سعرها 10 آلاف جنيه.. حكايات الحمام الزاجل في المنيا

كتب: اسلام فهمي

سعرها 10 آلاف جنيه.. حكايات الحمام الزاجل في المنيا

سعرها 10 آلاف جنيه.. حكايات الحمام الزاجل في المنيا

طير فريد من نوعه، يتصف بالذكاء الخارق والوفاء والإخلاص، يعشق الانتماء فلا يتخلي عن مكان نشأته ومهما غدا أو راح يعود لموطنه الأصلي حتي لو ذهب لآخر الكون وتعرض لإصابة يعود مجددا.

الحمام الزاجل، صديق وفي للإنسان الذي يتعامل معه عن قرب ويرعاه ويهتم به، ومعروف عنه أنه يمتلك بوصلة تكون مضبوطة علي مكان واحد "موطنه الأساسي" الذي تعلم فيه تناول الأكل والطيران علي مدار شهر واحد في الهواء الطلق بحيث تبصر عيناه نحو 10 كيلو مترات فلا ينسي المكان الذي تعلم فيه الطيران مطلقا.

"عاصفة الصحراء، الوحش، قاهر الظلام"، جميعها أسماء حركية، يطلقها هواة وعشاق الحمام الزاجل، علي الطير الذي وصفوه بأنه أرقي الكائنات الحية علي الإطلاق، إذ يتصف بالشموخ والكبرياء والوفاء والإخلاص، فهو يعد سيد الحمام في الدنيا بدون منازع لما لديه من غريزة حب لموطنه والعودة إليه مهما بعدت المسافات الشاسعة التي يقطعها في إيصال الرسائل وما يؤديه من خدمات جليلة في تاريخ الحروب ونقل أخبارها إلى الدول والقرى.

أصبحت تربية ورعاية الحمام الزاجل في المنيا هواية منتشرة بين الشباب خاصة أن هناك عدة مسابقات يجري تنظيمها سنويا تحدد أسعار الحمام الذي يتسابق في سماء المحافظة، وقد يتجاوز سعر الواحدة 10 آلاف جنيه، بحسب المركز الذي تحققه في السباق، وسعر أبنائها يسجل مبالغ كبيرة، علي اعتبار أن الصغار من نسل أبطال كبار.

منعم الحلواني، شاب قروي، ومنسق جمعية الحمام الزاجل بالمنيا، وأحد أشهر المربين بالمحافظة، يمتلك برجا أعلي سطح منزله يضم أكثر من 100 حمامة زاجلة، كل واحدة لها بطاقة تعريفية، ويخوض المسابقات السنوية التي تنظمها بعض الجمعيات المهتمة بالحمام الزاجل في المنيا والصعيد.

يروي "الحلواني" قصته مع الحمام الزاجل قائلا: "الحمام الزاجل لاينسي أبدا مكان النشأة حتي لو أزيل البرج الذي ولد بداخله يعود لسطح المنزل ويرقد هناك، وهو يتناول في طعامه الحبوب فقط، ومنها الذرة الصفراء والعويجة، والفول البلدي، والبسلة، وهو طائر جذاب ونظيف وألوانه جذابة ورائعة تعبر عن إبداع الخالق، وغيور غيرة قاتلة ففي ذات مرة قمت بإطلاق طائر زاجل لتدريبه لخوض مسابقة فتأخر في العودة كثيرا، وعاد بعد نحو 3 أشهر، وحينها اكتشفت أن أنثاه تزوجت من ذكر غيره، وكنت وقتها أراقب الموقف بعد عودته إذ إنقض علي غريمه الذكر وأخذ ينقر في جميع أنحاء جسمه حتي قتله وتخلص منه تماما".

أكد "الحلواني" أنه يفوز سنويا بمراكز متقدمة في السباقات التي تنظمها جمعيات أهلية علي مستوي المنيا والصعيد، وحصل علي 3 كؤوس ونحو 10 شهادات تقدير، لافتا إلى أن الحمام الزاجل يعشق الخصوصية فلا تدخل الحمامة عشا غير عشها أبدا، والأنثي تتزوج من ذكر واحد، ولا ترتبط بآخر إلا حال فقدان الزوج الأساسي، وهناك عمليات تزويج بين الإناث والذكور يقوم بها المربي من خلال حبس "الزوج" في قفص واحد لمدة تتراوح بين 10 و15 يوما، وقد ترفض الأنثي تلك الزيجة وتتمرد وتنشب مشاجرات بين الاثنين في داخل القفص، وهنا يحاول الزوج أن يقدم لها بعد الإغراءات ومنها اللعب وتناول الطعام سويا حتي تتقبله بعد فترة قد تمتد لنحو شهر.

وفند "الحلواني" أسعار الحمام الزاجل وهي تعد خيالية إذ يبلغ سعر الزوج الصغير "ذكر وأنثي" نحو 1500 جنيه، وبعد خوضه المسابقات وتحقيق مراكز متقدمة قد يصل سعر الحمامة الواحدة لمبلغ 10 آلاف جنيه، بحسب المركز الذي تحققه، وتتم عمليات البيع والشراء للحمام الذي حقق فوزا في المسابقات من خلال مزايدات علي مواقع التواصل الاجتماعي"الإنترنت"، وهو هواية يعشقها الشباب غير مرتبطة بتحقيق مكسب مالي نهائيا بل إن تحقيق الفوز بالحمام الزاجل بالنسبة لعشاقه يكون مكسبا معنويا بالحصول علي كؤوس وشهادات تقدير من الجمعيات أو الاتحادات التي تنظم مسابقات سنوية.

وأضاف مصطفي خلاف، طالب: "منذ طفولتي أعشق تربية ورعاية الحمام الزاجل حتي حولت سطح منزلي لبرج كبير يضم عددا كبيرا من الطير الراقي، وكان هناك اتحاد يتبع مديرية الشباب والرياضة يهتم بتنظيم مسابقات للحمام الزاجل، لكن الاتحاد تم حله عام 2005 تزامنا مع ظهور إنفلونزا الطيور وانتشار المخاوف من انتقال العدوي بين البشر، وعقب ذلك ظهرت العديد من الجمعيات والاتحادات الخاصة التي تنظم مسابقات".

وأشار "مصطفي" إلى أن مسابقات الحمام الزاجل تبدأ في شهر يناير من كل عام إذ يكون المناخ معتدلا ومناسبا للطير لمسافات طويلة جدا قد تصل إلي 1500 كيلو وهي أبعد نقطة انطلق منها سباق وكانت من منطقة البيضاء في داخل دولة ليبيا الشقيقة قبل نحو عامين، ويستمر السباق لنحو 3 أشهر، يسبقها فترة الاستعداد وتجهيز الطير الذي سيخوض السباق بتدريبه علي الطير لمسافات طويلة بشكل تدريجي، مع توفير العلاجات الوقائية اللازمة، ومنها أملاح معدنية، مضادات تقي من الميكروبات، وفيتامينات، ثم يتم التسجيل في مركز شباب المدينة ودفع الاشتراك الذي قد يصل لـ500 جنيه شاملة رسوم نقل الطيور، لمناطق انطلاق السباق، منوها بأن تلك المسابقات تتم حاليا بالجهود الذاتية إذ كان الاتحاد التابع للشباب والرياضة يقدم دعما عبارة عن أقفاص للطير وسيارات لنقل الحمام المشارك في المسابقات، ودبل التعارف بأسعار مخفضة وذلك قبل ظهور أزمة إنفلونزا الطيور.

ولفت "مصطفي" إلى وضع جدول السباق في شهر سبتمبر وهو قابل للتغير حسب الأرصاد الجوية وتقلبات الطقس، ويتضمن أماكن الراميات "مكان إطلاق الحمام في الهواء للسباق" وتبدأ بمركز مغاغة ويكون الهدف هنا للتدريب فقط واختبار قدرة الحمام الزاجل علي خوض المسابقة ويكون تسليم الطير في أول شهر يناير، ثم تكون الرامية الثانية ومنها ينطلق السباق علي مستويات بحسب رغبة صاحب الحمام، وتبدأ من محافظة بني سويف، ثم العياط، ثم 6 أكتوبر بالجيزة، مدينة السادات، مدينة الحمام، العلمين، رأس الحكمة، مرسي مطروح، وأخيرا السلوم.

وهناك شروط عامة لقبول استلام الحمام الذي سيخوض السباق ومنها أن يتم فحص كل حمامة علي حدة للتأكد من خلوها من الأمراض حتي لاتصيب غيرها بعدوى، وأن يكون سليما وغير متكاثر حتي يقوى علي الطيران لمسافات طويلة إذ إن المنافسة تجهد الحمام الزاجل وتحرق دهون جسمه أثناء رحلة العودة لموطنة الأساسي، كما أن هناك عدة إجراءات تضعها لجان تنظيم المسابقات لضمان النزاهة والشفافية والحيادية بين المتنافسين، ومنها وضع رقم سري بأرجل الحمام، يتم إبلاغ اللجنة به فور عودة الحمام لموطنه من المكان الذي انطلقت منه المسابقة، ويتم تسجيل العودة بالثانية لأن الفوز أحيانا يكون متوقفا علي ثانية بل لحظات، كما أن شهادة الفوز تحدد سعر الحمامة لاحقا حتي سعر أبنائها يكون مرتفعا علي اعتبار أنهم أبناء بطل فاز في سباق.


مواضيع متعلقة