«المصرية لتجارة الجملة».. ذراع الدولة لحماية «الغلابة» من جشع التجار

تأسست «الشركة المصرية لتجارة الجملة» فى عام 1968، خلال فترة المد الاشتراكى الناصرى، لتكون ذراع الدولة للتدخل السريع من أجل الحفاظ على توازن الأسعار فى السوق وحماية «الغلابة» من جشع التجار، ضمن سلسلة من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، تم تأسيسها فى شتى ربوع مصر من الوجه القبلى وأسوان جنوباً وحتى الإسكندرية شمالاً. وكانت مهمة «المصرية للجملة» ضخ السلع الغذائية والتموينية فى محافظات الصعيد، من خلال إنشاء عدد من الفروع وصلت حتى الآن إلى أكثر من 200 فرع تجزئة فى الوجه القبلى، كانت تمثل فى تلك الفترة طوق نجاة للمستهلك الكادح البسيط أو حتى لأبناء الطبقة المتوسطة فى الفوز بنصيب معقول من اللحوم والدواجن وباقى السلع الغذائية بسعر مناسب، وكان مشهد الطوابير الطويلة أمام المجمعات الاستهلاكية مضرباً للمثل للدلالة على طول الانتظار آنذاك. وبرحيل «عبدالناصر»، وتولى «السادات» حكم البلاد، تغيرت سياسة الدولة الاقتصادية من التوجه الاشتراكى إلى «الانفتاح» والاعتماد على نظرية السوق الحر، وهو ما سمح للكيانات التجارية الضخمة وسلاسل «الهايبر ماركت» بالظهور خلال منتصف الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضى، وجعل قدرة «المصرية للجملة» على المنافسة أصعب، ولكنها واصلت نشاطها فى ظل المنافسة الشرسة من أجل حماية المستهلك حتى ولو كان المقابل هو تكبد الخسائر. ومع دخول العالم إلى الألفية الثانية، وارتفاع أسعار الغذاء عالمياً بصورة غير مسبوقة لا تزال «المصرية للجملة» تسعى إلى توفير السلع الغذائية بأسعار أقل من السوق بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15% تقريباً، إلى جانب استيعاب العمالة التى تدخل السوق بشكل يومى، مع الحفاظ على الزيادات السنوية فى الأجور على الرغم من وجود الشركة بين شقى الرحى، أى ما بين تحقيق أرباح ولو بنسبة معقولة من رأس المال وضخ سلع غذائية للمستهلك فى الوجه القبلى بأسعار تناسب محدودى الدخل. ونُقلت تبعية الشركة أكثر من مرة، وفى الفترة الأخيرة تم نقلها من وزارة الاستثمار إلى وزارة التموين التى أسندت إلى الشركة إدارة سلسلة فروع شركتى «سعودى» و«زاد»، نظراً للخبرة الكبيرة التى تتمتع بها الشركة فى إدارة محال التجزئة.