العناصر الأرضية النادرة

مصطلح الأرضيات النادرة يصف عدد 15 عنصرا، تمتلك صفات كيميائية متشابه، مما رشحها أن تكون صحبة كيميائية لها سلوك جماعي مشترك. بيد أن أحد هذه العناصر الخمسة عشر لايوجد في الطبيعة، وبالتالي يعتبر عدد أعضاء الأرضيات النادرة عمليا هو 14 عنصراً. تم اكتشاف أغلب عناصر الأرضيات النادرة في القرن التاسع عشر، وفي أوقات متلاحقة مما أدي إلي طريقة فريدة في أعطاء الأسماء. وأسوق لذلك مثالاً: تم إكتشاف عنصر في أحد الصخور المتمعدنة من جبال الكاليدونيا في قرية صغيرة في السويد اسمها أيتيربيا، وتبركا بمكان الكشف سمي العنصر المكتشف بإسم "الإيتيربيوم Yb"، غير أنه تم اكتشاف عنصرا آخر في ذات الصخر، فتقرر تسميته أيضا بإسم المكان ولكن مع حذف حرف من أسم القرية، فأصبح العنصر الجديد اسمه:"الإيتريوم Y"، وتم كشف العنصر الثالث في ذات الصخر، فتقرر حذف حرف أخر ليصبح اسم العنصر الجديد "التربيوم Tb"، وأخيرا تم كشف العنصر الرابع ، وأتبع نفس المنطق مع حذف حرف جديد، ليصبح الإسم "الإربيوم Er". علي كل حال، لم يكن هناك الزمن الكافي ليكتسب كل عنصر إسمه من صفة أو حدث ما أو أستخدام مستأثر، كما حدث مع العناصر التي خابرها الإنسان في قديم الزمن، مثل الذهب، والذي تجد أن إسمه يخلتف من مكان لأخر، ومن لغة لأخري. وعند وضع الجدول الدوري للعناصر في العصر الحديث، لم يعتد بالأسماء المحلية للعناصر التي عرفها الإنسان منذ قديم الزمان مثل الذهب والحديد والنحاس والزئبق والرصاص والكبريت والزربيخ، ولكن اُخذت التسمية اللاتينية فقط، لمنع الإختلاف والتصادم. عرفت الأرضيات النادرة، منذ إكتشافها، بكونها تملك تدرجا في الصفات الفيزيائية والكيميائية، علي الرغم من التشابهه في الصفات العامة. علي الرغم من أنها جميعا ثلاثية التكافؤ(مع بعض الإستثناء)، فإن نصف القطر الأيوني يقل مع زيادة الوزن الذري، فنصف القطر قيمته 1.15 أنجستروم للأخف وزناً (اللانثانيوم) ، وينقص إلى 0.85 أنجستروم للأثقل وزنا (اللوتيتيوم). الصفات العامة وخاصية التدرج في الصفات الفيزيائية والكيميائية رشحت الأرضيات النادرة للإستخدام الموسع في التقنيات الحديثة، إلي الدرجة التي تجعلنا نقول بثقة يقينية، أنه إذا غابت الأرضيات النادرة، لتوقفت أغلب الصناعات التقنية الحديثة، وفي كافة المجالات مثل الإتصالات والطاقة المتجددة ووسائل النقل الحديثة وكل الأجهزة العالية التقنية. أنتقلت الأرضيات النادرة خلال قرن واحد من الزمان من الإستخدام كمواد ملونة للزجاج والسيراميك وصناعة الألعاب النارية وحجر الولاعة ،إلي أن تصبح المفتاح السحري للتقنيات الحديثة. فهي مكون أساسئ لأشباه الموصلات، وشاشات التلفزيون والموبيل وغيره، والمغناطيس الفائق واجهزة الليزر والسبائك ذات الصفات الغير تقليدية، كما تستخدم في الكشف عن الأمراض والعلاج منها، لقد أصبحت لاعبا أساسيا لايمكن الإستغناء عنه في التقدم التقني والتنمية بكافة صورها، وإيجازا يمكن القول أنها دون أدني شك عناصر "إستراتيجية"، أي أن سعرها والتعامل معها في السوق الدولي لايخضع للعرض والطلب فقط، بل هناك قيود وإحتكار وضغوط دولية، ذلك لأنها أصبحت محركا لتقدم الأمم. كانت رواسب الأنهار ورواسب الوديان في مناطق محددة من العالم هي المصدر الرئيسي لإستخراج الأرضيات النادرة. أستمر ذلك حتي عام 1965، و كان المورد الرئيسي البرازيل، ولم يتجاوز الإنتاج العالمي عشرة الآف طن سنويا كان جميعها يذهب كملونات للزجاج والبلور. عندما تم إكتشاف الأرضيات الأرضيات في جبال كليفورنيا في أمريكا لتبدأ حقبة جديدة بريادة أمريكية أستمرت حتي أكتشاف هذه العناصر في صخور الكربوناتيت في الصين في عام 1984، لتصبح الصين هي المنتج الأول للأرضيات النادرة علي مستوي العالم، حيث بلغت نسبة ما تنتجة الصين بالنسبة للإنتاج العالمي أكثر من 97%، إنه أحتكار بدون شك. يبدو ان الوضع سوف يستمر لأمد غير معلوم. أقدم السطور التالية للسادة المهتمين بالبحث العلمي في مصر. كانت الولايات المتحدة هي رائدة البحث العلمي فيما يخص الأرضيات النادرة. في عام 1975، بلغ عدد براءات الإختراع في تطبيقات الأرضيات النادرة حوالي 100 في أمريكا بينما لم تتعدي 35 في الصين. أستمرت أمريكا رائدة تطوير أستخدام الأرضيات النادرة في مستحدثات التكنولوجيا حتي عام 1990، فتحولت الكفة، وحتي الأن، لصالح الصين ، والتي يتم فيها تسجيل مئات البراءات سنويا، لتصبح محتكرة الإنتاج والأعلي تطويراً للإستخدام. كلما زادت براءات الإختراع كلما تم توظيف أكثر وأفضل، مما يؤدي إلي أستهلاك محلي أكثر وتصدير أقل. بلغ الإستهلاك المحلي نفس معدلات التصدير في عام 2012، وهو الأمر الذي يستتبعة إرتفاع أسعار الأرضيات النادرة ما لم تكتشف موارد جديدة. السؤال الذي يطرح نفسه الأن هو أين نحن مما يدور حولنا. إذا نظرنا إلي خريطة توزيع الأرضيات النادرة في العالم لوجدناها مكتشفة في جميع القارات، فيما عدا القارة الأفريقية والتي لاتعرف خامات إقتصادية للأرضيات النادرة في هذه القارة إلا في موضعين، في شرق السودان والجزء الجنوبي من القارة. هل أراد الله، عندما خلق الأرض، أن يحرم قارة أفريقيا من هذه العناصر الأساسية للتطور التكنولوجي، لأنه علم أننا لسنا أهل لذلك؟ أم تري أن هناك سبب أخر. مثلاً، أننا لانعرف ماهي الأرضيات النادرة، فكيف نستكشف ما نجهله؟ لدينا حوالي 14 قسم للجيولوجيا في الجامعات المصرية. لا تُدرس جيولوجية الأرضيات النادرة في أي منها! هل إذا عُرضت عينة صخرية بها تمعدن للأرضيات النادرة علي اوائل خريجي الجيولوجيا في الجامعات المصرية ، سيتمكن أي منهم من التعرف عليها؟ ليس عندي أدني درجة من الشك في أن الصخر لن يتم التعرف علية لا من الطلبة ولا الخريجين ولا حتي من أغلب الأساتذة. كيف نعرف ما لم نختبره. ولكن هل نتوقع وجود خامات الأرضيات النادرة في مصر, الإجابة هي نعم وهو شئ مؤكد لأسباب عديدة أولها أن عدد كبير جدا من الأبحاث التي أجراها بحاث مصريون وتم نشرها في دوريات علمية عالمية مرموقة قد أشارت إلي وجود تمعدنات للأرضيات النادرة وعناصر أخري في العديد من مناطق الصحراء الشرقية المصرية وجنوب سيناء حتي رأس محمد. ولكن الذي يثير الدهشة أن لا أحد يشغل نفسه بتقدير الكميات المتاحة وأساليب الإستخراج. أغلب التمعدنات التي تم أكتشافها تصاحب الجرانيتات الحديثة والتي تعرضت لتأثيرات تحول معدني. ولكن توجد الأرضيات النادرة مصاحبة لبعض الصخور الرسوبية وعلي رأسها الفوسفات والرملة السوداء. ولكن تجدر الإشارة إلي أن محتوي الأرضيات النادرة في الصخور الرسوبية تثار الشكوك حول إقتصادياته لأن المحتوي يغلب عليه الأرضيات النادرة الخفيفة، وهي الأرخص سعراً. حتي أن 85% من محتوي العناصر الأرضية النادرة في الفوسفات، علي العموم وليس المصري علي التحديد، هي للأربع عناصر الأول الأخف في الوزن الذري.