تتوارثها الأجيال.. أفراح البحر الأحمر تعيد إحياء تراث السمسية

تتوارثها الأجيال.. أفراح البحر الأحمر تعيد إحياء تراث السمسية
تشتهر أفراح البحر الأحمر بحفلات السمسمية والعود ويطلق عليها حفلات "الحظ"، والتي تنتشر على المدن الواقعة على شواطئ البحر الأحمر، ويلتف حولها الصغار والكبار والعائلات، وتتنوع فيها أكثر من نغمة ولحن وأشهرها "اليمني" و"ينبعاوي".
وتعود أصول هذه النغمات إلى اليمن والسعودية، وتقام دائماً في العراء والساحات المفتوحة بعيدا عن الضوضاء وصخب القاعات، وتبدأ في ساعات متأخرة من الليل وتستمر حتى الساعات الأولى من الفجر، ويتجمع عليها الصغار والكبار ويجتمع العائلات عليها، وتحرص على أن تتوارثها الأجيال منذ عشرات السنين وتقام في جميع المناسبات والحفلات.
يقول الحاج علي الصغير من أقدم مواطني محافظة البحر الأحمر، إن حفلات السمسية "الحظ"، من أهم العادات والتقاليد التى تشتهر بها مدن البحر الأحمر، فى جميع مناسبتها، ويطلق عليها حفلات الحظ، ومنتشرة بشتى مدن المحافظة بداية من رأس غارب والغردقة وسفاجا والقصير حتى جنوب البحر الأحمر وتتوارثها الأجيال ولا تخلو مناسبة فى البحر الأحمر إلا وتتخللها احتفالية حظ، وتضم آلات العود والسمسمية والطنبورة وذلك على الأغانى التراثية.
وأكد أن حفلات الحظ تقوم بمفعول السحر في العقول وتريح الأبدان وتنتشر في جميع البلاد المطلة على البحر الأحمر وتعود أصولها إلى اليمن وينبع في السعودية واستمد منها النغمات اليمني وينبعاوي وهما الأشهر على الإطلاق في مدن محافظة البحر الأحمر وتجمع الكبار والصغار معا ويشارك العائلات في الأفراح والتي تقوم في الساحات المفتوحة.
وأشار إلى أن نشأة السمسية منذ عشرات السنين وكان الصيادون يستعينون بها في رحلات الصيد والتى تمكث بالأيام في البحر وذلك لكسر الملل حيث كانت تعمل على خلق البهجة والسرور على الجميع، لافتًا إلى أن الأهالي تجتمع على أنغام السمسمية في أوقات العصاري وعلى شاطئ البحر، َوذلك بدون مناسبة فقط للفرح والتسلية.
ويشير مصطفى سباق، من شباب مدينة القصير، أن أنغام السمسمية والعود تجمع الصغار والكبار من جميع أنحاء المحافظة حيث يتم دعوة جميع أهالي مدن البحر الأحمر في الاحتفال ويحرص الأهالي من شمال وجنوب المحافظة على الحضور للاستمتاع بأغاني السمسية المستوحى أغلب أغانيها وأنغامها من التراث اليمنى الأصيل بكلمات المحببة وإيقاعه المتميز الذى يسرى فى عروق كالمخدر، مما يجعل عازف السمسمية يمتنع عن عزف المقاطع والأغانى ذات التأثير القوى فى وجود الأشخاص الذين يتأثرون سريعا ويسمونهم (أصحاب النجم الخفيف) .
ويشير عزب سباق من مدينة القصير، أن السمسمية آلة شعبية بدائية الصنع قام بصناعتها السكان الأصليون لسواحل البحر الأحمر من جلد الماعز المشدود على طبق من الخشب خمسة أوتار من السلك المعدني ومؤخرا أدخلوا عليها بعض التعديلات فى الشكل والزينة مع زيادة فى أعداد أوتارها التى بدأت بعدد أصابع اليد الواحدة إلى أن وصلت إلى عشرين وترا كلها مصنوعة من نوع من الأسلاك الحديدية الرفيعة التى تستخدم فى كابلات التليفونات، ويصاحب هاتين الآلتين "الطار والمرواس" لضبط الإيقاع المصنوعتين من جلد الماعز، بالإضافة إلى "الجركن" صاحب الصوت المميز المصنوع من الصاج والذي يستخدم بدلا من الطبلة والرق.
ويقول محمد عزب، أحد شباب مدينة الغردقة، إن هذا اللون من الغناء ينتشر فى مدن محافظة البحر الأحمر وجنوب سيناء ويكون على شكل جلسات طرب تتميز أغانيها الجماعية الجميلة بكلمات نابعة من تراث البحارة، والتى تحكى عن الصيد والبحر وتوراثها الشباب من الأجيال السابقة وتحرص الأجيال على تناقلها ويتناولها الشباب في جلسات السمر بدون مناسبة.
ويشير الحاج عصام عبدالعظيم من عائلات سباق المشهورة بفن السمسمية في مدن البحر الأحمر، أن أنغام العود والسمسمية تشمل ألوان مختلفة من الغناء مثل أغانى الحب والهجر ووصف الحبيب وقصائد الغزل والمواويل التى لاتخلو من الموضوعات الشيقة التى تروق لجمهور الحاضرين.
وأكد أنه فى السنوات الأخيرة أضاف العازفون الجدد من الشباب آلة (الأورج) إلى هذه الجلسات، وأصبح لهم جمهور كبير شديد الحرص على الحضور والمشاركة فى الأفراح، والتي كانت تقام فى العراء بجوار بيت أهل العريس حتى الآن وبعد ظهور قاعات الأفراح.