إبراهيم حجازي يكتب: كلنا شركاء.. في إهدار دم اللغة العربية!

كتب: إبراهيم حجازى

إبراهيم حجازي يكتب:  كلنا شركاء.. في إهدار دم اللغة العربية!

إبراهيم حجازي يكتب: كلنا شركاء.. في إهدار دم اللغة العربية!

طيورنا المهاجرة فى الخارج.. «أسرابها» عرفت طريق الوطن منذ تولت السفيرة نبيلة مكرم منصبها وزيرة للهجرة!. إعادة الجسور المقطوعة من زمن بين الوطن الأم وأبنائه فى الأوطان المختلفة.. هى القضية التى وضعتها الوزيرة هدفاً لها!. أهالينا الذين هاجروا من زمن وعملوا واستقروا.. وأسرهم الصغيرة باتت كبيرة بالأبناء والأحفاد.. وأخذتهم الحياة بطبيعة الحال بعيداً بعيداً.. وتباعدت زياراتهم للوطن الأم إلى أن اختفت تقريباً.. هناك هموم الدنيا شغلتهم.. وهنا سقطوا من حساباتنا.. إلى أن تقطعت كل الجسور التى تربطهم بالوطن وتربط الوطن بهم!.

العلاقات المقطوعة.. هى حال الغالبية العظمى من طيورنا المهاجرة.. وهذا هو الوضع الذى بدأت منه وزيرة الهجرة معركة لم الشمل المصرى على كل أرض فى العالم!.

السفيرة نبيلة مكرم قبل أن تصدر أى قرار.. أخذت وقتها بدراسة تفاصيل التفاصيل فى دفتر أحوال طيورنا المهاجرة!. كم هائل من المعلومات لم تكن موجودة وأوجدتها!. معالم خريطة الوجود المصرى فى دول العالم المختلفة لم تكن واضحة.. دققتها! المهمة أصعب مما نتصور.. لأن القليل الموجود من معلومات إن وجد.. قاصر على الجيل الأول.. والوزيرة تريد الوصول إلى الجيلين الثانى والثالث.. للحاق بهم وربطهم بالوطن الذى غالبيتهم العظمى تجهله.. لأنهم أصلاً لم يزوروه!.

واكتملت معالم الصورة.. وأصبح لدى الوزيرة كافة البيانات الحديثة عن الغالبية العظمى من الجاليات المصرية فى دول العالم المختلفة!. الجيل الأول أو من بقى منه على قيد الحياة والجيل الثانى والجيل الثالث.. فى أى عمل يعملون ومراحل التعليم إن كانوا يدرسون والعمر والحالة الاجتماعية والأنشطة التربوية التى يمارسونها وهواياتهم واهتماماتهم!.

باكتمال المعلومات بدأت الوزيرة تنفيذ استراتيجيتها فى مد جسور التواصل بين الوطن الأم وطيورنا المهاجرة على أى أرض فى العالم!. الوزيرة وصلت لهم.. بالاتصالات والحوارات وإجابة كل الاستفسارات.. وبالسفر لهم واللقاءات مع الجاليات التى تجمعهم.. راحت لتنصت وتسمع وتعرف ما الذى يريدونه من الوطن الأم وما هو المطلوب تذليله لأجل أن يكون التواصل حالة دائمة وليس لحظات عابرة.. وعلى ضوء ما سمعته وعرفته ودرسته.. ظهر أول مشروع مدروس لأحوال طيورنا المهاجرة.. وترتيبات دخولهم دائرة ضوء الوطن.. لأجل أن يكون لهم دور ومساحة ووجود فى مشروع نهضة مصر القائم من ست سنوات!.

الوزيرة نجحت بامتياز فى الوصول للأجيال الثانية والثالثة لأجل ربطهم بالوطن الأم!. شباب الطيور المهاجرة الغالبية العظمى لم يزوروا الوطن!. الوزيرة وضعت برنامجاً لهذا الغرض.. من خلال رحلات إلى مصر الهدف منها التعرف على وطنهم الأم!. الشباب حضر بصورة ذهنية معينة.. وغادر بصورة مختلفة جذرياً.. بعد أن شاهد المشروعات التى تمت والتى تحت الإنشاء.. وشاهد المعالم الأثرية وشاهد الأماكن السياحية وشاهد الأماكن الشعبية!.

الأجيال المهاجرة الشابة التى ولدت وتربت فى المهجر.. لم يطرأ على ذهنها للحظة أن يكون وطنهم الأم فى هذا المكان وتلك المكانة!.

الوزيرة فتحت حواراً متصلاً مع الجيل الثانى والثالث لطيورنا المهاجرة.. وبطبيعة الحال وجدت النسبة الأكبر لا تعرف شيئاً عن اللغة العربية!. صحيح هناك أسر فى المهجر حرصت وداومت على تعليم صغارها اللغة العربية.. إلا أن الغالبية لم تفعل.. لأن الجسور كانت مقطوعة!. الوزيرة أولت هذه المسألة اهتمامها البالغ.. باعتبار اللغة أحد الأعمدة الأساسية للهوية!.

الوزيرة نبيلة مكرم قبل شهر.. كان لها تصريح بالغ الأهمية فى الصحافة المصرية.. عن اللغة العربية والجيل الثانى والثالث أبناء وأحفاد طيورنا المهاجرة.. ورؤيتها فى أهمية تعلم هذه الأجيال اللغة العربية!.

السيدة وزيرة الهجرة.. مصممة على إيجاد وسيلة أو أكثر.. بها يحافظ أهالينا فى المهجر على لغة الوطن الأم ويتعلمون اللهجة المصرية ويتكلمون باللهجة المصرية.. لأنه فى غياب اللغة تغيب الهوية!.

السفيرة نبيلة مكرم بعد نجاحها فى مد جسور التواصل مع طيورنا المهاجرة.. انتقلت للنقطة الأهم فى مشروعها.. أن يتكلم أطفال الأجيال الجديدة عربى.. باعتبار اللغة أهم مقومات الهوية.. والهوية أعظم رباط وارتباط بالوطن!.

الوزيرة أطلقت مبادرة «اتكلم مصرى».. مستهدفة أطفالنا بالخارج من خلال تنظيم معسكرات للأطفال فى الدول المختلفة لتعلم العربية باللهجة المصرية.. لترسيخ الهوية الوطنية المصرية بينهم وأول هذه المعسكرات سيقام فى النمسا!.

الدكتورة نبيلة مكرم.. فتحت ملف قضية أتمنى أن يبقيها الإعلام مفتوحة إلى أن يأمر الله أمراً كان مقضياً..!. لماذا؟.

لأن اللغة العربية فى الوطن العربى كله.. لا مصر وحدها.. فى خطر مسكوت عليه «ما أعرفش ليه»؟.

نعم اللغة العربية.. التى هى الشىء الوحيد المتبقى يربطنا كعرب.. فى طريقها إلى أن تُسْمَع ولا تُكْتَب!.

آه والله هذه هى الحقيقة.. التى بدأت تطل علينا من ربع قرن على الأقل فى مصر.. ونحن فى غفوة.. استمرت إلى ما بعد هذه الواقعة التى سأحكيها لحضراتكم!.

الواقعة كانت فى منطقة تجنيد الحلمية والذى رواها لى السيد مدير إدارة التجنيد وقتها.. عن شاب حضر للتجنيد.. وخلال الإجراءات تسلم استمارة ومطلوب كتابة البيانات فى الاستمارة.. ووقف الشاب حائراً وهو ممسك بالاستمارة.. ولاحظ أحد ضباط الصف حيرة الشاب.. فسأله ومن الإجابة عرف عدم قدرة الشاب على ملء الاستمارة لأنه لا يعرف الكتابة باللغة العربية!. فقال له ضابط الصف: ولما انت مش مؤهلات إيه اللى جابك الصالة دى؟. وكانت الإجابة التى نزلت كالصاعقة على ضابط الصف مع قول الشاب: لا أنا مؤهلات عليا وخريج الجامعة الأمريكية.. لكن ما أعرفش أكتب عربى!.

وقتها كتبت هذه الواقعة فى «مقالى بالأهرام».. وللأسف لا حس ولا خبر!. وكتبت وكتبت ولا أحد ممن يعنيهم الأمر اهتم!. هذا الكلام وقتها كان ينطبق على البعض من خريجى الجامعة الأمريكية.. الآن وبعد هذه السنوات.. المسألة أصبحت علامة مميزة لمن يتعلمون فى المدارس الدولية!. أغلب خريجى هذه المدارس.. لا يكتبون العربية!.

القضية أكبر وأعقد مما نتصور!. القضية فى رقبتنا جميعاً وليست وزارة التعليم وحدها!. القضية بدأت فصولها من اليوم الذى تم فيه إلغاء كراسة الخط العربى!. هذه الكراسة كان الطفل يتعلم منها.. الحروف التى فوق السطر والتى تحت السطر والتى على السطر وتم إلغاء هذه الكراسة ومعها حصة الخط!. أساسيات الكتابة نسفناها.. فضربنا اللغة فى مقتل!. الحمد لله.. سمعت أن كراسة الخط عادت للصف الرابع الابتدائى!.

القضية فى رقبتنا جميعاً ومن لا يصدق.. أدعوه لأن يراجع معى الآتى على سبيل المثال لا الحصر:

1- أضرب مثالاً بإعلانات الشوارع!. لو حضرتك على الدائرى تجاه التجمع.. عشرات الإعلانات على يمينك ويسارك.. الإعلانات باللغة الأجنبية لها الأكثرية!.

2- حاول حضرتك وأنت فى أى شارع أن تحصر عدد الشركات التى تحمل أسماء عربية.. نسبة للتى أسماؤها باللغة الأجنبية.. للأسف الأجنبى أضعاف العربى!.

3- الكثير من الشركات الكبيرة والبنوك.. المكاتبات داخلها باللغة الأجنبية والعربية NO!.

4- الكارثة الأكبر التى أصبحت ظاهرة يصعب وقفها.. تلك النظرة الدونية للغة العربية.. والحرص كل الحرص.. على الكلام بأى لغة أجنبية.. وأضعف الإيمان استخدام مصطلحاتها فى أى حوار!. كلمة عربى وخمسة أجنبى.. لأن اللغة الأجنبية هى الوجاهة والتحضر!.

المسألة تخطت المظاهر وأصبحت حالة نفسية بالغة التعقيد.. تنتشر رأسياً وأفقياً تفتخر بالأجنبية وتتبرأ من العربية!.

تعلم لغة أجنبية أو أكثر مهم جداً.. لكن الأهم أن نتعلم العربية ونتمسك بالعربية ونتكلم العربية.. لأنها أهم مقومات الهوية!.

المساحة انتهت لكن القضية مفتوحة ولنا معها عودة بإذن الله.

 


مواضيع متعلقة