كلمة وزير الأوقاف باحتفال المولد النبي: وفيك نموت مصر كما حيينا

11:56 ص | الأربعاء 28 أكتوبر 2020

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، كلمة خلال احتفال الوزارة بالمولد النبوي الشريف، والذي حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وجاء نص الكلمة كالتالي:

"الرئيس عبدالفتاح السيسي، مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، فضيلة شوقي علام مفتي الجمهورية.

يطيب لي أن أهنئكم جميعًا بذكرى المولد النبوي الشريف، سائلاً الله عز وجل أن يعيده علينا وعليكم وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

لزمت باب أمير الأنبياء ومن يُمسك بمفتاح باب الله يغتنم

علّقت من حبه حباً أعزّ به في يوم لا عزّ بالأنساب واللّحم

محمدٌ صفـوة الباري ورحمته وسيد الخلق من عرب ومن عجم

يا أَفصحَ الناطقين الضادَ قاطبةً حديثُك الشّـهدُ عند الذائقِ الفهِـم

مديحُنا فيك حبٌّ خالصٌ وهـوًى وصادقُ الحبِّ يُملي صادقَ الكلمِ

البدر دونكَ في عز وفي شَرفٍ والبحرُ دونك في فضل وفي كرم

والله ما حملت أنثى ولا وضعت أبرّ وأوفى ذِمة من محمدٍ

وما في بقاع الأرض حيًّا وميّتًا ولا بين أرضٍ والسما كمُحمدٍ

صلوا عليه وسلموا تسليمًا

وبعد :

فقد بُعِثَ نبينا (صل الله عليه وسلم) ليتمم مكارم الأخلاق، ومن مكارم الأخلاق الوفاء ورد الجميل، فحين خرج نبينا (صل الله عليه وسلم) إلى الطائف ولقي من أهلها أشدّ مما لقي من أهل مكة عاد إلى مكة مرة أخرى، فدخلها في جوار رجل مشرك وهو المُطْعِم بن عَدِيّ، فلما كان يوم بدر وكلموا النبي (صل الله عليه وسلم) في إطلاق الأسرى، قال: "لو كان المُطْعِم بن عَدِيّ حيا فكلمني فيهم لأطلقتهم له"، أي لأطلقت سراحهم إكرامًا له وردًا لجميله.

وكان (صل الله عليه وسلم) يقول عن سيدنا أبي بكر الصديق (رضي الله عنه): " إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ"، ويقول (صل الله عليه وسلم): "مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كافأناهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئهِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

ويقول (صل الله عليه وسلم): "من أسدى إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه"، ويقول (صل الله عليه وسلم): "من أُولي معروفًا، فليذكره، فمن ذكره فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره" .

ونحن يا رئيس الجمهورية لم ننس ولن ننسى يوم أن وقفت موقفًا وطنيًّا عظيمًا مشهودًا وقلت إن الرصاص الذي يُوجه إلى صدور المصريين سنتلقاه نحن بصدورنا، وإنه لا يمكن لأحد أن يروع المصريين ونحن على قيد الحياة، وكأنك أيها الرئيس من عناه المتنبي بقوله:

وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ

كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ

الرئيس لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لسيدنا موسى (عليه السلام): اذهب أنت وربك فقاتلا إننا ها هنا قاعدون، لكن نقول: نحن معك عن يمينك وعن شمالك ومن خلفك مقاتلون.

وإن هذه النخبة المخلصة من علماء الأزهر والأوقاف معك في معركة الوعي وبناء الوطن وعلى الجبهة متى لزم الأمر.

وله در شوقي حيث يقول:

لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ

وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ

إِذا ما سالت الأَرواحُ فيهِ

بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا

نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا

وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا

وفيك نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا

وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا

ويقول أحمد محرم:

لَيسَ الكَريمُ بِمَن يَرى أَوطانَهُ

نَهبَ العَوادي ثُمَّ لا يَحميها

فتَوَدُّ جاهِدَةً بِهِ دَفعَ الأَذى

عَن نَفسِها وَهوَ الَّذي يُؤذيها

يا آلَ مِصرَ وَما يُؤَدّي حَقَّها

إِلّا فَتىً يَكفي الَّذي يَعنيها

هي أمُّكُم لا كانَ مِن أَبنائِها

مَن لا يُواسيها وَلا يُرضيها

وإذا كان ديننا ونبينا قد علمانا أن نذكر الفضل لأهل الفضل، فإنني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن جميع العاملين بالأوقاف نذكر لكم مواقفكم النبيلة التي تذكر فتشكر، كما نشكركم على اهتمامكم البالغ بتحسين الأحوال العلمية والمادية للأئمة، حيث وجهتم في عام 2015 بزيادة قدرها ألفُ جنيه في بدل صعود المنبر لجميع الأئمة، ثم وجهتم العام الماضي بزيادة أخرى قدرها ستمائة جنيه لحملة الليسانس وثمانمائة جنيه لحملة الماجستير وألفُ جنيه لحملة الدكتوراه، إضافة إلى توفير الزي الأزهري لجميع الأئمة، وتشجيعًا على البحث العلمي وصقل مواهب الأئمة علميًّا وجهتم سيادة الرئيس بصرف مكافأة تميز علمي لكل من حصل أو يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه، ودفعًا لمزيد من التميز وعدم التوقف في العلم عند حد معين وجهتم بتكرار المكافأة كلما حصل الإمام أو غيره من العاملين بالأوقاف على درجة علمية جديدة، وأصدر رئيس مجلس الوزراء القرار التنفيذي لذلك بصرف مكافأة تميز علمي قدرها خمسمائة جنيه شهريًّا للحاصلين على الدكتوراه، وثلاثمائة جنيه للحاصلين على الماجستير، ومائة جنيه للحاصلين على دبلوم الدراسات العليا، وسيبدأ الصرف من أول يناير 2021.

وتشجيعًا للأئمة والعاملين بالأوقاف على البحث العلمي والتميز العلمي أعلنا في وزارة الأوقاف عن توفير ألف منحة ماجستير مجانية تمول من الموارد الذاتية للوزارة للجادين من الأئمة في مواصلة البحث العلمي، وأعلنا عام 2021 بوزارة الأوقاف عامًا للتثقيف والوعي، إيمانًا منا بأهمية قضية الوعي التي تعني الإدراك والفهم للصورة الكلية ومفرداتها الجزئية، بما يعني فهم التحديات العامة وتحديات كل قضية جزئية على حدة.

ويشرفني بهذه المناسبة الكريمة، أن أقدم لكم هدية وزارة الأوقاف المصرية، وتشمل كتابين: هما: "الأدب مع سيدنا رسول الله (صل الله عليه وسلم)"، و"السيرة النبوية.. قراءة عصرية".