مبتور القدمين.. "إسلام" يتحدى إعاقته بالعمل "ميكانيكي" في الأقصر

كتب: محمد عبد اللطيف الصغير

مبتور القدمين.. "إسلام" يتحدى إعاقته بالعمل "ميكانيكي" في الأقصر

مبتور القدمين.. "إسلام" يتحدى إعاقته بالعمل "ميكانيكي" في الأقصر

لم يكن يعلم عبدالحكيم الجنوبي، أحد مواطني الأقصر أن لحظة وصول وليده الأول، الذي قدر الله له أن يخلق بدون أطراف، ستكون لحظة موعودة بمولود سيتصدر حديث أبناء محافظته ضاربين به أمثلةً عديدة في الشهامة والكفاح وعدم اليأس وتطويع الواقع وليس العكس.

ارتضى "الجنوبي" بقضاء الله في أول مولود له كان ينتظره بفارغ الصبر ومرت الأيام ويكبر أمامه بيد واحدة فقط هي التي اكتملت والأخرى والقدمان لم يكتملا، كما أراد الخالق لحكمة لم يكن يعلمها إلا عندما وصل "إسلام" إلى سن الثالثة عشرة.

قرر بعدها "عبدالحكيم"، الذي يعمل سائقًا بقرية المدامود شمال المحافظة أن يدفع بنجله إلى العمل، في خطوة منه ليتشجع أن يعتمد على نفسه تحسبًا لأي طوارئ قد تحدث في حياتهم، وإن لم تحدث فهذا هو السير الطبيعي له في الدنيا.

الإبن الذي قد تظن من الوهلة الأولى أنه أَولى بالرعاية، كان خير معيل لنفسه ولأسرته المكونة من 8 أفراد، أب وأم و6 إخوة، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، يقطنون في منزل قروي بسيط مكون من غرفتين وصالة، فبدأ يبحث عن أي عمل بدون أي اشترطات منه لمعاناته بسبب إعاقته.

"إسلام" يروي لـ"الوطن"، أنه عانى كثيرًا في البداية حيث عمل في حرث الأراضي الزراعية بالأجرة، وداخل أبراج الضغط العالي، وكثير من المهن اليومية غير المنتظمة في العمل والأجرة، وذلك قبل أن يوفق بين رغبة عقله وقلبه ويعمل "ميكانيكي" بورشة تصليح دراجات بخارية.

جاء ذلك بعد أن بات يشعر من أسرته أنه أصبح يمثل عليهم عبئًا من أول مرة ترك فيها عمله بأبراج الضغط العالي بأحد المواقع بالصحراء لعدم تناسبه مع ظروفه الصحية، حينها أدرك أن عليه أن يتحمل مصاعب أي عمل حتى لا يحتاج مساعدة أحد، ويساعد أسرته أيضًا.

وقال "إسلام عبدالحكيم"، إنه كان يتحمل فوق طاقته الكثير والكثير لتوفير "لقمة العيش"، وذلك جعله لا يرى في نفسه عاجزًا أو معاقًا، بل أكد له أن الإعاقة أن يرتضي من في مثل عمره بالفشل، ويحمل مسئوليته لأهله لذا أصر "الصعيدي" على استكمال تعليمه، والحصول على شهادة الثانوية الأزهرية، إلى جوار العمل.

وأضاف "إسلام"، أنه منذ 7 أعوام، حصل على وظيفته الحالية، ميكانيكي داخل ورشة تصليح دراجات بخارية بمنطقة المرور بالأقصر، مقابل 50 جنيه كل يوم، مشيرًا إلى أنه يستيقظ يوميًا في السابعة صباحًا، ويرتدي ملابس العمل ويرحل في اطمئنان وراحة بال لم يكن يشعر بها من قبل، جعلاه يقدس مواعيد عمله ويرتبط بها جدًا ويحافظ عليها خوفًا من أن يفقد هذا العمل، الذي وفقًا للروتين الطبيعي قبل أن يحطمه "إسلام"، يحتاج لجسد كامل.

وعن سؤاله عن طبيعة نظرات الأهالي وزبائن العمل له، كشف عن أنه اعتاد في البداية على نظرات التعجب والتنمر في عيونهم، واعتقاد البعض منهم بأنه لا يستطيع القيام بعمله على أكمل وجه، لكن فيما بعد وعندما أحدث شهرة في المنطقة بعد إجادته لذلك العمل أصبح مقدسًا له ويزيد ارتباطه به كل يوم.

خشية "إسلام"، أن يفقده يومًا ما لأي سبب تجعله يحلم كل ليلة بالحصول على وظيفة آمنة ومناسبة لحالته الصحية، ومستقرة.. لا يخشاها أن تزول.

 


مواضيع متعلقة