة الإفطار فيها برفقة العمال "لو قعدت أتعب"، ويرى رحلة شاب كان حلمه أن يكون له بيتًا ملكًا له، ولا يطلب منه أحدا إيجارا، ليجاوره جامع ومستوصف: "اللي طلبته من ربنا ادهولي، ماعشتش شبابي خدتها مطحنة، صبرت جامد وربنا اداني وعوضني".


مواضيع متعلقة