اقتصاديون يعارضون "سيناريو الإغلاق" مع بدء الموجة الثانية من كورونا

كتب: محمد الدعدع

اقتصاديون يعارضون "سيناريو الإغلاق" مع بدء الموجة الثانية من كورونا

اقتصاديون يعارضون "سيناريو الإغلاق" مع بدء الموجة الثانية من كورونا

عارض اقتصاديون أي توجه للإغلاق في مصر، مع أنباء تفشي الموجة الثانية من جائحة كورونا؛ للحيلولة دون تأثر الاقتصاد المصري سلبا.

وقال اقتصاديون لـ"الوطن"، إنه بالإمكان تحقيق توازن بين الحفاظ على أرواح المواطنين وأرزاقهم في الوقت ذاته، خاصة في ظل اتساع قاعدة الاقتصاد الموازي والعاملين فيه في مصر؛ حتى تتمكن الحكومة من تجاوز الأزمة الحالية، مع بدء الحديث عن اكتشاف لقاحات فعَّالة من جانب شركات الأدوية.

وتتعامل الحكومة مع أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، وفق 3 سيناريوهات، كشفت تفاصيلها وزيرة التخطيط هالة السعيد، في مؤتمر صحفي، قبل عدة أشهر، مشيرة إلى أن الحكومة وضعتهم منذ بداية الأزمة، في فبراير الماضي.

من جهته، عبر الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، عن أمله في عدم اللجوء إلى هذا السيناريو؛ نظرا لتأثيراته السلبية على الاقتصاد، قائلا: "الأمور واضحة أكثر من ذي قبل، صرنا نعرف أكثر اليوم عن الفيروس وطبيعته، وبالتالي هناك وسائل الوقاية متوفرة كالكمامات والمواد الكحولية والالتزام بالتباعد الاجتماعي".

وأضاف "هديب" أن انتشار مظاهر غياب الوعي لدى كثيرين في المجتمع المصري، كالأفراح والحفلات واستقلال المواطنين وسائل المواصلات العامة بدون ارتدائهم الكمامات، أمور تشير إلى عدم الوعي بخطورة الوباء، وتبعاته على الأفراد والمجتمعات، مؤكدا أهمية تكثيف جهود التوعية بمخاطر التهاون في الإجراءات الاحترازية.

وأكد الدكتور مصطفى هديب، أن الاقتصاد لا يتحمل الإغلاق مرة أخرى، موضحا أن "لدينا مشروعات قومية يعمل بها أكثر من 6 ملايين مواطن، وستتأثر حياتهم وحياة أسرهم سلبا في حالة الإغلاق".

وأيد الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ما قاله رئيس الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، قائلا: إنه لا بد من التعايش مع الفيروس، خاصة مع اختلاف الوضع المناخي والصحي والديموغرافي لمصر عن بقية البلدان في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار "الفقي" إلى أن "مناخنا ليس بالغ البرودة شتاءً، مثل دول الشمال الأوروبي، علاوة على أن وفيات الفيروس في أوروبا تشير إلى ارتفاع ظاهرة الشيخوخة هناك، خلافا للمجتمع المصري الذي يتكون من الشباب بنسبة 60%، ومقاومتنا للفيروس أقوى".

واقترح الدكتور فخري الفقي تشديد الإجراءات التقييدية كتحديد ساعات للتنقل وأخرى للحظر، بدلا من الإغلاق التام أو حتى الجزئي، مؤكدا أن الظروف الاقتصادية لا تسمح في مصر بتكرار الإغلاق مرة أخرى: "لسنا في أمريكا".

وأوصى "الفقي" بضرورة العمل على إحداث توازن بين ضرورة الحفاظ على حياة المواطنين من جهة، وأرزاقهم من جهة أخرى؛ لضمان سيرورة الحياة، بتشديد التدابير الاحترازية، وتنفيذ التباعد الاجتماعي، مع استمرار النشاط الاقتصادي والإنتاجي، بما يضمن الوفاء بمتطلبات المجتمع وأفراده، ولنسدد مديونياتنا للخارج، وضمانا لعدم حدوث اختناقات ونقص في المنتجات والسلع، وبالتالي ارتفاع أسعارها، مع العمل على خلق فرص عمل؛ إذ ازدادات أعداد العاطلين نصف مليون في الربع الثاني من العام الجاري، بسبب الإغلاق، من 2 إلى 2.5 مليون عاطل.

ويرى الخبير الاقتصادي محمد الماوي، أن الحل ليس بالإغلاق، لكن بتشديد الحرص واتخاذ ما يكفي من إجراءات من جانب الدولة؛ لضمان السيطرة على الفيروس.

وقال "الماوي": "يجب العمل على دوران عجلة الإنتاج مرة أخرى، لدفع النمو الاقتصادي لمصر، خاصة في ظل الإصلاحات التي نفذتها الدولة خلال السنوات الماضية".

وقسمت الحكومة العمر المتوقع لأزمة كورونا إلى 3 مدد زمنية، بالتوازي مع السيناريوهات التي حددتها للتعامل مع الأزمة، أولها (نهاية العام المالي 2019 - 2020)، بحيث منحت لكل سيناريو 3 أشهر (ربع مالي)، تنتهي جميعها بنهاية ديسمبر 2020.

وترى وزيرة التخطيط، أن مسار التعافي من المتوقع أن يأخذ شكل حرف "U"؛ نظرا لامتداد الأزمة لأغلب دول العالم وفي كل القطاعات، ورغم شدة الأزمة الحالية، إلا أنها في الوقت ذاته تخلق فرصا يمكن الاستفادة منها، تتمثل في إمكانية النهوض بقطاع الصناعة؛ إذ يُعد الوقت الحالي المثالي لتوطين الصناعة في ضوء انخفاض الواردات، لتأثر سلاسل التوريد العالمية، مع وجود فرص كذلك لنفاذ الصادرات المصرية لبعض الأسواق.

وبحسب ورقة بحثية صادرة عن معهد التخطيط القومي، ضمن "سلسلة أوراق السياسات" التي يصدرها "المعهد"، حملت اسم: "التأثیرات المحتملة لفیروس كورونا على أسعار المواد الغذائية" فإنه يتعين على الحكومة العمل على رفع سعة المخزون الاستراتیجي لكل من السلع الاستراتيجية، مثل القمح، والأرز، المكرونة، والزيوت النباتية إلى 6 شهور، ولحوالي 12 شهرا لكل من اللحوم المجمدة، والسكر، والدواجن، إلى جانب تغليظ العقوبات المفروضة من الدولة على ممارسات بعض التجار غیر المشروعة، والتي يمكن أن تساهم في رفع أسعار السلع الغذائية، مثل تخزين السلع بغرض الاحتكار، والتحكم في الأسعار.

وتتطلب الزيادة المتوقعة في أسعار السلع الغذائية على المستوى المحلي، وفق السیناريوهات المقترحة، اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة، للسيطرة علیها في الأجلین القصیر والمتوسط، منها زيادة عدد المنافذ الحكومية لتوزيع السلع الأساسية بأسعار منخفضة، وتفعیل المنافذ الحالية التي تفوق 32 ألف منفذ على مستوى الجمهورية، وتوفیر سيارات متنقلة تصل لجميع أنحاء الجمهورية، لإتاحة السلع المنخفضة الأسعار لجميع المواطنین، وإنشاء مناطق التجارة اللوجستية على مستوى المحافظات، بحسب الورقة البحثية.

وفيما یتعلق بإجراءات مقترحة في الأجل الطويل، ترى الدراسة أهمية التوسع في زراعة الذرة الرفيعة، للحد من استیراد الذرة الصفراء إلى جانب إمكانية دخولها في صناعة الأعلاف، وامكانية خلطها مع الذرة الصفراء، كما يمكن استخدمها لإنتاج الخبز البلدي، بما يساهم في خفض فاتورة استیراد القمح، وزيادة إنتاج الفول البلدي، والاعتماد على الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية، والسعي نحو تحقیق الاكتفاء الذاتي من القمح، والذرة الصفراء، وفول الصويا، التي تعد من أهم المحاصیل الاستراتیجية.

ويتحقق ذلك من خلال التوسع الأفقي بزيادة المساحات المزروعة، والتوسع الرأسي باستنباط أصناف جدیدة ذات إنتاجية عالية، تتحمل الظروف المناخية المتغیرة على أن تزيد الإنتاجية بالنسبة لوحدة المساحة.


مواضيع متعلقة