طريق الكباش.. إحياء الأقصر الفرعونية كيف سيفيد السياحة؟

كتب: محمد عبد اللطيف الصغير

طريق الكباش.. إحياء الأقصر الفرعونية كيف سيفيد السياحة؟

طريق الكباش.. إحياء الأقصر الفرعونية كيف سيفيد السياحة؟

استأنفت سلطات مجلس مدينة الأقصر، اعتباراً من اليوم، أعمال إزالة مبنى الكنيسة الإنجيلية الواقعة فوق حرم "طريق الكباش" الفرعوني، في إطار خطتها للحفاظ على المعالم والمقتنيات الأثرية للطريق، الذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك بطول 2700 متر، ويهدف مشروع كشف وإحياء معالمه إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح بالعالم.

"الوطن" ترصد في هذا التقرير أهم النقاط التي تدور حول طريق الكباش، وخطوات الدولة لإحيائه من جديد، كونه أهم طريق للاحتفالات تم تشييده في مصر:

1- يرجع تاريخ أعمال الحفر في طريق الكباش إلى عام 1949 حيث قام الدكتور زكريا غنيم بالكشف عن 8 تماثيل لأبي الهول، ثم قيام الدكتور محمد عبد القادر 1958 - 1960 بالكشف عن 14 تمثالاً لأبي الهول، أعقبه قيام الدكتور محمد عبدالرازق 1961 – 1964 بالكشف عن 64 تمثالاً أخرى لأبي الهول.

2- في منتصف السبعينيات حتى عام 2002 قام الدكتور محمد الصغير بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى "معبد موت"، والطريق المحاذي باتجاه النيل، وفي الفترة من 2005 حتى 2006 قام منصور بريك بإعادة أعمال الحفر، للكشف عن باقي الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن، بالإضافة إلى قيامه بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة ورفعها معمارياً وتسجيل طبقات التربة، لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور، وهو ما ألمح لفكرة إعادة إحياء الطريق.

3- تبنى الدكتور سمير فرج، محافظ الأقصر الأسبق، فكرة إحياء طريق الكباش وتحويل الأقصر إلى متحف مفتوح، وكان ذلك عاملاً في ظهور الطريق إلى النور، من خلال القرارات الجريئة التي قام بها بموافقة مجلس الوزراء، في نزع جميع الأراضي ووضعها تحت بند منفعة عامة، مما أسرع من عجلة العمل، وذلك بتسخير كل القوى لتسهيل عملية الحفر.

4- يسمى طريق الكباش في اللغة المصرية "وات نتر"، وتعني الطريق المقدس أو طريق الآلهة، ثم أطلق عليه "تا ميت رهنت"، وتعني طريق الكباش، وجاء منه اسم قرية "ميت رهينة" الحالية بمحافظة الجيزة.

5- يعتبر طريق الكباش الفرعوني هو أضخم مشروع عالمي يربط معبد الأقصر ومعابد الكرنك لمسافة 2700 متر، بطريق احتفالات ملوك الفراعنة منذ آلاف السنين، ولكن بحلول أحداث يناير توقف المشروع، وعادت وزارة الآثار، عقب ثورة 30 يونيو، وبالتحديد في عام 2017، لتبدأ من جديد في استكماله، تمهيداً لوضعه على الخريطة السياحية.

6- تمثال الكبش مثبت على قاعدة من الحجر، مكونة من 4 "مداميك" من الحجر الرملي، ويأخذ كل تمثال هيئة جسد أسد ورأس كبش، تمثل المعبود "آمون رع" الشهير، وهذه التماثيل تتخذ شكل الكبش في معبد الكرنك، بينما في معبد الأقصر تأخذ شكل جسد أسد ورأس إنسان، أو هيئة أبو الهول.

7- طريق الكباش له تاريخ كبير بـ"عيد الأوبت" الفرعوني، الذي كان يطلق عليه "مهرجان الأوبت"، وهو احتفال مصري قديم كان يقام سنوياً في "طيبة"، الأقصر حالياً، في عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة "آمون وموت" وابنهما "خونسو" متخفين عن الأنظار، داخل مراكبهم المقدسة، في موكب احتفالي كبير، من معبد "آمون" في الكرنك، إلى معبد الأقصر، في رحلة تمتد لأكثر من كيلومترين، وما يتم إبرازه في هذا الطقس، هو لقاء "آمون رع" من الكرنك مع "آمون" الأقصر.

8- يصل طول طريق الكباش لمسافة 2700 متر، ويضم عدة تماثيل على الجانبين بطول الطريق، من معبد الأقصر وحتى مجمع معابد الكرنك، حيث يضم "كباش الأسرة الـ18"، وهي من البوابة رقم 10 بمعبد الكرنك جنوباً، إلى بوابة معبد "موت" شمالاً، وهي تماثيل كباش برأس الإله "آمون رع" بمسافة 350 متراً، بإجمالي 130 تمثالاً، 66 شرقاً و64 غرباً، ويضم "كباش بوابة خنسو"، بإجمالي 114 تمثالاً، وبذلك يبلغ إجمالي تماثيل الأسرة الـ18 على طريق الكباش 244 تمثالاً.

9- يضم طريق الكباش أيضاً كباش الأسرة الـ30، وهي تماثيل أبو الهول، وترجع لعصر الملك "نختنبو الأول"، من معبد "موت"، حتى التقاطع غرباً، بمسافة 200 متر، بإجمالي 62 تمثالاً، ومن التقاطع غرباً إلى شارع المطار جنوباً، بإجمالي مسافة 475 متراً، تضم 178 تمثالاً، ومن مكتبة مصر العامة إلى شارع المطار حتى شارع المطحن، بمسافة 620 متراً، وتضم 200 تمثالاً، وكذلك 14 تمثالاً آخرين من المحتمل أن تكون أسفل شارع المطحن، ليصبح الإجمالي 214 تمثالاً، ومن شارع المطحن حتى كنيسة العذراء، بمسافة 225 متراً، بإجمالي 79 تمثالاً، فضلاً عن 5 قواعد أخرى من شارع "توت عنخ آمون"، ليصل إجمالي التماثيل 84 تمثالاً، ومن كنيسة العذراء إلى مبنى السنترال، بمسافة 383 متراً، بإجمالي 146 تمثالاً، ومن السنترال حتى مدخل معبد الأقصر، بمسافة 347 متراً، بإجمالي 130 تمثالاً، ليصبح إجمالي ما تم ترميمه 1058 تمثالاً، لكل من "آمون رع" و"أبي الهول"، خلال الفترة الماضية. 

10- أبرز العوائق التي كانت تقف أمام استكمال المشروع هي مساكن منطقة "نجع أبو عصبة"، الواقعة على طريق الكباش، حيث سعى محافظ الأقصر الأسبق، سمير فرج، لاستصدار قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1408 لسنة 2005 بنزع ملكية 130 منزلاً من العقارات المتداخلة في مسار الطريق، على أن يتم كشف كل الطريق وبناء سور حوله، وتحويل المنطقة إلى متحف مفتوح، وتم تعويض المضارين بشكل عادل، نظير ملكياتهم المنزوعة، كونها آخر محطة لكشف الطريق.

11- فور قيام ثورة يناير توقفت جميع أعمال النزع، إلى أن عادت المحافظة خلال العامين الماضيين، لتستكمل أعمال كشف الطريق وإزالة مساكن "نجع أبو عصبة"، لتعلن انتهاء 90% من المشروع، مع الإشارة إلى إمكانية افتتاحه خلال العام الجاري، ليعيد الأقصر إلى رونقها الفرعوني مرة أخرى.

12- تضمن مشروع كشف طريق الكباش إزالة 5 مساجد، كانت مقامة فوق الطريق، أبرزها مسجد "المقشقش" التاريخي، الذي كان يقع شمال معبد الأقصر، وتمت إزالته في عام 2010، ضمن أعمال الكشف عن طريق الكباش، بعد مرور نحو 350 عاماً على بناء المسجد.

13- في عام 2008 نشبت أزمة كبيرة بين مديرية أوقاف الأقصر والمجلس الأعلى لمدينة الأقصر، بشأن إزالة المساجد القديمة، من أجل طريق الكباش، وقت الإعلان عن إحياء المشروع.

14- أرسلت مديرية الأوقاف بالأقصر خطاباً شديد اللهجة إلى الدكتور سمير فرج، تطالبه بعدم إزالة أي مسجد داخل المدينة، إلا فى حالة حاجة المدينة الملحة لأرض المسجد، كما في حالة مسجدي "المقشقش" و"الوحشي"، وتوفير أرض بديلة لبناء مسجدين وتشييدهما وتشطيبهما وإقامة الشعائر بهما أيضاً، شريطة الموافقة على هدم المسجدين التي تحتاج المدينة لأرضهم.

15- مسجد "المقشقش" قبل إزالته لم يكن مسجّلاً في عداد الآثار الإسلامية والقبطية، رغم مرور 350 عاماً على بنائه، وقام الدكتور سمير فرج بالاتفاق مع وزارة الأوقاف على إزالة المسجد، ونقله خلف أحد الفنادق الشهيرة بذات المنطقة، ضمن خطة تحويل الأقصر إلى متحف مفتوح.

16- تم هدم مسجد "الوحشي" وبناء آخر جديد خلف نقابة المعلمين بمنطقة المنشية صغير الحجم، كما تم هدم مسجد "السيدة زينب"، ومساجد "المحكمة القديمة والسبتية والبهاجة"، لوجودهم فوق طريق الكباش.

17- يرجع قرار إزالة الكنيسة الإنجيلية بالأقصر، إلى عهد الدكتور سمير فرج، الذي كان اتفق وقيادات الكنيسة على إقامة كنيسة بديلة، تم إنشاؤها بالفعل في شارع "سيالة بدران"، بالقرب من منطقة "القراريش".

18- يُعد "نجع أبو عصبة" المرحلة الأخيرة والأبرز التي تمت إزالتها لإعادة الكشف عن طريق الكباش، ليشهد تنفيذ المشروع إزالة ما يزيد على 400 منزل، على طول الطريق، كان آخرها في شهر رمضان قبل الماضي.

19- بلغت التكلفة الإجمالية لما تم تنفيذه من أعمال بالمشروع خلال السنوات الماضية، حوالي 620 مليون جنيه، ومازال يتطلب حوالي 233 مليون جنيه أخرى للانتهاء من المشروع.

20- تم إنشاء كوبري على طريق الكباش يربط بين غرب المدينة وشرقها ويرى من عليه تماثيل الكباش، بتكلفة إجمالية 30 مليون جنيه. 

وبعد الانتهاء من أعمال مشروع كشف طريق الكباش، يبقى السؤال الأبرز هو: كيف سيفيد هذا الطريق القطاع السياحي في الأقصر؟

الدكتور مصطفى الصغير، مدير معبد الكرنك والمشرف على مشروع إحياء طريق الكباش، يقول إن المشروع في البداية يدعم حماية التاريخ التراثي من الاندثار المحيط بتلك البقعة الأثرية الممتدة من معبد الأقصر إلى الكرنك، خاصة بعد أن امتدت أيادي العمران وشبكات الصرف الصحي المتهالكة لها مما كان سيتسبب في تدميرها على المدى البعيد.

ويؤكد "الصغير" أن مشروع كشف وإحياء طريق الكباش يعتبر نقلة حضارية وأثرية كبيرة تساهم في إثراء القطاع السياحي خلال الفترة المقبلة، خاصة عند استغلاله عقب الانتهاء من كشفه وإحيائه، والاستفادة من تنفيذ مشروعات سياحية كبيرة على جانبيه، مع إنارة معبدي الكرنك والأقصر ليلاً والسماح للسائحين بالزيارة والتجول في المعبدين بأوقات ممتدة حتى الساعة 12 مساء، ما يجعله يمثل نقلة نوعية كبيرة لمدينة الأقصر السياحية.

محمود الطيب، عضو جمعية المرشدين السياحيين بالأقصر، يشير إلى إمكانية الاستفادة من الطريق من خلال التفكير في تشييد ممشى سياحي علوي جلاس ووك أو سكاى ووك يعلو طريق الكباش ويكون مخصص للمشاة فقط ذو أرضية وأسوار جانبية زجاجية (للحفاظ على البيئة المحيطة وملاءمتها للآثار وإضفاء اللمسة الجمالية و لسهولة الرؤية والتقاط الصور والفيديوهات) ويكون الممشى العلوى باعتباره مزارا حديثا متاحا للسائحين بعد سداد رسوم للزيارة ومنحهم قفازات أرجل قماشية أو بلاستيكية لارتدائها فوق الأحذية لحماية الأرضية الزجاجية والمحافظة عليها.

وتابع الطيب أن أمر إنشاء جسر يعلو الطريق يساهم في طول مدة إقامة السائح وزيادة عدد الليالى السياحية معدلات إنفاق السائحين وبالتالى زيادة الإيرادات السياحية، ما يحقق طفرة في زيارة معابد وآثار الأقصر ليلاً مع ارتفاع درجات الحرارة نهارا، فضلا عن أنه من الممكن تزويد الممشى العلوى بالمطاعم على طول الممشى حيث إن عرضه قد يسمح بذلك لملاءمته لعرض طريق الكباش ذاته، ومنظره الساحر.

ويلفت محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بالأقصر، إلى أنه يمكن الاستفادة من طريق الكباش في إقامة الاحتفالات والمهرجانات السياحية المعاصرة -أسوة بحياة المصرى القديم- وذلك من خلال إقامة العديد من المناسبات بين الحين والآخر على مدار العام، وسوف يكون ذلك بمثابة إحياء للمدينة بشكل عام وللسياحة الثقافية على وجه الخصوص، خاصة أنه سوف يمكن للسائحين ولأول مرة التمتع بكل المناسبات المقامة في الأقصر. 


مواضيع متعلقة