الإفتاء: إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة ممنوع شرعا

الإفتاء: إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة ممنوع شرعا
- الموجة الثانية لفيروس كورونا
- فيروس كورونا
- دار الإفتاء المصرية
- الكمامات
- الموجة الثانية لفيروس كورونا
- فيروس كورونا
- دار الإفتاء المصرية
- الكمامات
حذرت دار الإفتاء المصرية من إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها، في ظل الموجة الثانية لفيروس كورونا.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن إلقاء الكمامة الطبية المستعملة في الطريق العام والتي تؤذي الآخرين بنقل العدوى إليهم؛ أمر ممنوع شرعا ومجرم قانونا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضر بغيره ضررا مباشرا؛ لا سيما مع حرص الجهات الصحية على التوعية من مخاطر إلقاء الكمامات في غير الموضع المخصص لها.
وأضاف، في فتوى له: "حرص الإسلام على النظافة، وحث أتباعه على اقتفائها، وشرع لهم من العبادات ما يحقق هذه الغاية؛ كالوضوء والغسل، وهذا يأتي في سياق أن الدين الإسلامي قد وضع ضوابط وآدابا تصون كرامة الفرد، ويراعى فيها شعور المجتمع، وتحميه من كل أذى وعدوان".
وإلقاء الكمامة الطبية بعد استعمالها في الطريق العام في غير الأماكن المخصصة لها مما يضر بالمارة ويؤذي الآخرين؛ عمل ممنوع شرعا؛ وذلك لأن الأصل في الشرع منع الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ﴿والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما كتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا﴾.
ومن الإيذاء: إلحاق الضرر بإلقاء الكمامة بعد استعمالها في غير الأماكن المخصصة لها.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتقاء اللعانين؛ فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتقوا اللعانين»، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: «الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم».
يقول الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (3/ 162، ط. دار إحياء التراث العربي) عند شرحه لهذا الحديث: [قال الخطابي وغيره من العلماء: المراد بالظل هنا مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلا ومناخا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود تحته فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم تحت حايش النخل لحاجته وله ظل بلا شك.
الأصل في الشرع منع الإيذاء بكل صوره وأشكاله
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الذي يتخلى في طريق الناس»؛ فمعناه يتغوط في موضع يمر به الناس وما نهى عنه في الظل والطريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره. والله أعلم] اه.
فالحديث السابق دال على تحريم التخلي في الطريق العام، ووجه التحريم: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعله سببا للعن؛ والمعنى الذي نهي من أجله عن التخلي في الطريق العام -وهو إيذاء المسلمين وإلحاق الضرر بهم- موجود في إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الطريق، فينهى عنه مثله.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يحمل الشيء الذي قد يؤذي غيره؛ كآلة حادة مثلا؛ أن يحكم إمساكه خشية إصابة الغير بالأذى؛ فقد روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيء».
فالمفهوم من الحديث إحكام الإمساك للشيء الذي تأكد ضرره على الغير، ولا شك أن في إلقاء الكمامة المستعملة في الطرقات العامة إلحاقا مؤكدا للأذى بالغير، فيمنع من هذا الفعل الذي يصيب الغير بالضرر.
إضافة إلى ذلك؛ فإن الكوارث البيئية والمشاكل الصحية الحاصلة من إلقاء الكمامة المستعملة في الشارع تجعل هذه الفعلة القبيحة أمرا ممنوعا شرعا؛ ذلك أن الشرع جعل المحافظة على البيئة -والتي هي الكون الذي يعيش فيه الإنسان- مقصدا من مقاصده، والذي يتوافق مع مبدأ الاستخلاف في الأرض والإعمار فيها؛ ومن أجل ذلك فقد حرص المشرع المصري في سنه للقوانين على النص على ما يحمي الطريق العام من التلوث، فشرع قانونا يفي بذلك بشأن النظافة العامة؛ وهو القانون رقم (38) لسنة 1967م والمعدل بعدة قوانين أخرى؛ حيث تنص المادة رقم (1) منه على ما يلي: [يحظر وضع القمامة أو القاذورات أو المتخلفات أو المياه القذرة في غير الأماكن التي يحددها المجلس المحلي] اه.
وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم (134) لسنة 1968م: أن المراد بالقاذورات أو القمامة أو المتخلفات المنصوص عليها في هذا القانون: كافة الفضلات الصلبة أو السائلة المتخلفة عن الأفراد والمباني السكنية وغير السكنية وكذا وسائل النقل وكل ما يترتب على وضعها في غير الأماكن المخصصة لها أضرار صحية أو نشوب حرائق أو الإخلال بمظهر المدينة أو القرية أو نظافتها.
وقد نص تعديل هذا القانون رقم (106) لسنة 2012م على عقوبة مخالفة ذلك؛ ففي المادة (9 مكرر): [مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها هذا القانون أو أي قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من خالف حكم من أحكام هذا القرار بقانون أو القرارات المنفذة له] اه.