بريد الوطن.. المشوار.. (قصة قصيرة جداً)

بريد الوطن.. المشوار.. (قصة قصيرة جداً)
يكاد يشق طريقه بصعوبة وسط الزحام، يبحث عن شىء يستند عليه لكى يلتقط أنفاسه، يحاول أن يتوقف قليلاً، فيدفعه المارة ليجد نفسه يستمر فى السير بقوة الدفع، يعبر الطريق بصعوبة بالغة، وبعد أن أصابه الإجهاد يذهب إلى أحد الأماكن، بدأ يجلس وحيداً فى أحد الأركان، يرتدى ملابس بالية، عمره يُناهِز الخمسين، يقترب منه بعض المارة يرثون لحاله ويُشفقون عليه فمنظره يوحى بأنه لم يذُق الطعام ولم يذق النوم، منهم من يتحنن قلبه فيمد له يده ببعض القروش، ومنهم من يسخر من حاله فيرميه بكلمات مثل طلقات الرصاص، اقترب منه أحد الأشخاص وبدلاً من أن يضع يديه فى جيبه ليخرج بعض القروش ويعطيه إياها مد يده وصفعه بالقلم دون أية أسباب، نزلت من عينه دمعة، لم يرد الإهانة، ظل صامداً صامتاً حتى جاء الليل، بدأ يتسلل مُتخفياً يجوب الحارات والشوارع يطرق أبواب الفقراء، يترك لهم بعضاً من القروش التى حصل عليها على مدار اليوم، وعندما ينتهى من كل ما معه يعود إلى بيته، يتطلع إلى يوم جديد يبدأ معه نفس المشوار، يشق نفس الطريق وسط الزحام، يذهب إلى نفس المكان يجلس وحيداً فى أحد الأركان، مُرتدياً نفس الملابس البالية.
نجيب محفوظ نجيب
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com