وزير الطاقة السعودي: استغناء العالم عن النفط والغاز "احتمال بعيد"

كتب: عبدالرحمن فرحات

وزير الطاقة السعودي: استغناء العالم عن النفط والغاز "احتمال بعيد"

وزير الطاقة السعودي: استغناء العالم عن النفط والغاز "احتمال بعيد"

استغناء العالم عن النفط والغاز «احتمال بعيد وغير واقعى».. هذا ما صرح به وزير الطاقة السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال قمة سنغافورة للطاقة، وذلك بعد الترويج الكبير لإحلال الطاقة المتجدّدة محل الطاقة التقليدية للحد من التأثيرات السلبية التى تواجهها البيئة، والتى قد تنذر بكوارث جديدة.

وجاء ذلك بالتزامن مع تهاوى الطلب على النفط خلال الشهور الماضية، وانتهاج الدول لاستراتيجية التحول للطاقة الخضراء، ونمو صناعة السيارات الكهربائية والهجينة، وتهيئة البنية التحتية فى عدد كبير من البلدان لاستخدام وسائل النقل والمواصلات الكهربائية، وهو ما يضع تساؤلاً حول مستقبل الطلب على النفط، وهل حقاً سيندثر؟ أم أن تصريحات الوزير السعودى أكثر واقعية؟

أوضح الخبراء أن التراجع الكبير فى حجم الطلب على الوقود ليست له علاقة بتوجّه الدول للتحول نحو الطاقة المتجدّدة، ولكن يحدث ذلك نتيجة أزمة كورونا التى اجتاحت العالم، وهو أمر عهده النفط كما حدث فى أزمة الطاقة 1979 نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادى للدول الصناعية، ومن ثم انخفاض الطلب على النفط، والتى أثرت على أسعار النفط التى تهاوت من 27 دولاراً إلى أقل من 10 دولارات للبرميل.

وعلى نفس المنوال، شهد سوق النفط أداء ضعيفاً خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام نتيجة أزمة كورونا، حيث تعرض لضربات مزدوجة من العرض والطلب؛ الضربة الأولى بسبب انهيار الطلب مع دخول أجزاء كبيرة من العالم فى حالة إغلاق، والثانية مع تصاعد التوترات بين المنتجين بعد رفض روسيا تجديد اتفاق خفض الإنتاج، مما أدى إلى إغراق الأسواق بالنفط الخام، ولم يكن هناك مكان لتخزين النفط مع جفاف الطلب، وبالتالى انخفضت أسعار النفط من متوسط 60 دولاراً للبرميل فى بداية عام 2020 إلى أقل من 15 دولاراً للبرميل فى النصف الأول من أبريل 2020، وتشير بعض التوقعات إلى احتمالية انتعاش أسعار النفط حتى تصل فى عام 2022 إلى نطاق 60 دولاراً للبرميل، مع معدل طلب يومى على النفط يبلغ 99.6 مليون برميل يومياً، حسب منظمة أوبك.

"السبكي": التحول للطاقة النظيفة حتمي.. ومصر تمتلك فرصاً هائلة للتحول لمركز إقليمي للطاقة المتجددة

من جانبه، قال الدكتور محمد صلاح السبكى رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة السابق، إن تحول الاعتماد على الطاقة من الشكل التقليدى إلى الطاقة المتجدّدة هو أمر حتمى وطبيعى كما هو الحال عند التحول من استخدام الفحم لاستخدام النفط والغاز الطبيعى، ولكن هذا لا يعنى الاستغناء عن الوقود الأحفورى على المدى القصير والمتوسط، مشيراً إلى أنه خلال تلك الفترات سيتزايد الطلب على الطاقة المتجدّدة بشكل كبير، خاصة مع ظهور أنواع جديدة يتم العمل عليها بشكل تجريبى، مثل الطاقة الهيدروجينية.

وأوضح أن الطاقة المتجدّدة تواجه تحديات تحول دون انتشارها بوتيرة سريعة خلال الفترة الحالية، والتى تتمثل فى التحديات التكنولوجية والمادية وتطوير القدرات التخزينية للطاقة، مما يجعل الاعتماد عليها يزداد بشكل تدريجى على حساب الوقود الأحفورى، لكن سيتم ذلك خلال فترات طويلة، مؤكداً أن اعتماد الدول على الوقود التقليدى لن يتضاءل، وسيستمر لسنوات طويلة.

وأشار إلى أن هناك بعض العوامل التى قد تسرع من وتيرة التحول للطاقة المتجدّدة، التى تتمثل فى الاستراتيجيات التى تنتهجها الدول للتوسّع فى استخدام الطاقة الخضراء، ونمو صناعة السيارات الكهربائية بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، مضيفاً أن الدول لم تتمكن حالياً من التعامل مع أضرار الوقود الحيوى بفاعلية وتقليل الانبعاثات، حتى يتم التحول بشكل أكبر للطاقة النظيفة.

وعلى صعيد البدائل الاستهلاكية للوقود الأحفورى فى حال التحول للطاقة المتجدّدة، أكد «السبكى» أنه يمكن استحداث صناعات وأنشطة اقتصادية جديدة نتمكن من خلالها من الاستفادة بالثروة البترولية، أبرزها التوسّع فى صناعة البتروكيماويات، لتصبح بديلاً، وإضافة لاستخدام النفط على المدى الطويل.

وقال إن مصر تمتلك فرصاً هائلة لنمو الطاقة المتجدّدة، فضلاً عن الفرص الاستثمارية الكبيرة فى هذا المجال، بالتزامن مع المشروعات الاستراتيجية التى قامت بها الدولة، مثل محطة بنبان ومحطات الرياح، مشيراً إلى أنه يمكن لمصر تنمية هذا النوع من الطاقة وربطها بالدول المجاورة لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة النظيفة، مضيفاً أن المواطن المصرى يستخدم نحو 10% طاقة متجدّدة ضمن خليط الطاقة المستخدم يومياً.

"أبوالعلا": الوقود الأحفوري سيظل المصدر الرئيسي لتوفير احتياجات العالم من الطاقة.. والتراجعات الحالية للنفط "أمر عارض"

ويرى الدكتور رمضان أبوالعلا أستاذ هندسة البترول، ونائب رئيس جامعة فاروس، أن التراجعات الكبيرة التى يشهدها النفط خلال الأشهر الماضية وحتى الآن، هى أمر عارض نتيجة ما يعانيه الاقتصاد العالمى جراء فيروس كورونا، وهو ما انعكس بالتبعية على معدلات استهلاك الطاقة.

وأوضح أن كل ما يثار حول استغناء العالم عن الوقود الأحفورى بما يتضمّنه من نفط وغاز وفحم هو نوع من الضغط على الدول المنتجة لتخفيض الأسعار، مؤكداً أن الوقود الأحفورى سيظل المصدر الرئيسى لتوفير احتياجات العالم من الطاقة على الأقل لمدة 70 عاماً، مشيراً إلى أن ما سيحدث خلال الفترات القادمة هو أن معدل نمو الطلب على الغاز الطبيعى سيكون ضعف معدل نمو الطلب على الفحم والنفط مجتمعين.

وقال إن الطاقة الجديدة والمتجددة لا تمثل سوى 6: 4% من استهلاك الطاقة، فيما لا تتعدى الطاقة النووية الـ8% من حجم الطاقة المستخدمة، مرجعاً ذلك للتكلفة المرتفعة ومتطلبات الصيانة المستمرة للطاقة المتجدّدة، مثل الرياح والشمس والمياه.

وأكد أن تنوع مصادر الطاقة هو أمر حتمى فى المستقبل، ولكن عملية التحول للطاقة المتجددة ستتم على المدى الطويل وبشكل تدريجى، حيث توجد أبحاث حالية على استحداث أنواع جديدة من الطاقة، مثل تكسير الهيدروجين والطفلة الزيتية التى تعتمد عليها الولايات المتحدة، ولكنها مكلفة حتى الآن.

وأشار إلى أن الدول المنتجة للنفط تُدرك تماماً ما سيحدث فى المستقبل البعيد من استبدال الطاقة المتجددة بالنفط، حيث بدأت هذه الدول بالبحث عن موارد جديدة للدخل، بدلاً من الاعتماد الكبير على إيرادات النفط، كما هو الحال فى المملكة العربية السعودية، وتوسّعها فى التصنيع، خاصة الصناعات التى تعتمد على النفط.


مواضيع متعلقة