إعادة النظر فى نظام الرى فى وادى النيل ودلتاه

10/05/2020

د. محمد صفي الدين خربوش

كاتب صحفي

اعتاد المصريون منذ آلاف السنين على مياه النيل التى وهبهم الله إياها، وارتبطت الحضارة المصرية العريقة بنهر النيل العظيم. واجتهد الأجداد العظام فى تشييد المشروعات التى تعظم الاستفادة من تلك الهبة الربانية الغالية فى زراعة أكبر مساحة ممكنة من أراضى الوادى والدلتا. وكان لمحمد على النصيب الأكبر فى تنظيم نظام الرى فى مصر الحديثة، لاسيما فى الدلتا من خلال إنشاء القناطر الخيرية (قناطر محمد على)، التى ضبطت نظام الرى من خلال فرعى دمياط ورشيد، والرياحات التوفيقى والمنوفى والبحيرى، وعشرات الفروع الأصغر من البحار والترع والمصارف. واستمر المصريون فى إضافة العديد من المشروعات لتحقيق أقصى استفادة من مياه النهر الخالد كان من أهمها خزان أسوان، ثم كان السد العالى، الذى مضى على اكتمال تشييده قرابة خمسين عاماً، أضخم تلك المشروعات وأعظمها تأثيراً. وبالرغم من الاستمرار فى إقامة المشروعات لتعظيم الاستفادة من مياه النهر، ومنها الإقدام على تغطية عدد من الترع والفروع الصغيرة التى تخترق الكتل السكنية، فقد استمر المصريون فى الوادى والدلتا يستخدمون نظام الرى بطريقة الغمر التى ورثوها عن أجدادهم الفراعنة، واقتصر التطور على استخدام معدات أكثر حداثة فى رى ملايين الأفدنة التى تتم زراعتها على مدار العام. وعلى النقيض، تستخدم نظم الرى الحديثة فى معظم الأراضى الجديدة خارج وادى النيل ودلتاه، حيث يكون من الضرورى الاقتصاد فى استخدام مصادر المياه الناضبة، حتى يمكن الاستفادة منها لأطول فترة ممكنة. ويتمثل الاقتراح الذى نقدمه فى اتخاذ قرار بالانتقال التدريجى عبر عدد من السنوات من نظم الرى التقليدية فى الوادى والدلتا إلى نظم الرى الحديثة، الأمر الذى من شأنه إتاحة الفرصة لمضاعفة المساحة القابلة للزراعة عدة مرات. وبالطبع، سوف يستغرق التنفيذ عدة سنوات، وأكاد أقطع بأن تنفيذ هذا المشروع، الذى يستحق بجدارة وصف المشروع القومى، سوف ينقل مصر نقلة كبرى فى مجالى الزراعة والصناعات الغذائية. ولا شك أن بمصر من الخبراء المتميزين فى مدرستى الزراعة والرى العريقتين ما يعزز الثقة فى تخطيط وتنفيذ هذا المقترح بأفضل طريقة ممكنة.