رئيس مجلس النواب: البرلمان اتظلم شعبياً.. ولمن يقول إن المجلس لم يحقق طموحات الشعب.. "الطموحات هي اللي عِليت بعد الثورتين"

رئيس مجلس النواب: البرلمان اتظلم شعبياً.. ولمن يقول إن المجلس لم يحقق طموحات الشعب.. "الطموحات هي اللي عِليت بعد الثورتين"
- مجلس النواب
- رئيس مجلس النواب
- على عبدالعال
- مخالفات البناء
- مجلس الشيوخ
- الرئيس السيسى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- مجلس النواب
- رئيس مجلس النواب
- على عبدالعال
- مخالفات البناء
- مجلس الشيوخ
- الرئيس السيسى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
أكد الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، فى حوار شامل مع «الوطن»، أن البرلمان ظُلم كثيراً شعبياً، خصوصاً أنه جاء بعد ثورتين، كانت طموحات الناس بعدهما كبيرة جداً، إلا أنه انشغل بحكم دوره فى تأسيس البنية التشريعية للدولة من جديد، بعد دستور 2014، بما يساعد فى بناء مصر الحديثة.
د. علي عبدالعال: الإصلاح الاقتصادي هو العبور الثاني لمصر بعد أكتوبر1973
وأشار إلى أن التحدى الأكبر الذى واجهه فى البداية كان مناقشة وإقرار 342 قراراً بقانون مكمّل للدستور فى مدة لا تتجاوز 15 يوماً، فى مجلس لا يعرف أعضاؤه بعضهم بعضاً وكل منهم أقرب إلى حزب قائم بنفسه، ثم جاء بعد ذلك تحدى الإصلاح الاقتصادى الذى كان بمثابة العبور الثانى لمصر بعد حرب 73، ولولاه لأوشكت مصر على الإفلاس، بعد فترة الإخوان، الذين دفعهم القدر إلى الظهور والحكم، ما كشف حقيقتهم أمام الشعب وأسقطهم من حسابات المصريين والعالم فى الخارج.
وحول الملفات الجماهيرية والشعبية، يرى رئيس «النواب» أن البناء على الأراضى الزراعية هو أخطر أنواع التعديات التى لا يجوز التصالح فيها، وأن تطبيق القانون فيها سيتم على جميع المواطنين «كالمسطرة»، وقبلهم النواب، لافتاً إلى أنه تمنى أن يقر المجلس الحالى قانون الإدارة المحلية، لأنه كان سيُسهم كثيراً فى حل أزمة مخالفات البناء وخلق جسر للحوار بين الحكومة والمواطن، إلا أن أولوية عودة مجلس الشيوخ، فضلاً عن فترة أزمة «كورونا»، وراء تأخره.
الكثير من الملفات والكواليس والمواقف الخاصة عن علاقاته بالشباب والغضب والصبر تحت القبة، والتغريبة من الصعيد للتعلم، يكشف عنها الدكتور على عبدالعال فى السطور التالية.. وإلى نص الحوار:
بداية يعتبر ملف مخالفات البناء على الأراضى الزراعية هو القضية الأساسية التى تشغل الرأى العام حالياً.. إلى أى مدى يستطيع القانون الحالى التصدى لهذه الإشكالية والتعامل مع مخالفاتها البشعة؟
- يجب أن نُفرق بين المخالفات، فهى نوعان، مخالفات بناء، ومخالفات البناء على الأراضى الزراعية، والأخيرة هى الأخطر، فكان لا بد من اتخاذ موقف حاسم لمواجهة البناء على الأراضى الزراعية، وباعتبارى من سكان القرى فقد رأيت مدى التعدى على تلك الأراضى، وأنا فى المدرسة الابتدائية التى كانت تبعد كيلومتراً عن بيتنا، كنت أسير وسط أرض زراعية، حالياً هذا الكيلومتر، لا يوجد فيه سنتيمتر واحد مزروع، فلك أن تتخيل مدى الضرر الذى وقع على الأراضى الزراعية والجور الذى أثر تأثيراً كبيراً جداً على مساحتها، وعندما دخلت الجامعة سنة 68، رأيت الزراعات تمتد من المؤسسة الاجتماعية، فى شبرا الخيمة حتى قليوب، وكان لنا زملاء نذهب إليهم «خميس وجمعة» من كل أسبوع فى شبين القناطر، منذ أن نركب القطار من محطة منشية الصدر إلى شبين القناطر لم نكن نرى إلا الأراضى الزراعية، نحن أول شعب يبنى على الأراضى الزراعية ويستصلح فى الأراضى الصحراوية، فهذه التعديات أراها مخالفات بشعة، وهى أسوأ أنواع المخالفات.
مخالفات البناء تحتاج إلى حلول مرنة وتنفيذيين سياسيين يتواصلون مع الناس
ولكن هل ترى أن القانون كفيل بوقفها والتعامل مع الوضع الحالى أم أن هناك آليات أخرى مطلوبة؟
- القانون كفيل بها، ولكننا بحاجة إلى مرونة فى التنفيذ، وبالطبع عدم وجود المجالس المحلية، له أثره فى الأمر، فتلك المجالس كانت الجسر الذى يتم من خلاله التواصل بين الحكومة والتنفيذيين والمواطنين، وهى التى تقوم بدور المفاوض، وتبحث عن الحلول المرنة، بحيث تتم الإزالة للتعديات على الأراضى الزراعية، لكن بنفس راضية مَرضية، مع توفير سكن، فالرئيس أكد أن الدولة لن تترك أحداً بدون سكن، لأن مشكلة المسكن تسبب نوعاً من القلق، وطالما تم توفيرها فلا أزمة، ولدينا الآن 14 تجمعاً سكنياً، وهى تختلف عن مجرد إنشاء المساكن أو أماكن الإعاشة، ولا توجد محافظة إلا وفيها تجمعات سكنية، هناك سوهاج الجديدة، وأسيوط الجديد، ودمياط الجديدة، وغيرها، وبالتالى لا حاجة للبناء على الأراضى الزراعية، والقانون كفيل بالتعامل مع الأمر، لكننا بحاجة إلى تنفيذيين على قدر من التواصل مع المواطنين، وهو ما يطرح مسألة المنفّذ السياسى، سواء أكان المحافظين أو مجالس المدن أو الوزراء القادرين على التواصل مع الجماهير، الأمر ليس مجرد إزالة المخالفة، وإنما أن يتفهم صاحبها الأزمة، فيساعدك على إزالة التعدى، لذلك لا بد من التواصل معه وطمأنته بأننا لن نتركه.
نحن أول شعب يبني على الأراضي الزراعية ويستصلح في الصحراء.. والمخالفات كرة ثلج تكونت على مدار 40 سنة ولا بد من إزالتها
بصراحة.. هناك فترة كان النواب هم من يمنعون ذلك مستغلين نفوذهم من أجل الشعبية؟
- سأحدثك بكل صراحة، المخالفات ليست وليدة اللحظة، ولا السنة، أو السابقة عليها، وإنما تكونت ككرة الثلج على مدار 40 سنة، حين بدأ عدد السكان يزداد، فبدأت المخالفات على الأراضى الزراعية، وفى عهود سابقة ومع كل انتخابات للمجالس المحلية أو لمجلسى الشعب أو الشورى، كان المسئولون يبادرون إلى رفع المخالفات وتوصيل المرافق، حتى تبادر إلى ذهن المواطن أن هناك مواسم انتخابات تحدث فيها تلك التجاوزات، ومن هنا أصبحنا أمام كرة الثلج، لكن فى وقت تحاول فيه أن تبنى دولة بالمفهوم الحديث لا بد من إزالة تلك المخالفات، وبدأ الأمر بالمناطق العشوائية، مقابل توفير سكن بديل لأصحابها مؤثث وفيه كل سبل الإعاشة، والطبيعى هنا أن تمنع وجود المخالفة من جديد، لأنه إذا لم يحدث هذا فستكون كالذى يدور حول نفسه، يزيل العشوائيات القديمة، ويترك مجالاً لظهور أخرى جديدة.
معندناش عطايا ولا هدايا نقدمهاوالنائب اللي جاي عليه أن يعرف أن الخدمة التي يؤديها هي لله والوطن
هل تتحدث مع النواب فى هذا الأمر أم أن بعضهم ما زال معتقداً أن الأمر قد يكون فيه استثناء؟
- الآن الكل فى المجلس النيابى بدأ يدرك الأمر، وأنت عايشت معنا التجربة، فى المجلس الحالى، فليست لدينا عطايا نقدمها للناس، «لا عندنا ناس نوظفهم ولا أراضى نوزعها ولا أى حاجة، والنائب اللى جاى يعلم جيداً أن الخدمة التى يؤديها هى لله والوطن»، فلم يعد له دور فى المخالفات، وما تتحدث عنه كان من سنوات سابقة، ولم يعد هناك استثناء فى مواسم الانتخابات، والرئيس حسمها فى المؤتمر الأخير.
المخالفات خط أحمر والإزالات تُنفذ على النواب قبل غيرهم لأن "المسطرة واحدة" ومواقع التواصل الاجتماعى النهارده "مش بتسكت"
ألم يأتِ لك نائب يشكو لك هذا «أبويا وأخويا»؟
- هذه هى الخطوط الحمراء، فالقانون لازم يتنفذ ونُفذ على النواب، وأزيل لأسرهم مخالفات، لأن «المسطرة واحدة»، بل إن النائب فى موقف أكثر حساسية من الشخص العادى، ولو تركت بيتاً لنائب فيه مخالفة، وأزلت مخالفة لغيره، فمواقع التواصل الاجتماعى «النهارده مش بتسكت»، حدِّث ولا حرج، والقانون نصوصه منضبطة، ومخالفته خط أحمر والحدود واضحة، ووضعنا حداً أدنى للتصالح فى القرى 50 جنيهاً للمتر على خلاف المدن، كما تركنا للسلطة التنفيذية التحرك فى التقدير بحسب الحالات، ويفترض على المسئولين عن الإزالة اتباع أسلوب مرن فى التفاوض مع الناس، فالدولة لن تترك مواطناً دون مأوى، بدليل ما حدث فى عمارة الزمالك عندما تضررت بسبب المترو، وهذا منهج يجرى اتباعه أيضاً فى إزالة المخالفات، كل الإزالات التى تمت لإنشاء المشروعات القومية، تم تدبير سكن لكل عمارة أو توفير تعويض عادل، وهناك عمارات أزيلت فى الطرق كانت مخالفة، ورغم أن المخالف لا يستحق تعويضاً لأن الأرض ليست مملوكة له، فإن الدولة لن تتركه فى العراء، وهناك نوعان من المخالفات لا بد من إزالتهما، الأولى إذا كان هناك جور على خط التنظيم، أو كان البناء متجاوزاً للحدود الآمنة، وقيود الارتفاع الخاصة بأمن الطيران، والثانية الأرض الزراعية، أما ما دون ذلك من مخالفات فيجوز التصالح فيها، المشكلات التى وقعت كلها تتعلق بالجور على خط التنظيم، لأنه لن يتم تعويضه، وستجرى مساءلة مالك المبنى الأصلى، وبعض منهم دفعوا من 60 مليوناً إلى 100 مليون وأكثر فى الإسكندرية، وتلك الحصيلة ستذهب لمن ثبت أنهم اشتروا من المالك، وثبت أن المالك هو البانى على أراضٍ بالمخالفة.
مشروع قانون الإيجار القديم فيه شبهة عدم دستورية لإخلاله بالمساواة.. وهناك أصحاب أملاك أغنياء على الورق وفي الواقع أوضاعهم صعبة
منذ فترة دار الحديث عن قانون الإيجارات القديم والشقق السكنية، والبرلمان ناقش جزءاً منه فى دور الانعقاد الماضى.. هل هناك إرادة لإنهاء هذا القانون سواء فى الشقق السكنية أو غير السكنية؟
- نحن ناقشنا الجزء الخاص بالمحلات غير السكنية، وكان هناك حكم صادر من المحكمة الدستورية بتحرير عقود الإيجار بالنسبة للمحلات المؤجرة لأشخاص اعتبارية، أى الشركات والمؤسسات، أما المؤجرة لأفراد فيظل يحكمها قانون الإيجار القديم، وكان هذا تقرير المحكمة الدستورية، لاختلاف المواد المقررة لكل منها، ومن هنا وجدنا أن فى المشروع بقانون، شبهة عدم دستورية، لأن المالك فى الحالتين قد يكون نفس الشخص، مثلاً لو أن لدىَّ عقاراً وهناك شركات مستأجرة لشقة به، فسينطبق عليها قانون الإيجار الحر، بينما أى شقة أخرى بنفس العقار مُستأجرة من شخص، سيطبق عليها قانون الإيجار القديم، وهو ما يمثل إخلالاً بمبدأ المساواة، والمحكمة الدستورية فى قرارها السابق تصدت للأمر فى حدود النزاع المطروح عليها، وليس بشكله العام والشامل، وأنا كمشرع من المفروض أن أتصدى للمسألة، وعندما أثير هذا النقاش، رأى البعض إعادة مشروع القانون إلى اللجنة البرلمانية المختصة لمزيد من الدراسة، كما أن هناك مشروع قانون آخر مقدماً من النواب لإيجار الشقق، ما زال يُناقش فى اللجنة، وأهم ما فى التشريع أن يلائم الواقع كى يتم تنفيذه، وهذا المشروع تمت مناقشته ووجدنا أن إيجار الأماكن القديمة سيكون أنسب لمرحلة قادمة، تكون الأجواء أكثر ملاءمة له.
المحكمة الدستورية «صفَّت» قانون إيجار المبانى القديمة إلى حده الأدنى، وقضت بعدم دستورية عدد كبير من مواده، وعقد الإيجار بالنسبة للمساكن القديمة التى ينطبق عليها القانون القديم مؤلم جداً للمُلاك، وهناك مجموعة منهم اشتكوا لى مرّ الشكوى، فقد يمتلك أحدهم عمارة يزيد ثمنها على 100 مليون جنيه، ولا يتحصل من إيجارها إلا على جنيهات، وهو موظف ولا دخل آخر له، ومن غير المعقول أن يكون هناك محل فى قصر النيل أو سليمان باشا مثلاً يربح آلاف الجنيهات، بينما إيجاره جنيهات، نحن الآن فى مرحلة رفع الظلم عن الجميع بمن فيهم الملاك، فهم على الأوراق أغنياء لكن فى الواقع أوضاعهم صعبة.
هل هناك قانون ما كان يجب إقراره قبل انتهاء الفصل التشريعى ولم يحدث؟
- فى الحقيقة هناك «الإدارة المحلية»، فهو من القوانين التى استعانت فيه لجنة الإدارة المحلية بكثير من القوانين المقارنة، واجتهدت وصاغت هذا المشروع بشكل جيد جداً طبقاً لأحدث المعايير العالمية فى الإدارة المحلية، وكنت أتمنى أن ننتهى منه ونصدره، فلو أن هذا القانون صدر لكانت عملية إزالة التعديات على الأراضى التى نتحدث عنها سهلة جداً بالنسبة للسلطة التنفيذية، ولمرّ الأمر بدون أى مشكلات بين المخالفين والمسئولين، لأن الآليات والمجالس التى كانت ستنشأ عن القانون بمثابة جسر للتفاوض بين المواطن والحكومة.
وما سبب عدم إقراره؟
- كانت هناك مناقشات حول: هل ننتهى من مجلس الشيوخ أولاً ثم الإدارة المحلية، أم العكس، ولأن أعداد المرشحين فى المجالس المحلية بالطبع سيكون كبيراً جداً، فكان من الأفضل أن ننتهى من النواب والشيوخ، ثم يساعد بعدها أعضاء المجلسين فى انتخابات المجالس المحلية، وجمعنا الآراء كلها فى اللجنة، وهو ما أثَّر على قرارها وأخَّر إصدار القانون، فضلاً عن أزمة فيروس كورونا.
ما التحديات التى واجهتك فى 5 سنوات رئيساً للنواب فى مجلس لا توجد به كتلة أغلبية وكيف اجتزتها؟
- التحديات التى واجهتنا كانت مناقشة وإقرار 342 قراراً بقانون، وكان أساس هذا التحدى هو قصر المدة المتاحة للمجلس للعرض والمناقشة وإقرار تلك القرارات والمحددة بـ15 يوماً فقط، وكانت تمس كل روافد الحياة السياسية، من انتخاب رئيس الجمهورية، وأخرى مرتبطة بكل مفاصل الدولة، إلى قوانين ذات طابع اقتصادى واجتماعى، ووفقاً لنص الدستور كان لا بد من مناقشتها خلال 15 يوماً، فيما كان المجلس متنوعاً، يضم 569 نائباً، كل واحد فيهم بمثابة حزب، وكان أغلب النواب لا يعرفون بعضهم البعض، ولكن مع المخلصين من النواب، وهم كُثر داخل القاعة، استطعنا بصبر وحكمة أن ننتهى منها خلال المدة المحددة، و«يوم ما خلصنا ما كنتش مصدق نفسى».
هل من تحديات أخرى؟
- التحدى الثانى الذى واجه المجلس هو أنه كأى برلمان فى دولة بعد ثورة، مُطالب بعمل بنية تشريعية، ولأننا نملك دستوراً جديداً، فعلينا كمجلس نيابى عمل تشريعات لكل هذه المواد، بما يخدم تلك الدولة التى تُبنى من جديد، ولم يكن أمامنا إلا أن نعمل بكل طاقة لإخراج هذه التشريعات ذات الطابع السياسى والاقتصادى والاجتماعى للنور، وكان العمود الفقرى للدولة الجديدة هو الاقتصاد، والتشريعات الجديدة أسست لعملية الإصلاح الاقتصادى، الذى أعتبره العبور الثانى لمصر بعد عبور الجيش فى أكتوبر 1973، ولولا هذا الإصلاح الاقتصادى، «لراحت مصر فى حتة تانية خالص»، فقد كنا على وشك الإفلاس، وما حدث يدل على شجاعة وحكمة القيادة السياسية، لأننا منذ 1977 لدينا حالة رعب أو خوف من أى إصلاح سياسى أو اقتصادى، ولم يذهب أحد إلى ناحية التحرر الاقتصادى فى مجال العُملة أو غيرها، وكان دورنا كمجلس نيابى هو إقرار كل القوانين التى جعلت الإصلاح يمر بسهولة.
ألا ترى أن كثرة التشريعات أتت على حساب الدور الرقابى للمجلس؟
- كثرة التشريعات كانت ضرورية، فلا يمكن بعد ثورة ودستور جديد ألا تصدر تلك القوانين، لكن هذا لا يعنى أننا تخلينا عن الرقابة، والبعض يختزلها فى الاستجواب وسحب الثقة، بينما فى دولة مثل فرنسا لا يوجد استجواب، هناك سحب للثقة بأدوات أخرى، هل هذا معناه أن البرلمان الفرنسى لا يمارس الرقابة؟! بالطبع يمارسها، ولدينا فى مجلس النواب، كانت تنعقد اللجان والجلسات أسبوعياً لمناقشة طلبات الإحاطة والأسئلة، وهو ما استمر حتى آخر جلسة، وحضر تلك المناقشات كل الوزراء، من الزراعة إلى الصناعة والبيئة والإسكان والإدارة المحلية وغيرها، للرد على طلبات الإحاطة والاستجواب والأسئلة.
المراحل الانتقالية تتطلب ترشيد أدوات الرقابة.. وليست لدينا رفاهية "شيل حكومة وتشكيل غيرها"
لكن يظل الاستجواب أهم أنواع الرقابة وأنت عملت فى الكويت وشاهد على تجربتها النيابية؟
- نعم لأننى كنت فى الكويت، أقول لك إنه فى المراحل الانتقالية، وبعد كل الثورات، على المجالس النيابية أن ترشِّد من أدوات الرقابة، لأنه عندما يوجه الاستجواب لوزير يرتبك دولاب العمل، فلا تعرف ما الذى قد يحدث إذا عطلت دولاب العمل فى المرحلة الانتقالية التى هى فى الأساس مرحلة بناء هدفها المصلحة العامة، المراحل الانتقالية تتطلب ترشيد أدوات الرقابة، وبالأخص فيما يتعلق بالاستجواب وسحب الثقة، لأنه ليست لدينا الآن رفاهية «شيل حكومة وتشكيل حكومة غيرها».
كانت هناك وقائع بذلتم فيها مجهوداً كبيراً وسبق أن شكلتم لجنة تقصى حقائق فى موضوع القمح ووزارة التموين؟
- حقيقة كان لدينا فى البرلمان استجوابان، والنتائج المترتبة عليهما لم تحدث فى تاريخ الحياة النيابية المصرية من بعد الثورة، الأول أدى إلى استقالة وزير التموين وقتها، والثانى كان استجواب وزيرة الصحة التى استمرت 7 ساعات على المنصة، ولأول مرة ينتهى الاستجواب بتقديم طلب لسحب الثقة.
ألم يكن من الأنسب فى واقعة وزير التموين أن يسحب المجلس الثقة منه بدلاً من أن يقدم استقالته؟
- نحن نطبق قواعد دستورية، وإذا استقال الوزير سقط الاستجواب، فأنت إما أن تقدم استجواباً للحكومة مباشرة، أو تستجوب أحد الوزراء، وفى حال تضامن الحكومة معه يصبح كأنه استجواب ضد الحكومة كلها، وفى واقعة وزير التموين استقال الوزير، وبالتالى لم يعد هناك مجال للاستمرار فى الإجراء.
هل سنشهد فى المجلس الجديد مجالاً أكبر للدور الرقابى؟
- والله، هذا سؤال يوجه إلى المجلس المقبل، إن شاء الله.
"إسماعيل ومدبولى" مهندسان ومنهجهما عملي براجماتي "مش بتوع بروباجندا".. وأداؤهما مشرف في وقت صعب
تعاملت مع المهندس شريف إسماعيل ثم الدكتور مصطفى مدبولى.. ما سمات كل منهما وإلى أى مدى تعاونا مع المجلس؟
- المهندس شريف إسماعيل جاء فى ظرف مماثل لوضعى أنا، ظرف صعب جداً، فنحن تحملنا مع بعض الصدمات الأولى، وهو رجل دمث الخلق ودؤوب وأدى أداءً جيداً، وكانت تربطه بجميع أعضاء المجلس علاقة جيدة، وقد جاء خلال فترة فيها سيولة من الناحية السياسية، وأكمل الرحلة معنا الدكتور مصطفى مدبولى، ويجمع الاثنين رابط واحد، وهو المنهج العملى البراجماتى فى العمل باعتبارهما مهندسين، «هما مش بتوع بروباجندا»، فقط عمل، وهكذا المهندس «واحد وواحد يساوى اتنين»، وأعتقد أن أداءهما مشرِّف وجاء فى وقت صعب.
دور الانعقاد السادس متوافق مع اللائحة.. وأرى أن المجلس يمكن حله أو دعوته للانعقاد في أي وقت
من السوابق البرلمانية التى أرساها مجلس النواب الحالى دور الانعقاد السادس.. لماذا؟
- دور الانعقاد السادس مرتبط باستيفاء مدة الفصل التشريعى، المحدّدة بـ5 سنوات فى الدستور، حيث تجرى وفقاً للائحة دعوة مجلس النواب للانعقاد، قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر كل عام، ولأن دور الانعقاد الأول كان منقوصاً وأقل من 9 أشهر، فكان لا بد من دعوة المجلس قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر المقبل، للانعقاد كدور انعقاد سادس، على أن ينتهى الساعة 12 يوم 9 يناير 2021.
لكنَّ هناك تخوفاً من بعض المتطلعين الجدد لعضوية المجلس من أن استمرار الانعقاد حتى يناير يمنح النواب الحاليين ميزة تنافسية عنهم، خصوصاً إذا أُجريت الانتخابات وهم ما زالوا يتمتّعون بالحصانة.
- هذه ليست المرة الأولى التى تحدث فى المجلس بمصر، والعُرف أن الانتخابات تُجرى قبل 60 يوماً من انتهاء دور المجلس القائم، والمجالس قبل ذلك كانت تُحل فى كثير من الحالات قبل انتهائها، وهذا المجلس هو الثالث فى تاريخ الحياة النيابية الذى يُكمل مدته، بعد الدكتور صوفى أبوطالب، والدكتور فتحى سرور، ثم أنا، رغم أن المراهنات عليه كانت أنه لن يستمر 6 أشهر، وبالنسبة لمسألة أدوار الانعقاد، فإذا بدأ المجلس متأخراً عن دور الانعقاد العادى، يتم إنقاص دور الانعقاد بقدر المدة التى تأخرها فى البداية، إذا بدأ متأخراً 3 أشهر، فإنه ينعقد 6 أشهر، وليس 9، وهذا المنصوص عليه فى اللائحة، فالناس تعتقد أن 5 سنين تعنى 5 أدوار انعقاد، رغم أن بعضهم خريجو حقوق، ومنهم من يخلط بين الفصل التشريعى ومدة الـ5 سنوات، وبين دور الانعقاد وهو سنة واحدة، وهناك دول تعقد دوراً واحداً فى العام، وأخرى تأخذ بنظام دورى الانعقاد فى السنة، ومنها أوروبا كلها، لديها دوران للانعقاد «شتوى وصيفى»، ودون ربط بين عدد السنوات وأدوار الانعقاد، فلا نقول مثلاً إن الفصل التشريعى 5 سنوات يجب أن يضم 10 أدوار انعقاد، وأرى أن المجلس يمكن أن يتم حله فى أى وقت، كما تتم دعوته للانعقاد فى أى وقت.
سحب الثقة من الحكومة بمثابة إعدام سياسي.. وكان عليّ التأكد من وجود النواب مقدمي الطلب في واقعة استجواب وزيرة الصحة
كثيرة تلك السوابق التى شهدها دور الانعقاد الحالى؟
- بالفعل كل فصول اللائحة طبّقناها، ومن السوابق التى لم ينتبه إليها البعض، طلب سحب الثقة الذى تم تقديمه إلى وزيرة الصحة ووقع عليه الأعضاء، هل يطرح الطلب سحب الثقة مباشرة فى الجلسة دون التأكد من وجود الأعضاء الموقّعين عليه فى القاعة!، أعتقد أن هذا أمر ليس فيه نص، وأول مرة يُقدّم فى 150 سنة برلمان طلب سحب ثقة، فهل يطرحه رئيس المجلس للتصويت؟، هناك رأى يقول بطرحه، لكن الوضع الطبيعى، أن يتم التأكد من أن الموقعين على الطلب موجودون وموافقون، فسحب الثقة والفصل من الوظيفة بمثابة إعدام سياسى، وكان لا بد لرئيس المجلس أن يتأكد من وجود من قدّموا طلب سحب الثقة ووقعوا عليه، وعندما نادينا على الأعضاء، اختل النصاب الموجود ولم يتحقّق، وبالتالى تم صرف النظر عنه، لكن تظل هذه أول مرة يُقدّم فيها طلب لسحب الثقة.
على غير عادتك، شاهدناك مرة تنفعل وتطرد نائباً، وترسل آخر إلى لجنة القيم.. لماذا؟
- فى إحدى السوابق بمجلس النواب، شخص تطاول على رئيس المجلس، فأحيل إلى التحقيق، ثم إلى لجنة القيم، وتم فصله من المجلس فى الوقت ذاته، وأيام السادات حدث هذا مع 7 نواب فى يوم واحد، وفى سابقة أخرى طُلب من أحد الأعضاء الخروج من القاعة، فرفض، فاستعانوا بحرس المجلس لإخراجه، أنا لم أستخدم كل هذه الأساليب، بالعكس كنت ألجأ إلى التصويت، ومرة واحدة، وأنا رئيس المجلس الوحيد الذى فرط فى حقوقه الشخصية تفريطاً كبيراً، وكان هذا هو الحل الوحيد للسيطرة على القاعة، والحفاظ عليها، حتى لا تتمزّق فى ضوء الاختلاف الكبير، وتجاوزت عن كل الأخطاء التى ارتُكبت فى حقى، لأننى لو أردت تطبيق اللائحة لم يكن المجلس ليستمر.
فرّطت فى حقوقى الشخصية وحاولت استيعاب النواب إنسانياً لإطفاء الحرائق
ولكن استيعابك لهم كان بدافع إنسانى؟
- هذا هو الحل الوحيد، أنا عندى إيه؟، لا عطايا ولا هدايا ولا وظائف، ولم يكن أمامى إلا العلاقة الشخصية والإنسانية التى يمكن من خلالها أن تُطفئ الحرائق داخل القاعة، وهو أمر يحتاج إلى صبر ونَفَس، فهذا ليس مجلس وزراء ولا مجلس كلية، أنت تأخذ القرار، يتنفّذ، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً إلا بعد التصويت عليه، «تطلّع واحد بره القاعة، لازم تصوت، وتحيل للقيم بالتصويت»، رئيس مجلس النواب عبارة عن كبير العائلة الذى يتحمّل، وعليه أن يأخذ بيد الصغير ويطبطب عليه.
هل كان هناك نائب مشاغب؟
- لا يعتبر نائباً مشاغباً، فلا تنسَ أن هذا المجلس فيه عدد كبير من الشباب، والشباب بحكم تكوينه مندفع، وبالتالى التعامل معه يحتاج إلى طريقة خاصة، وباعتبارى أكاديمياً طوال عمرى فإننى أتعامل معهم، وهو ما ساعدنى كثيراً فى احتوائهم، هو «مش مشاغب» قدر ما يرغب فى تحقيق طموحاته، هو شاب فى برلمان وجاى بعد ثورة، فيقول لنفسه لا بد صوتى يبقى مسموع داخل المجلس، وبعد فترة لاحظت أنه بدأت العلاقات الإنسانية بينى وبينهم تمتد، ووصلت لأن أناديهم بأسمائهم، وأحفظ أين يجلسون فى الجلسة، وعندما أقول لأحدهم يا سيادة النائب يزعل، ويسألنى «أنت زعلان منى ليه؟»، مع أنه فى المجالس السابقة لما رئيس المجلس يحب يضايق عضو يناديه باسمه مجرداً.
هل ترى أن المجلس وحجم أعماله التى لا يدركها إلا المتخصصون والمتعاملون معه محل تقدير من الناس، أم أن البرلمان ظُلم شعبياً؟
- بالفعل اتظلم شعبياً، وأنا لا أستطيع أن أنتقد الناس على انتقادهم المجلس بأنه لم يحقق طموحاتهم، ولكن أقول لهم إن مجلس النواب جاء بعد ثورتين، و«طموحات الناس هى اللى عليت وكانت كبيرة جداً، والإمكانيات ضئيلة، وزى ما قلت، النواب كانوا شباب وعايزين يشعروا بدورهم، ويقدموا الكثير لدوائرهم»، والناس دائماً وأبداً فى حاجة إلى الكسب السريع، لو قلت لأى شخص تعالى اجتهد معى واشتغل فى مشروع وسأعطيك ألف جنيه بعد شهرين، ممكن يرفض، فى حين يقبل بـ200 جنيه فى وقتها، لأنه يحتاج إلى الكسب السريع، هذا المجلس كان كل هدفه أن يُصدر تشريعات لبناء دولة، ولها مردود مُؤجل، أما ما يحقق مكاسب شعبية، فهو أن ترفع المرتب أو تخفض الأسعار، أو تقدم منحة.
ونحن اتبعنا المنهج الصعب، أو أجرينا عملية جراحية، ولا بد من تحمل نتائجها، وبعد مرورها ستشعر بمكاسبها، وتلك المرحلة كانت واجبة، مقابل أن تعيش حياة مريحة، فطريق البناء دائماً صعب وطويل، لكن نتائجه أفضل للدولة.
أوروبا نفسها عاشت مجاعات لا تتخيلها، وحروباً أهلية سقط فيها قتلى، ولم تكن لتصل إلى ما هى فيه إلا بالبناء، كما أن أغلب دولها عانت كثيراً مع الاستعمار، وهناك تجارب أخرى لليابان وكوريا وأمريكا وغيرها، الشعوب لا بد أن تتحمّل، لازم جيل يتحمّل، «مش إحنا الجيل اللى جه من الصعيد وبدأنا رحلة التغريب، ورحلة التعليم كى تستفيد الأجيال من بعدنا»، حياة الدول هى نفس حياة الأفراد، وعلى المواطنين أن يتحمّلوا.
لا أحد في العالم يتحدث معي عن الإخوان
هل ترى أن الإخوان انتهوا فى الشارع المصرى؟
- كلمة انتهوا أعتقد أنها سؤال صعب، التنظيمات العقائدية انتهاؤها ليس بالأمر الصحيح، لأن التنظيم العقائدى مرتبط بفكرة الدين، والفهم الخاطئ لبعض مبادئه، وأن تقضى عليه قضاءً نهائياً هو أمر فى غاية الصعوبة، أما تحجيم دورهم إلى الحد الأدنى، فلا يختلف عليه اثنان، والشعب أصبح أكثر وعياً، وأن تقضى عليهم ويظل واحداً، مع وعى الشعب المنتقص، سيؤدى إلى تفريخ جيل جديد، وأرى أن وعى الشعب بعد 30 يونيو، أفاد الدولة كثيراً فى تحجيم الإخوان إلى الحد الأدنى، والقدر هو ما جعل هؤلاء الناس يستعجلون الظهور، استعجلوا رئاسة الجمهورية ومجلسى الشعب والشورى فظهروا، وانكشفت أيديولوجيتهم بصورة واضحة، وأنهم لن يقبلوا مشاركة أحد.
فى المحافل الدولية ولقاءاتك البرلمانية الخارجية، هل ما زال هناك ذكر لهم أو سؤال عنهم؟
- لا عمرى، حتى عندما ذهبت إلى أمريكا، فى الكونجرس وقتها كانوا بيتكلموا فى أمور أخرى تماماً، زى حقوق المثلية، وتحدثوا أيضاً فى الحريات الدينية، لكن عندهم أريحية من حيث الحريات الدينية، وكنا انتهينا من قانون بناء الكنائس وكان معنا اثنان من الأقباط، الوضع اختلف جداً، والصورة تبدّلت، عمرى ما سألنى أى نائب، وأنا فى اللجنة التنفيذية للبرلمان الدولى، وفيها الكندى والبريطانى والأوروبى والفرنسى والصينى، «محدش بيجيب سيرة الإخوان».
بعض الدول تتمنى رئيساً زي "السيسى" وبفضله أصبحت مصر رقماً صعباً في السياسة الدولية وصوتها مسموع
لما بتقابل برلمانيين عرب أو من الخارج ما انطباعهم عن الرئيس السيسى؟
- بعض الدول بتنادى صراحة، وتقول يا ريت عندنا رئيس زى الرئيس عبدالفتاح السيسى، كل الدول اللى فيها مشكلات من عالمنا العربى بيقولوا عايزين «واحد زى الرئيس السيسى»، فأن تصبح رقماً صعباً فى السياسة الدولية، ولك صوت مسموع، أعتقد أن كل هذا بفضل الرئيس، والرحلات التى قام بها، والنموذج الذى قدّمه فى بناء الدولة من الناحية الاقتصادية على وجه التحديد، والبنية الأساسية التى تجرى على الأرض، فالخارج ينظر إلينا من خلال المؤسسات المالية التى تتعامل معنا كصندوق النقد، أو البنك الدولى، هناك دول ما زالت تطلب منهم خمسين مليوناً، ولم تحصل على شىء، والقرض الأخير الذى حصلنا عليه كان فى فترة كورونا، لأن هناك مساحة ثقة، هو لا يُقرضك للأكل والشرب، ولكن من يرى البنية الأساسية الحالية لدولة كانت تعانى من قطع كهرباء كل ساعة، وتوجد تحذيرات من السفر إليها، لا بد أن يغير نظرته، خصوصاً أن المشروعات القومية شجّعت المؤسسات الدولية، وأصبحت هناك أريحية فى التعامل معنا، مع استعادة مصر لمكانتها الدولية.
هل تدخل المجلس فى مشكلة السد الإثيوبى؟
- ناقشنا الأمر طبعاً.
مشكلة أديس أبابا في الإعلام وبعض السياسيين الذي يسوّقون أن مصر ضد تنمية بلدهم عكس الواقع
وهل حاولتم التواصل مع البرلمان الإثيوبى؟
- لا والله، ولكن فى إحدى السفريات إلى أفريقيا مررت بإثيوبيا، وقال لى السفير إن رئيسة البرلمان الإثيوبى، ترغب بلقائى فى المطار، وأعتقد أن مشكلتهم فى الإعلام، وبعض السياسيين الذين يسوقون أن مصر ضد تنمية بلادهم، على عكس الواقع تماماً، وأعلنا أكثر من مرة أننا معهم فى التنمية، ومستعدون لمساعدتهم فى الاقتصاد ومشروعات التنمية، مقابل الاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى المياه، لكن منهج إثيوبيا كان فيه نوع من المراوغة فى المرحلة الأخيرة، وفى تواصلنا مع إثيوبيا نحن مع التنمية، وهم لديهم اعتقاد من الإعلام وبعض السياسيين أن مصر ضدهم، وهو عكس الواقع، فقد عرضنا عليهم خبراءً لمساعدتهم فى ملف الكهرباء وغيره، بخلاف مساعدتهم فى مشروعات التنمية الأخرى، واعترافهم بحق مصر التاريخى فى المياه، لأنه مرتبط بحقنا فى الحياة، وهو أحد الحقوق الأساسية التى ينص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
هناك أمر آخر، هو أننا فى التفاوض كنا نستند إلى القانون الدولى فى ما يتعلق بالأنهار الدولية وتوزيع المياه من هذه الأنهار فى كل دولة، ولم نطلب أكثر من ذلك، ولا بد أن ترعى إثيوبيا حقنا فى الحياة، كما نراعى حقها فى التنمية.
انحزنا للفقراء برفع الحد الأدنى للأجور وإعفاءات الضرائب وحل أزمة العلاوات وإصدار قوانين التأمين الصحي الشامل والمعاشات
نعود مرة أخرى إلى مصر، هل انحاز المجلس إلى الفقراء خلال الـ5 سنوات الماضية؟
- أعتقد أن من ضمن انحيازنا للفقراء أننا رفعنا الحد الأدنى للأجور وأعفينا هذا الحد من الضرائب، ولنا دور فى العلاوات الخمس التى شهد تنفيذها أزمة وصراعاً، واستطاع المجلس أيضاً أن يوفّق فى هذه العلاوات، ورفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل، وهناك قانون التأمين الصحى الشامل والتأمينات الاجتماعية، كما أننا انحزنا إلى الفقراء فى قانون التعليم وإنشاء الجامعات، وفى جائحة كورونا.
عندي 6 أخوات بنات ومشكلة الأحوال الشخصية مش في القانون وتحتاج إلى توعية
فى ظل اهتمام القيادة السياسية بالمرأة، ألا ترى أنه كان يجب تعديل قانون الأحوال الشخصية لإنصافها؟
- أنا عندى 6 أخوات بنات، ولازم أهتم بالمرأة، وأعتقد أن هذه التعديلات مطروحة، لأن المشكلة فى تعاملنا مع الأحوال الشخصية، وليست مشكلة قوانين، فرغم أننى صعيدى عايز أحيلكم للتشريعات الأوروبية فى مجال الأحوال الشخصية، إلا أنها لم تحل المشكلة، فهناك وجدوا أن مسائل الأحوال الشخصية بحاجة إلى توعية أكثر من حاجتها إلى قوانين، العلاقة الزوجية مهما وضعت لها من قوانين لن تستطيع تحقيق نتائج كافية لحل مشكلاتها، بالقدر نفسه الذى يمكن للتوعية أن تحققه، إعادة صياغة العقد الاجتماعى بين الرجل والمرأة، والقوانين لن تحل المشكلة، فأزمات مثل الرؤية والحضانة، منشأها الخلاف والعند بين الأزواج، وأوروبا لم تفلح إطلاقاً فى الوصول إلى معالجة، وتعانى نقصاً فى المواليد بسبب العزوف عن الزواج، مما دفعهم إلى ما يشبه المعايشة الحرة بحيث يتم الاعتراف بأى طفل ناتج عن العلاقة، ومع ذلك لم تُحل المشكلة، وأنا أقول ذلك لأؤكد أن المشكلة الكبرى فى أن الأحوال الشخصية علاقة إنسانية، القوانين لن تحلها، سيحلها الوعى والبناء السليم أو الحرص عليه، ومن هنا بدأوا فى الخارج ترسيخ مفهوم الأسرة، والتحفيز على الإنجاب والزواج، فمهما أصدرنا قوانين، المفروض نربى ونعلم أولادنا أن الزواج علاقة مقدسة، وأن تكون نشأتهم صحية وسط الأسرة، ومن يقول إن سبب المشكلات الأسرية ضيق ذات اليد، أقول لهم نحن نشأنا فى الصعيد، «حيلتنا إيه؟، لم نكن نسمع عن أب بيجوّز ولاده، وجيلى وزملائى كلهم كانوا بيدخلوا جمعيات، كل واحد ياخد 17.5 جنيه، يدخل جميعة من المرتب ويتجوزوا بيها».
نائب الخدمات ظاهرة لن تنتهي ما دام يأتي من حاضنة عائلية في الأقاليم ومرتبط بدائرته
هل بدأت ظاهرة نائب الخدمات تعود مجدداً؟
- نائب الخدمات ظاهرة لن تنتهى طالما هناك علاقات اجتماعية، وما دام النائب يأتى باستمرار من حاضنة عائلية فى الأقاليم ومرتبط بدائرته، وستظل هذه الخدمات عنصراً أساسياً فى النائب.
"الشيوخ" سيضيف الآن إلى الحياة النيابية وكنت أتمنى إقرار قانون الإدارة المحلية
إلى أى مدى يمثل مجلس الشيوخ إضافة للحياة السياسية؟
- أكيد هو إضافة، عندما تنظر لشروط المرشح فى مجلس الشيوخ، الأساس فيها أن يكون حاصلاً على مؤهل عال، والآن تجد فيه حملة الدكتوراه وأصحاب الخبرة، لأن السن 35 سنة، وعندما تستعرض الأسماء التى نجحت ستجد أن أغلبها لعناصر جيدة ومسلحة بنقطة العلم.
ولكن هل الحياة النيابية تحتاج مجلساً آخر؟
- الشيوخ طول عمره موجود فى الحياة المصرية النيابية، سواء قبل ثورة يوليو، أو فى 1980، طبعاً صدر دستور فى 2014، وباعتبارها مرحلة انتقالية، لم تكن فيها الغرفة الثانية، لأن وجود مجلسين وقتها كان سيعوق التشريعات، لكن بعد استقرار الأمور اعتقد أن هذا المجلس سيضيف إلى الحياة النيابية والتشريع، وحتى لو اختصاصاته استشارية سيضيف للتشريع.
مع اقتراب انتخابات مجلس النواب، هل تنتوى الترشح؟
- أنتمى إلى جيل نشأ على الوطنية، جيل مادة التربية الوطنية والتربية العسكرية وميثاق الشباب، والعمل الوطنى كان فى دمه، وفى أى وقت ينادى الوطن سألبِّى نداءه.