المطالب المتواضعة للمواطن المصرى فى الريف
- د . محمد صفى الدين خربوش
- القليوبية
- المدارس الثانوية
- د . محمد صفى الدين خربوش
- القليوبية
- المدارس الثانوية
أتيحت لى الفرصة خلال الأسابيع الماضية للالتقاء بأعداد مختلفة من أهالينا المصريين الأصلاء فى بعض القرى الكبيرة والمتوسطة والصغيرة «العزب» فى مركز بنها بمحافظة القليوبية. وكم أسعدنى مشاهدة التطور الهائل الذى شهدته القرى المصرية خلال العقود الأخيرة، فى مجالات التعليم والصحة والبنية الأساسية. فحتى الثمانينات من القرن الماضى، كان أطفال العزب والقرى الصغيرة يذهبون للمدارس الابتدائية فى القرى الأكبر ويسيرون على الأقدام فى طرق غير ممهدة لمسافات تصل إلى خمسة كيلومترات يومياً. وكان أبناء وبنات القرى المتوسطة يقطعون المسافة نفسها أو أكثر للذهاب إلى المدارس الإعدادية فى القرية الكبيرة، بينما كان أبناء وبنات كل قرى المركز يذهبون إلى المدارس الثانوية العامة والصناعية والزراعية والتجارية فى المدينة مقر المركز أو فى عاصمة المحافظة. وكانت معظم القرى الصغيرة والمتوسطة محرومة من الكهرباء أو المياه أو من كلتيهما. لقد شهدت القرى المصرية طفرة هائلة فى جميع الخدمات وفى البنية الأساسية، وبُذلت جهود جبارة لتقديم خدمات أفضل لسكان الريف خلال العقود الماضية. ففى مجال التعليم، انتشرت المدارس الابتدائية فى كل القرى الصغيرة وفى عدد من «العزب»، ومدارس التعليم الأساسى حتى المرحلة الإعدادية فى القرى المتوسطة، والمدارس الثانوية العامة والفنية فى القرى الكبيرة. وفى مجال الصحة، توسعت الوحدات الصحية فى القرى الكبيرة، وأنشئت وحدات صحية أصغر فى بعض القرى المتوسطة. وفى مجال المياه والكهرباء والبنية الأساسية، وصلت المياه والكهرباء إلى جميع القرى، وتم تمهيد ورصف معظم الطرق الفرعية، بين القرية الأم والتوابع، أو بين القرى المتوسطة والصغيرة وبعضها البعض. بالرغم من أن الفارق شاسع بين ما يحظى به سكان الريف من خدمات، وما يتمتع به سكان العاصمة وعواصم المحافظات والمدن الكبرى من خدمات، فغالباً ما تسلط الأضواء على مطالب أحياء العاصمة والمدن الكبرى، ونادراً ما يتم الالتفات إلى المطالب المتواضعة لسكان الريف. ولا شك فى أن الاهتمام بتنمية القرى المصرية وتلبية مطالب سكانها سوف يؤدى باليقين إلى تخفيف الضغط على العاصمة والمدن الكبرى، والتى تتزايد معدلات الهجرة الداخلية إليها، حيث ينتقل كثير من سكان الريف للإقامة فى القاهرة أو فى عاصمة المحافظة أو فى إحدى المدن، بحثاً عن خدمات أفضل. وأعتقد جازماً أن التنمية المستمرة للقرى والأقاليم من شأنها إقناع كثير من المواطنين بالاستمرار فى الإقامة فى قراهم، حتى لو كانت مقار أعمالهم فى عاصمة المحافظة أو فى إحدى المدن القريبة.. تتلخص أهم هذه المطالب فى مجال الصحة والبيئة فى تحسين الخدمات الصحية وتوفيرها على مدار الساعة فى القرى الكبيرة، وإنشاء وحدات للرعاية الصحية الأولية فى القرى الأصغر، واستكمال تغطية الترع والمصارف التى تخترق الكتل السكنية والتى تشكل مصدراً رئيسياً لانتشار الأمراض وخطراً على الصحة العامة. وفى مجالات المياه والكهرباء والصرف الصحى، تركزت المطالب فى إنارة الطرق الفرعية بين القرى لا سيما بين القرية الأم والعزب والتوابع، والاهتمام بجودة المياه النقية فى جميع القرى، واستكمال مشروعات الصرف الصحى، والتى بدأ تنفيذها منذ عدة سنوات فى القرى الكبيرة ولم تستكمل بعد. ولا أشك فى أن هذه المطالب متكررة فى معظم قرى دلتا مصر وصعيدها، والتى تضم ملايين المواطنين المصريين والمصريات العاشقين لتراب مصر، والحريصين على استقرارها، والذين قدموا ويقدمون أبناءهم فداء للوطن فى القوات المسلحة وفى الشرطة، والذين يسهمون بنصيب أساسى فى الناتج المحلى الإجمالى، ولا سيما فى الإنتاج الزراعى، والذى ينتج المزارعون الأصلاء من سكانها ما يستهلكه جميع المصريين من خضراوات وفواكه وحبوب وبقول ولحوم ودواجن ومنتجات الألبان وغيرها، والذين لا يتمتعون بالأصوات العالية التى يحظى بها سكان العاصمة والمدن الكبرى. وكلى أمل فى أن تلقى هذه المطالب المتواضعة، فى جميع قرى مصر، المزيد من اهتمام المسئولين خلال الفترة المقبلة.